حصاران بينهما زمن – ليننغراد وغزة
نيسان ـ نشر في 2024-01-31 الساعة 11:19
نيسان ـ لقد وصف رئيس الاتحاد الروسي فلاديمير بوتين حصار قطاع غزة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وهو الذي بدأ منذ عام 2006 ولا زال مستمرا بحصار ليننغراد، عندما بدأت إسرائيل بمحاصرة القطاع وتركه من دون ماء وكلاء الى جانب هدم بيوته ، والتنكيل بمواطنيه ، وقتلهم عمدا ، وسجنهم ، وتعذيبهم . وبطبيعة الحال تعتبر إسرائيل حماس وصنوف المقاومة الفلسطينية والعربية ارهابية ، وتصنف ذاتها بالنبيلة. وحديثا استلم نتنياهو المتطرف نسخة من كتاب " كفاحي" لأودلف هتلر عثر عليه جنوده في إحدى بيوت الفلسطينيين ، ويتعجب مذهولا بأن الفلسطيني يقرأ عن هتلر، وهو الأمر الذي يخيفه، وعكس له المسار التربوي لأصحاب الأرض والقضية العادلة ، الذي يواجههم بالنار، ولا يرى نفسه بالمرآة هتلر. ويتناسى نتنياهو إسرائيله التي ولدت من رحم منظمات ارهابية عرفها التاريخ مبكرا مثل ( شتيرن ، والهاغاناه ، والأرغون ) ، وبأنها صناعة صهيونية مرتبطة بفكر ثيودور هرتزل الصحفي اليهودي المتطرف من وسط مؤتمره في بال في سويسرا عام 1897 . وبأن اليهود عابرين في المنطقة عبر ثمانين عاما ، ارتحلوا اليها ولم يولدوا فيها كما الكنعانيين منذ 7000 عام قبل التاريخ ( كتاب عبد الفتاح مقلّد. الكنعانيون وتاريخ فلسطين القديم) .
لقد زار رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين قبل أيام ميدان أضرحة شهداء حصار ليننغراد / سانت بيتر بورغ حاليا بمناسبة مرور ثمانين عاما على واقعة تحرير المدينة بعدما حاولت النازية الألمانية البقاء فيها في محاولة لإقتحام العاصمة موسكو أيضا. وألقى بوتين خطابا جماهيريا بحضور الرئيس البيلاروسي الكسندر لوكاشينكا في المناسبة التي تحدث فيها لوكاشينكا أيضا، وتركز الحديث المشترك على العمل البطولي للاتحاد السوفيتي في تحرير المدينة التي عانت من نازية شرسة نتيجة الحصار الذي لم يشهده التاريخ المعاصر من قبل.
وشخصيا زرت ميدان أضرحة ليننغراد صيف العام الماضي وأدهشني المكان الذي يحتضن أكثر من نصف مليون شهيد ( 800 الف ) معظمهم غادروا الحياة جوعا ومنهم من قتلهم رصاص النازية على مدى (872) يوما بين عامي 1941 و 1944 . وهنا تحضرني حرب غزة التي أرادت من وسطها حماس حركة التحرر والأيدولوجيا أن تعبر في السابع من أكتوبر 2023 عن المعاناة والاضطهاد والاستفزاز والقتل والتشريد للفلسطينيين على مدى 75 عاما وهدم بيوتهم ، والتطاول على الأقصى المبارك قبلة المسلمين في كل العالم . وقوبلت بهجمة إسرائيلية نازية أودت حتى الساعة بحياة حوالي 27 ألف شهيد فلسطيني جلهم من الأطفال ، واقتياد للأسرى الفلسطينيين عراه .
وعكست حرب ابادة مقصودة تنكر لها نتنياهو وليكوده المتطرفان ، وكانت لهم محكمة العدل الدولية بالمرصاد بجهد شجاع لجنوب أفريقيا انضم اليه الأردن ، ثم العرب لاحقا .
