اتصل بنا
 

ميليشيات تحكم دولها

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2024-02-13 الساعة 08:08

نيسان ـ تركيبة الدول في عقود سابقة كان فيها حروب أهلية أو تمرد أو قتال بين السلطة وقوى مسلحة معارضة، لكن الدولة في نهاية الأمر كانت هي الحاضرة وصاحبة الكلمة حتى لو فقدت بعض سطوتها وسيادتها في جزء من المراحل.
لكن في عالمنا العربي اليوم ظاهرة جديدة وهي وجود دولة لكن داخلها كيانات على شكل أحزاب أو ميليشيات هي التي تملك أمر الدولة في القضايا المفصلية، مثال ذلك لبنان الذي سمعنا مؤخرا من رئيس وزرائه ميقاتي قوله إن قرار الحرب والسلم في لبنان ليس بيد الدولة بل بيد حزب الله، فتوجهات الدولة مختلفة عن توجهات حزب الله، لكن الدولة لا تملك أن تعلن أو تمارس قناعتها السياسية تجاه مصير لبنان لأن الحزب هو من يملك القرار في أن يخوض الحرب أو لا يخوض، وعلى الدولة أن تدفع ثمن القرار.
والأمر ليس مقتصرا على الحرب بل على أمور مهمة كثيرة من تعيين رئيس للدولة أو اختيار رئيس وزراء أو قائد جيش، والغريب أن يكون للدولة اللبنانية موقف ضد النظام السوري في فترة الحرب بينما حزب الله يقاتل إلى جانب النظام السوري وتتحرك قواته من لبنان إلى هناك.
وفي اليمن الذي انقسم على نفسه منذ الربيع العربي، وأصبحت مليشيات الحوثيين تفرض على اليمن المسار الذي تريد، فقد دخلت في حرب مع السعودية، واليوم تفتح معركة في البحر الأحمر والدوافع متعلقة بولاء المليشيات لإيران، لكن اليمن لا يملك من أمره شيئا في أن يقبل أو يرفض تلك المعارك. بل إن تصريحات قيادة الدولة اليمنية تدين ما يفعله الحوثيون، لكن في النهاية فإن مليشيا داخل الدولة تفرض قرارها وتحالفاتها وتخوض حربا أو عمليات عسكرية رغما عن توجه الدولة الرسمي.
وفي العراق تقف الحكومة هناك متفرجة في تصعيد بين مليشيات وأميركا حتى وإن كان شكليا في جوهره، فهذه المليشيات تقصف خارج حدود العراق ضمن سياق توسيع نفوذ إيران وتفرض مسارها على حكومتها، وتتلقى الأرض العراقية ضربات أميركية عسكرية وحتى الأرض السورية دون أن يكون للدولتين القدرة أو القرار أو الشراكة فيما يجري.
في دول العالم حزب حاكم يأتي بالانتخاب ويفرض برنامجه لكن أن تكون الدولة تعمل تحت ولاية حزب أو مليشيا فهذا في بلاد العرب، فقط، حيث سقط مفهوم الدولة وتحولت إلى شكل بينما القرار لدولة أخرى عبر مليشيا تتبعها وتأتمر بأمر جيش آخر، فلا الدولة تعمل وتقدّم ما عليها للناس ولا المليشيات تفكر بعقل وطني بل هي أداة ضد سيادة دولها ومصالحها.
الغد

نيسان ـ نشر في 2024-02-13 الساعة 08:08


رأي: سميح المعايطة كاتب أردني

الكلمات الأكثر بحثاً