اتصل بنا
 

روسيا وايران تحت الرماية الأمريكية .. لماذا؟

نيسان ـ نشر في 2024-02-07 الساعة 08:30

نيسان ـ قادت روسيا الاتحادية تشكّل الاتحاد السوفيتي عام 1922 بعدما انسحب عليها الطابع القيصري منذ عهد ايفان الرابع 1547 سابقا ، وتأسست الجمهورية الايرانية الإسلامية عام 1979 ، وأول ظهور رسمي للولايات المتحدة الأمريكية كان عام 1789 ، واستقلت روسيا عن الاتحاد السوفيتي عام 1991 وشكّلت اتحادا من الدول المستقلة للمحافظة على الجبهة الشرقية المواجهة للجبهة الغربية . وفي الزمن السوفيتي شكّل السوفييت والغرب ( أمريكا وبريطانيا ) حلفا واحدا مواجها للنازية الألمانية ، وكان الانتصار واحدا وساحقا. وأسسوا معا الأمم المتحدة عام 1945 ، لكن نزعة التفوق وعدم الاتفاق على تفوق الغير، أي الاتحاد السوفيتي المنتصر، دفع بأمريكا وبريطانيا للإنفصال وتشكيل حلف غربي سلاحه " الناتو " منذ عام 1949 في زمن تفكك فيه حلف " وارسو "مع انهيار الاتحاد السوفيتي 1991 ، بينما شهد العالم أو ظهور له عام 1955. وبطبيعة الحال لا علاقة لذلك الزمن بكتاب " الغموض " لأغاثا كريستي البريطانية الشهيرة.
ورغم الحرب الباردة وسعير سباق التسلح منذ الزمن السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية القطبان المتنافسان على زعامة العالم، الا أن العلاقات السياسية والدبلوماسية رفيعة المستوى كانت حاضرة عبر زيارات رئاسية متبادلة، واستمرت حتى في عهد روسيا الاتحادية المستقلة، وسبق للرئيس فلاديمير بوتين عام 2000 أن عرض على الرئيس الأمريكي بيل كلينتون ادخال روسيا في حلف " الناتو " للجم الحرب الباردة وسباق التسلح وليستقر العالم ، وليستتب السلام وليتحول الى تنمية شاملة تعم المعمورة . ولم تشفع جلسات " جنيف " وغيرها بين العملاقين الروسي والأمريكي في ديمومة .
العلاقات بينهما، وشكل ما سمي بالحرب الأوكرانية تضليلا ، بينما هي غربية – أمريكية – أوكرانية تمثل العاصمة " كييف " استهدفت سيادة أوكرانيا وروسيا معا. ولم تبدأ مع انطلاقة العملية / الحرب الروسية الخاصة الإستباقية الدفاعية التحريرية بتاريخ 24/ شباط / 2022 ، وانما وسط الثورات البرتقالية عام 2007، ووسط انقلاب " كييف " عام 2014 ، وتوغل اللوجستيا الأمريكية والغربية الى عمقهن ، وتحويل مسارهن (الاصلاحي) لصالح هدف الحرب الباردة وسباق التسلح الاستنزافي لأوكرانيا ولروسيا معا، لكن السماء استجابت وحولت الاستنزاف الى داخل عمق الغرب الأمريكي بعد صرفه على الحرب أكثر من مئتي مليار دولار ، سلاحا ومالا ، وتستمر في الصرف بلا هوادة، وعلى حساب خزائن الغرب المالية .
ومنذ اعادة روسيا لإقليم ( القرم ) الى عرينها عام 2014 من زاوية الأحقية التاريخية العائدة لزمن الحرب الروسية – العثمانية الثانية المنتصرة عام 1768 ، والذي يتمتع بموقع جيوستراتيجي هام لوقوف الاسطول الروسي النووي على أطرافه ، هاجت أمريكا ومعها الغرب بوجه روسيا ، وفشلوا معا في الوصول لمرحلة تحريره حسب اعتقادهم الخاطيء . واسشتاط الغرب الأمريكي غضبا وليس العاصمة " كييف " أيضا عندما حركت روسيا عمليتها الروسية الخاصة تجاه الدونباس – لوغانسك ودونيتسك ، وزاباروجا وخيرسون. وأحدث ضجيجا عالميا بهدف كسب تأييد دول العالم لتوجهه ، وتحقق له بعض ما أراد نسبة وتناسب، وبقيت روسيا متمركزة في خندقها، لتواصل التصدي لديمومة الحرب من طرف أمريكا تحديدا الى جانب الغرب عبر " كييف " ، ولم تتراجع سنتيمترا واحدا الى الخلف ، وعلى العكس ، فهي ، أي روسيا راغبة بتحرير المزيد لتحصين منطقة " الدونباس " الذي كلفها الكثير من الوقت ، وقدمت من أجله الشهداء .