والفرق في المشهدين السوفيتي في حادثة ليننغراد ، والعربي في حادثة غزة واضح وكبير . فلقد انتصر السوفييت موحدين لليننغراد وجهد زعيمهم العسكري جوزيف ستالين وقائد جيشه جيورجي جوكوف في تحقيق نصر كاسح على النازية الألمانية كبير وواضح ، وقدموا معا أكثر من 28 مليون شهيد . وفي غزة سجل الطوق العربي المطل على فلسطين وعلى ما يسمى بإسرائيل وقفة سياسية ودبلوماسية وإنسانية كبيرة مع أهل فلسطين ولإيقاف الحرب فورا كونها الحقت الضرر بالإنسان الفلسطيني. وجهود جلالة الملك عبد الله الثاني في تطويق الحرب على غزة لازال متميزا ، ولقد جاب المحافل المحلية والإقليمية والدولية دفاعا عن أهل فلسطين أهلنا ، وقضيتهم العادلة مطالبا بحل الدولتين وصولا لدولة فلسطينية كاملة السيادة تكون القدس الشرقية عاصمة لها مع تجميد المستوطنات وضمانة حق العودة . ويطالب الخطاب الأردني الرسمي ومن خلال جلالته إسرائيل بتنفيذ قرار الأمم المتحدة 242 القاضي بمناداة إسرائيل بمغادرة الاراضي العربية التي احتلتها عام 1967 .
وفي حالة حصار ليننغراد وحرب النازية الألمانية على الاتحاد السوفيتي غلب طابع التصدي العسكري السوفيتي المشترك للهجمات النازية الألمانية. وفي حالة حرب غزة انفردت إسرائيل الشريرة بقتال حماس حركة التحرر العربية الفلسطينية والأيدولوجيا الباسلة ، قالبة حقيقة الحرب رأسا على عقب، ومعتبرة أن حماس هي من بدأت الحرب ، وليس هي منذ نهاية أربعينيات القرن الماضي . والحرب ، أية حرب لا تقاس بحدية الأنفجار المفاجيء فقط على قاعدة الضغط يولد الإنفجار ، فالتاريخ المعاصر شاهد عيان على جرائم إسرائيل المتكررة بحق العرب والفلسطينيين . ولقد أشغلت المقاومة العربية المرتبطة عسكريا ولوجستيا بإيران مثل ( حزب الله والحوثيين) إسرائيل نعم ، وتركت ايران قرار الحرب للمقاومة فقط ، لكن المطلوب الآن وقفة جامدة لجامعة الدول العربية ، وللدول العربية التي وقعت السلام مع إسرائيل ، وحتى عبر لقاء نتنياهو في مكان محايد لوقف حرب غزة التي طالت المواطنين الفلسطينيين غير حاملي السلاح ، وتوصيل رسالة واضحة له مفادها بأنه يستحال على إسرائيل تصفية حماس والقضية الفلسطينية ، وبأن لا سلام في المنطقة من دون اقامة الدولة الفلسطينية الموكونة من الضفة الغربية وغزة وعاصمتها القدس الشرقية .
لا نريد نحن العرب لإسرائيل أن تتمادى لتحرر غزة والضفة الغربية من الفلسطينيين ولأن تعمل على تهجيرهم قسرا ، ونرفض اعلانها ابادة حماس والمقاومة الفلسطينية ، ولا حتى نعتها بالإرهاب . فهي ، وهم ، حركات تحرر مناضلة وصوت فلسطين الصادق . وما نريده تحديدا هو تحرير فلسطين وبلاد العرب من النازية الإسرائيلية التي دمرت البشر والحجر . وشعار القومية العربية والزعيم جمال عبد الناصر " ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة " خاصة بعد حرب الإبادة الإسرائيلية لفلسطينيي قطاع غزة ليس بعيدا عن العرب وقد يعود ثانية وإن استبدلوه مؤقتا بالسلام والصمت المراقب . وكل شهيد على ارض فلسطين هو نبتة مقاومة من جديد . و( الناتو) الذي فشل في اسناد تطرف نظام " كييف " وتياره البنديري المماثل في حربه السرابية ضد روسيا وبهدف فصل الصين عنها ، سيفشل لا محالة في اسناد الظلم الاحتلالي والاستيطاني الإسرائيلي على الفلسطينيين والعرب وفصل ايران وروسيا عنهم .
