اتصل بنا
 

تشخيص حالة 'حسن النوايا'

كاتب وصحافي اردني

نيسان ـ نشر في 2023-12-28 الساعة 08:06

نيسان ـ يخوض الأردن حربه الشرسة ضد تهريب المخدرات والأسلحة، وهي حرب لم تعد أبعادها أمنيّة بل عسكرية بكامل مواصفاتها القتالية المحترفة، فالعدو هنا يحاول اختراق الحدود السيادية بمعدات عسكرية متقدمة.
المخدرات تنتشر في الأردن، وليس من مصلحة أحد أن ينكر ذلك، لأن الانتشار واضح والإدمان بين الشباب صار ظاهرة مقلقة.
الأسلحة كذلك، والسلاح موجود في الثقافة الشعبية الأردنية كحالة تفاخر مما يجعل حضوره وتهريبه أكثر سهولة، لكن الأسلحة المهربة تتجاوز ما يتفاخر به البعض من مقتنيات الأسلحة، مما يعني مخططا لتحويل الأردن نفسه إلى ساحة قابلة للانفجار.
هناك أيضا تهريب مختلف نوعيا يتعلق بتهريب البشر، خلايا بشرية وذئاب منفردة تحمل فكرا إرهابيا تتستر باللجوء الإنساني لتنزرع في تفاصيل المدن والحواضر وتبحث عن بؤر القهر والفقر والغضب "الممزوجة بالمخدرات" لنجد أنفسنا أمام تشكيل "حشاشين" عصري جاهز للفتك والقتل والتدمير.
هذا كله أعباء عسكرية، يحملها الجيش العربي على تلك الحدود الشاسعة والممتدة في العراء شمال وشرق المملكة، أعباء تحمل تفاصيل استنزاف يومي للجهد والوقت والمال والتقنيات المحدثة بتسارع للرصد والمراقبة واصطياد عمليات التهريب التي تتطلب مواجهات عسكرية بذخيرة حية وتبادل إطلاق نار يحمل فيما يحمل احتمالات كلفة بشرية أيضا.
طيب، من العدو هنا؟
كل من يملك السيطرة خلف خط الحدود الأردنية على الأرض هو العدو، وهنا نتحدث عن مزيج من قوى متطرفة من عصابات جهادية سلفية "تتاجر بقضية فلسطين" وميليشيات إيرانية "تتاجر بقضية فلسطين"، وبقايا دولة سورية "ما تزال تتاجر بقضية فلسطين"، وكلهم يتاجرون فعليا بالمخدرات والأسلحة والبشر.
تلك العصابات الجهادية السلفية لم تقدم شيئا سوى العدمية والموت للأبرياء طوال مسيرتها الدموية، وإيران في آخر تحديث على لسان متحدث باسم الحرس الثوري فيها حاول تجيير عملية طوفان الأقصى لطهران مدعيا أن العملية برمتها انتقام لمقتل قاسم سليماني مع أنني سمعت عيانا من قيادي حمساوي في العاصمة الأردنية نقدا للموقف الإيراني الذي يريد اختطاف الموجة القيادية دوما، ودمشق التي أشبعتنا طبلا وتزميرا حول فلسطين أبادت مخيم اليرموك الفلسطيني في قمعها الوحشي لانتفاضة السوريين حتى أن السيناريو السوري في الإبادة صار نموذجا لإسرائيل تعتمده في غزة.
تلك حرب واضحة، موازية لحرب إعلامية مضللة يتم فيها حشو الخطاب العاطفي المتاجر بالقضية والمتخم بمفردات التقديس الديني والمزدحمة بأوهام ترسيخ فكرة المؤامرة الكونية، فيتلقفها متلق مهزوز الوعي وهم كثر في مجتمعاتنا لأسباب كثيرة أولها رداءة التعليم وضعف منظومة الإعلام المحترف في الدولة الأردنية، وينتهي هذا المتلقي "مهزوز الوعي" بالتشكيك في موقف دولته الأردنية. تلك أول ضربات معول الهدم في عملية التقويض.
الزميل الكاتب والصديق سامح المحاريق اجترح تسمية "الطابور السادس"، وفرقهم عن "الطابور الخامس" بفرق حسن النوايا الذي يحمله هؤلاء وهم مشحونون بالعاطفة والقهر واليأس.
مشكلتنا بحسن النوايا وكماقيل قديما، أن الطريق إلى الجحيم مرصوف بها.
الدستور

نيسان ـ نشر في 2023-12-28 الساعة 08:06


رأي: مالك عثامنة كاتب وصحافي اردني

الكلمات الأكثر بحثاً