وايران – جمهورية اسلامية شيعية - جعفرية التوجه ، وتتمتع بموقع استراتيجي هام، وهي مناهضة لأمريكا ولإسرائيل في العلن وماتخفيه الاسرار أمرٌ آخر، وداعمة لحركات التحرر العربية (حماس، وحزب الله في لبنان والعراق، والحوثيين، وعصائب الحق، وللنظام السوري) ، تضعها أمريكا كما روسيا تحت مرمى نيرانها بطريقة غير مباشرة بإستمرار بدلا من محاورتهما، وحرب أوكرانيا وغزة وحادثة منطقة "النتف" بعد مقتل ثلاثة جنود أمريكيين مثال حي ومباشر . وتلتزم كل من روسيا وايران بالإبقاء على قرار الحرب والقتال بيد حركات المقاومة رغم الدعم السياسي واللوجستي والعسكري والتقني لهم . وسوريا بالذات الأصل أنها محمية من قبل حليفيها روسيا وايران الا أنها تُقصف بإستمرار من قبل إسرائيل بسبب امتلاكها مواقعا عسكرية وأمنية لإيران وحزب الله . وفي مثل هكذا تصرف إسرائيلي غير مسؤول وأرعن اختراق لسيادة سوريا التي تعاني من اختراق أمريكي مماثل لإراضيها، وحضور عسكري من دون دعوة .
تصر أمريكا و"الناتو" على عدم فهم روسيا وتوجهاتها السياسية والعسكرية ، وتعتبرها مخترقة للقانون الدولي ، بينما لا ترى أمريكا وجهها في مرآة السياسة عندما قررت جر حلف " الناتو " خلفها لإسقاط بغداد عام 2003، واجتياح الربيع العربي في أكثر من مكان عام 2011، وقبل ذلك كوسوفو عام 1999، وعندما تستخدم الفيتو بمجلس الأمن خدمة للإحتلال الإسرائيلي في حربه المعلنة في غزة عامي 2023/ 2024، وتتسبب في رفع رقم شهداء فلسطين الى أكثر من 27 الفا ، الى جانب الجرحى والمعاقين ، والمشردين . وتعتبر كلا من روسيا وايران أعداء لها ، وعينها على معادات الصين الشعبية بعد التقرب منها ، واحداث شرخ بينها وبين تايوان ، وروسيا وايران . ومجرد تجذيف روسيا تجاه تشكيل عالم متعدد الاقطاب بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991و انطلاقة العملية العسكرية الخاصة عام 2022 أثار هيجان السياسة والإعلام الدولي الأمريكي ، ورفع من منسوب العداء لروسيا ولكل دولة تسير على ذات السكة في شرق وجنوب العالم .
وما دام يصعب الان احداث تغيير في سياسة وبوصلة أمريكا و" الناتو " ، فإن التوجه الروسي وأقطاب العالم تجاه التعددية القطبية أصبح حتمية تاريخية لا رجعة عنها. وتترأس روسيا هذا العام 2024 " البريكس " ، وهي عضو في " شنغاهاي " ، وفي اتحاد الدول المستقلة عن الاتحاد السوفيتي ، وتقيم علاقات واسعة مع شرق وجنوب العالم. وعلاقة روسيا بإيران قوية كما علاقتها مع الصين. والغرب بالنسبة لها لا يمثل كل العالم ، وهي حقيقة . وفي المقابل لاتوجد دولة على خارطة العالم خاصة العظمى منها من دون مصالح وطنية وقومية ، تلتقي ، وتختلف. وفي نهاية المطاف العالم بيت البشرية الواجب المحافظة عليه . وسلام ضعيف خير من حروب مدمرة صحيح .

نيسان ـ نشر في 2024-02-07 الساعة 08:30


رأي: د.حسام العتوم

الكلمات الأكثر بحثاً