اتصل بنا
 

حرب عالمية ثالثة تقودها روسيا .. كيف ؟

نيسان ـ نشر في 2024-01-18 الساعة 10:25

نيسان ـ لقد ولدت روسيا قيصرية في عهد ايفان الرابع 1547 و الكسندر الثاني 1881 ، و تمنكت من التوسع و صناعة ما يعرف اليوم بسيبيريا ، وسجل التاريخ القديم عليها بيع اقليم " الاسكا " لأمريكا لأسباب اقتصادية عام 1867 ، و لم تطالب به روسيا السوفيتية و لا المعاصرة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 و اعتبر من طرفهم حالة بيع و شراء . وسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى 1914/ 1918 يعود لحادثة اغتيال ولي عهد النمسا فرانز فرديناند وزوجته من قبل طالب صربي اسمه غافر عام 1914 ، وبسبب قصف النمسا المجر للعاصمة الصربية بلغراد، والنازية الألمانية و دول المحور بقيادة أدولف هتلر هم من بدأوا الحرب العالمية الثانية عامي 1939 / 1941 ،وهو الذي أثبت صحته البروفيسور النائب الروسي فيجيسلاف نيكانوف في كتابه " من بدأ الحرب ؟ " .
وأول دولة عظمى استخدمت السلاح النووي فور صناعته نهاية الحرب العالمية الثانية 1945 ضد اليابان في حادثتي " هيروشيما و ناكازاكي " كانت الولايات المتحدة الأمريكية ،وكادت أن تكرر الضربة للاتحاد السوفيتي عام 1949 لولا اكتشافها صنعه لقنبلة مماثلة وقتها، ولم يستخدم الاتحاد السوفيتي الترسانة النووية يوما وحتى الساعة منذ الاختراع الأول . و تمسك بجزر " الكوريل " بعد مهاجمة اليابان له نهاية الحرب الثانية ، وكذلك روسيا المستقلة لم تفرط بهن واعتبرته أمرا سياديا ، لذلك انحازت اليابان الى جانب أمريكا في حربيها ضد روسيا عبر " كييف " عامي 1922 / 1924 ، ومع إسرائيل ضد حماس و العرب عامي 1923/ 1924 .
وروسيا الاتحادية اليوم دولة فوق نووية بهيئة قطب عملاق مساحتها هي الأكبر عالميا ، حيث تتجاوز 18 مليون كليومترا مربعا ، و هي متطورة على مستوى السلاح التقليدي نوعا و كما ، و كذلك على مستوى التكنولوجيا الدقيقة ذات العلاقة بالأسلحة ومنها النووية و التقليدية ، و على مستوى الصناعات النووية السلمية و غزو الفضاء، و هي الخامسة في الاقتصاد عالميا ، و تشارك في تحالفات اقتصادية عملاقة مثل " اتحاد الدول المستقلة ، و شنغاهاي ، و البريكس الذي ستقود أعماله هذا العام 2024 ، و توجه دول و أقطاب العالم صوب التعددية و للعزوف عن أحادية القطب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وثمة مسافة واضحة من النقطة صفر بين أحادية القطب بعد انهيار الاتحاد السوفيتي و بين تعددية الأقطاب بعد اندلاع العملية الروسية الخاصة الدفاعية التحريرية الإستباقية بتاريخ 24/ شباط 2022 . ففي الوقت الذي تحرص فيه أمريكا و معها الغرب على التغول على اقتصادات العالم ، و الهيمنة على أركانه ، تتوجه لتعددية الأقطار للتعامل مع كافة الأقطاب العالمية غربا وشرقا و جنوبا من زاوية الند للند .
ليس من استراتيجية روسيا الاتحادية السياسية و العسكرية و الأمنية القومية الذهاب لحرب عالمية ثالثة ، ولا تخطط لمثل هكذا توجه غير مسؤول، لكنها لن تبقى صامته لو فرضت الحرب عليها مباشرة و حتى لو كانت تقليدية ، و ردها سيكون أسرع من الصوت أكيد وفي حالة المساس بأمن الحلفاء، ولقد قالها الرئيس فلاديمير بوتين يوما ، و منذ فترة قصيرة ، بأنه لو تم توجيه السلاح التقليدي حتى تجاه بلاده روسيا ، فإنها ستقابل مصدر النيران بمائة صاروخ نووي بعد التأكد سريعا من الجهة المعتدية، وهذا يعني بأن القوة النووية الروسية العملاقة هي رادعة فقط ، و مهاجمة عندما ينادي الوطن الروسي ويعتدى عليه خارجيا من أية جهة ماعدا دول المنظومة السوفيتية السابقة و منها جورجيا و أوكرانيا " كييف " التي تعاملت معهما و لازالت بالسلاح التقليدي .