لازالت إسرائيل تقدم الحرب على السلام ، وتريد للعرب سلاما معها على مقاسها . وتقنع دول ( الناتو ) بأنها المحتلة والمستوطنة على حق ، وبأن العرب على باطل . وحركة التاريخ بدأت تجذف صوب عالم متعدد الأقطاب ، ووهج آحادية القطب ماضية الى زوال لا محالة . وللحديث بقية والقلم لا يجف حتى ينتصر الحق على الباطل.
لقد زار رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين قبل أيام ميدان أضرحة شهداء حصار ليننغراد / سانت بيتر بورغ حاليا بمناسبة مرور ثمانين عاما على واقعة تحرير المدينة بعدما حاولت النازية الألمانية البقاء فيها في محاولة لإقتحام العاصمة موسكو أيضا. وألقى بوتين خطابا جماهيريا بحضور الرئيس البيلاروسي الكسندر لوكاشينكا في المناسبة التي تحدث فيها لوكاشينكا أيضا، وتركز الحديث المشترك على العمل البطولي للاتحاد السوفيتي في تحرير المدينة التي عانت من نازية شرسة نتيجة الحصار الذي لم يشهده التاريخ المعاصر من قبل.
وشخصيا زرت ميدان أضرحة ليننغراد صيف العام الماضي وأدهشني المكان الذي يحتضن أكثر من نصف مليون شهيد ( 800 الف ) معظمهم غادروا الحياة جوعا ومنهم من قتلهم رصاص النازية على مدى (872) يوما بين عامي 1941 و 1944 . وهنا تحضرني حرب غزة التي أرادت من وسطها حماس حركة التحرر والأيدولوجيا أن تعبر في السابع من أكتوبر 2023 عن المعاناة والاضطهاد والاستفزاز والقتل والتشريد للفلسطينيين على مدى 75 عاما وهدم بيوتهم ، والتطاول على الأقصى المبارك قبلة المسلمين في كل العالم . وقوبلت بهجمة إسرائيلية نازية أودت حتى الساعة بحياة حوالي 27 ألف شهيد فلسطيني جلهم من الأطفال ، واقتياد للأسرى الفلسطينيين عراه .
وعكست حرب ابادة مقصودة تنكر لها نتنياهو وليكوده المتطرفان ، وكانت لهم محكمة العدل الدولية بالمرصاد بجهد شجاع لجنوب أفريقيا انضم اليه الأردن ، ثم العرب لاحقا .
والفرق في المشهدين السوفيتي في حادثة ليننغراد ، والعربي في حادثة غزة واضح وكبير . فلقد انتصر السوفييت موحدين لليننغراد وجهد زعيمهم العسكري جوزيف ستالين وقائد جيشه جيورجي جوكوف في تحقيق نصر كاسح على النازية الألمانية كبير وواضح ، وقدموا معا أكثر من 28 مليون شهيد . وفي غزة سجل الطوق العربي المطل على فلسطين وعلى ما يسمى بإسرائيل وقفة سياسية ودبلوماسية وإنسانية كبيرة مع أهل فلسطين ولإيقاف الحرب فورا كونها الحقت الضرر بالإنسان الفلسطيني. وجهود جلالة الملك عبد الله الثاني في تطويق الحرب على غزة لازال متميزا ، ولقد جاب المحافل المحلية والإقليمية والدولية دفاعا عن أهل فلسطين أهلنا ، وقضيتهم العادلة مطالبا بحل الدولتين وصولا لدولة فلسطينية كاملة السيادة تكون القدس الشرقية عاصمة لها مع تجميد المستوطنات وضمانة حق العودة . ويطالب الخطاب الأردني الرسمي ومن خلال جلالته إسرائيل بتنفيذ قرار الأمم المتحدة 242 القاضي بمناداة إسرائيل بمغادرة الاراضي العربية التي احتلتها عام 1967 .
