اتصل بنا
 

الاحتمالات المفخخة

كاتب وصحافي اردني

نيسان ـ نشر في 2024-02-08 الساعة 08:22

نيسان ـ مقلق ما يحدث في الضفة الغربية وما يرد من أخبار منها وعنها.
التهجير مكتوم الصوت وبتواطؤ دولي لا يبرزه في الإعلام كانتهاك جسيم لكل الحقوق الدولية والقوانين، ومقابل ذلك سلطة حكم تصر على أنها تمثل الشعب الفلسطيني وحيدة بشرعيتها تلك، فقدت كل شرعية وتمارس لا القمع البوليسي بالوكالة ولا السيطرة الأمنية بل فسادا يتمأسس في وضع اليد على الأملاك والثروات وتوزيعها بمنهجية المحسوبية الضيقة، وهذا يصب في مصلحة سياسة التهجير التي تتبعها إسرائيل.
هناك قصص وحكايات أغلبها يتم النظر فيه قضائيا خارج الأراضي المحتلة تمنعنا "مرحليا" من الحديث عنها لكنها تعكس كارثة قانون الغاب أو بالأحرى فوضى غياب القانون والسلطة والنظام في الضفة الغربية المحتلة، بينما يجري توسع استيطاني مغلف بشرعية القرار الحكومي الإسرائيلي على شكل مستوطنات غير شرعية صغيرة وجودها يرسخ مفهوم "الضم" غير القانوني كحالة واقعية، وتوسعها المستمر يجعل تفكيكها ضربا من ضروب المستحيل مما يعطل أي تصور سلمي قائم على دولة فلسطينية مستقلة ولو بالحد الأدنى على صيغة لوكسمبورغ.
هذه فوضى ممنهجة، ومخطط لها ولا يخدمها إلا الوقت المتسرب على شكل "وضع راهن" استمراره يكلف مزيدا من الدم المهدور بحملة إبادة وتهجير صامت لا يتحدث عنه أحد، وتوسع استيطاني يفرض الأمر الواقع ممزوجا كله بفساد "رسمي" فلسطيني لا يحقق فيه أحد.
اليمين الإسرائيلي "المنتخب ديمقراطيا ليحكم" يتوهم الاستفادة الكاملة دون تفكير بعواقب الانفجار الوشيك الذي سيكون أكبر بكثير من السابع من أكتوبر، وهو ما يلقي بكل ثقله على الإقليم والعالم.
يتحدث الجميع الآن – ومن جديد- عن حل الدولتين، وطروحات تحاول الابتكار إما على مقياس أوسلو أو خارج نص أوسلو بترتيبات مختلفة وجديدة، لكنها كلها لا معنى لها أمام الواقع الذي يتم تشكيله على الأرض في الأراضي المحتلة.
حين نحاول البحث عن أجوبة للأسئلة من زاوية الأردن، خط التماس الشرقي لكل ما يحدث غربا لا نجد إلا المحاولات المعلنة واليائسة لإنعاش الجثة التي تتفسخ مع مرور الوقت.
ما هي الخيارات الأردنية لكل الاحتمالات الممكن توقعها في أي انفجار قادم؟ وهل لدى الأردن تواصل مع شخصيات فلسطينية وازنة ومؤثرة خارج "صندوق السلطة" وقد انتهت صلاحيتها بكل رموزها المعروفة.
هل هناك استراتيجية أردنية واضحة تتجاوز النصوص الإنشائية المرتهنة للازمة "العلاقات الأخوية" وغيرها من إبر التخدير الوجداني؟
هل هناك قنوات خلفية ما يمكن الاطمئنان إلى وجودها؟ ولماذا لا يتم طرح مبتكر وشجاع على طاولة المجتمع الدولي يكشف كل مسرح الفوضى "الخلاقة" في الضفة الغربية كما في غزة؟
الشرق الأوسط كله بكل مشاريعه "التكاملية" المحتملة معرض للخطر في حال أي انفجار احتمالاته صارت وشيكة، ولا حل إلا كشف كل ذلك على طاولة مفتوحة امام العالم.

الغد

نيسان ـ نشر في 2024-02-08 الساعة 08:22


رأي: مالك عثامنة كاتب وصحافي اردني

الكلمات الأكثر بحثاً