لسيت روسيا التي تضمر الشر للتحالف الغربي – الأمريكي ، و انما العكس تماما ، فالمكر صفة ملتصقة بأمريكا و غربها . و لقد أقامت روسيا السوفيتية و المعاصرة علاقات حميدة مع الغرب ، و زيارات بينهما رفيعة المستوى ، و اتفاقية مينسك ، و الرباعية الدولية ، و جلسات جنيف شهود عيان . ولقد بادرت روسيا لمد يدها لأمريكا و الغرب في بداية عهد الرئيس بوتين و بحضور الرئيس الأمريكي بيل كلينتون لدمج روسيا بحلف ( الناتو ) بهدف لجم سعير الحرب الباردة و سباق التسلح ،و ليعم السلام العالم ، و التنمية الشاملة كذلك، وكلنا نعرف في المقابل بأن حلف ( وارسو ) تم تفكيكه عام 1991 تزامنا مع انهيار الاتحاد السوفيتي ، و بقيت روسيا تناضل وحدها و تساندها الدول المستقلة عن الاتحاد ، و تجذف صوب عالم خالٍ من أحادية القطب و تسوده أقطاب متعاونة اقتصاديا و رافضة للعنف و الحروب و الاحتلالات .
وليست روسيا من بدأت الحرب التي يطلق عليها تضليلا " الأوكرانية " ، و انما حراك التيار البنديري المتطرف و نظام " كييف " السياسي المشابه له ، و بالتعاون مع الغرب الأمريكي و أجهزتهم الأستخبارية . و تعتبر أمريكا و بريطانيا الأشد عدوانا لروسيا و للعرب أيضا وسط منظومة " الناتو " المحاربة لروسيا بالوكالة و مباشرة الى جانب إسرائيل في غزة و ضد الحوثيين أهل الفزعة . و لديهما و مع دول " الناتو " جاهزية الأنقضاض على أية دولة عربية و على ايران حالة توسع الحرب في منطقتنا، ونراهم يفشلون في حربهم مع روسيا بالوكالة، ولقد استنزفوا معا خزائن الغرب المالية و بحجم تجاوز مئتي مليار دولار في حربهم الأوكرانية الخاسرة ، و لا زالوا ينفقون المال الأسود و لكن بكميات أقل بكثير بسبب تفرغهم للحرب في غزة لجانب إسرائيل الاحتلالية الاستيطانية العدوانية .
والموقف الروسي من حرب غزة كان ولازال أكثر نظافة من موقف الغرب الأمريكي ، و يكفينا مبادرة روسيا عبر مجلس الأمن للدعوة لوقف الحرب فورا ، و هو الذي قوبل بفيتو أمريكي مشين رافض، ودعت موسكو بعد استضافتها حماس و الجهاد لحوار مع إسرائيل ، و لم تعتبرهما الا حركات تحرر و أيدولوجيا ، و لم تصنفهما في دائرة الارهاب كما فعلت إسرائيل و كما فعل الغرب الأمريكي مجتمعا .ووجهت روسيا ومعها الشيشان مساعداتهما الانسانية لأهل غزة أهلنا، وتقف روسيا بصلابة الى جانب ضرورة مغادرة إسرائيل لحدود الرابع من حزيران وفقا للقانون الدولي و قراره 242، و تساند قيام دولة فلسطين و عاصمتها القدس الشرقية الى جانب إسرائيل بهدف نشر الاستقرار ، و لضمانة حق العودة و لتجميد الاستيطان غير الشرعي .
ولقد وقع الرئيس بوتين بتاريخ 2/ نوفمبر / 2023 على قانون الغاء التصديق على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية ، بعد موافقة مجلس الاتحاد الروسي على الالغاء ، وهي المعاهدة التي انضمت اليها روسيا عام 1996 وصادقت عليها عام 2000 و التي تحظر كل التجارب النووية في أي مكان في العالم في الجو و الفضاء و تحت الأرض وتحت الماء و التي لم يتم تطبيقها نظرا الى عدم انضمام عدد من الدول النووية الرئيسية اليها و ابرزها الولايات المتحدة الأمريكية و الصين و كوريا الشمالية و إسرائيل، والسبب وجود تهديد للمصالح الوطنية الروسية عبر اصرار أمريكا و أوكرانيا على رفض المسار السياسي ، و زيادة الدعم العسكري لأوكرانيا ، و تنفيذ ( الناتو ) لمناورات عسكرية نووية ، و زيادة الأنفاق العسكري للناتو .
وختام الحديث هنا، هو بأن روسيا لا تقبل "بالحيط الواطي" و تتعامل مع الغرب الأمريكي ومع الناتو بالذات وجها لوجه وند يقابل الند، وأمن العالم بالنسبة لها خط أحمر، وهكذا يجب أن يكون بالنسبة للغرب ولكل دول العالم وسط النادي النووي ..

نيسان ـ نشر في 2024-01-18 الساعة 10:25


رأي: د.حسام العتوم

الكلمات الأكثر بحثاً