وفي حالة حصار ليننغراد وحرب النازية الألمانية على الاتحاد السوفيتي غلب طابع التصدي العسكري السوفيتي المشترك للهجمات النازية الألمانية. وفي حالة حرب غزة انفردت إسرائيل الشريرة بقتال حماس حركة التحرر العربية الفلسطينية والأيدولوجيا الباسلة ، قالبة حقيقة الحرب رأسا على عقب، ومعتبرة أن حماس هي من بدأت الحرب ، وليس هي منذ نهاية أربعينيات القرن الماضي . والحرب ، أية حرب لا تقاس بحدية الأنفجار المفاجيء فقط على قاعدة الضغط يولد الإنفجار ، فالتاريخ المعاصر شاهد عيان على جرائم إسرائيل المتكررة بحق العرب والفلسطينيين . ولقد أشغلت المقاومة العربية المرتبطة عسكريا ولوجستيا بإيران مثل ( حزب الله والحوثيين) إسرائيل نعم ، وتركت ايران قرار الحرب للمقاومة فقط ، لكن المطلوب الآن وقفة جامدة لجامعة الدول العربية ، وللدول العربية التي وقعت السلام مع إسرائيل ، وحتى عبر لقاء نتنياهو في مكان محايد لوقف حرب غزة التي طالت المواطنين الفلسطينيين غير حاملي السلاح ، وتوصيل رسالة واضحة له مفادها بأنه يستحال على إسرائيل تصفية حماس والقضية الفلسطينية ، وبأن لا سلام في المنطقة من دون اقامة الدولة الفلسطينية الموكونة من الضفة الغربية وغزة وعاصمتها القدس الشرقية .
لا نريد نحن العرب لإسرائيل أن تتمادى لتحرر غزة والضفة الغربية من الفلسطينيين ولأن تعمل على تهجيرهم قسرا ، ونرفض اعلانها ابادة حماس والمقاومة الفلسطينية ، ولا حتى نعتها بالإرهاب . فهي ، وهم ، حركات تحرر مناضلة وصوت فلسطين الصادق . وما نريده تحديدا هو تحرير فلسطين وبلاد العرب من النازية الإسرائيلية التي دمرت البشر والحجر . وشعار القومية العربية والزعيم جمال عبد الناصر " ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة " خاصة بعد حرب الإبادة الإسرائيلية لفلسطينيي قطاع غزة ليس بعيدا عن العرب وقد يعود ثانية وإن استبدلوه مؤقتا بالسلام والصمت المراقب . وكل شهيد على ارض فلسطين هو نبتة مقاومة من جديد . و( الناتو) الذي فشل في اسناد تطرف نظام " كييف " وتياره البنديري المماثل في حربه السرابية ضد روسيا وبهدف فصل الصين عنها ، سيفشل لا محالة في اسناد الظلم الاحتلالي والاستيطاني الإسرائيلي على الفلسطينيين والعرب وفصل ايران وروسيا عنهم .
لازالت إسرائيل تقدم الحرب على السلام ، وتريد للعرب سلاما معها على مقاسها . وتقنع دول ( الناتو ) بأنها المحتلة والمستوطنة على حق ، وبأن العرب على باطل . وحركة التاريخ بدأت تجذف صوب عالم متعدد الأقطاب ، ووهج آحادية القطب ماضية الى زوال لا محالة . وللحديث بقية والقلم لا يجف حتى ينتصر الحق على الباطل.
نيسان ـ نشر في 2024-01-31 الساعة 11:19
رأي: د.حسام العتوم