اتصل بنا
 

وجب الحذر ..

كاتب وصحافي اردني

نيسان ـ نشر في 2024-02-19 الساعة 09:50

نيسان ـ في الشأن الفلسطيني تحديدا، يمكن أن نختلف في كثير من التفاصيل مع عقل الدولة السياسي، تلك التفاصيل التي تتعلق بالرهان على أشخاص أو تفاصيل المقاربات الممكنة في التسوية السلمية "رحمها الله"، لكن بعد السابع من أكتوبر فإن موقف الدولة الأردنية كان تصعيديا إلى درجة مقلقة في حسابات الكلف السياسية التي يمكن للدولة أن تتحملها آجلا، كان خطاب الدولة المعلن وفي الخارج قبل الداخل على مسافة أمتار من إعلان حرب.

ومع ذلك – وهذا من المدهشات- تجد من يرى في موقف الأردن الرسمي قصورا لا يرتقي ومستوى أمنياته، وحين ندقق في الأمنيات نجدها تنتهي بأمنية سقوط الدولة! وهذه مفارقة موجعة لأن صاحب الأمنية الثورجي المقاوم يتقاطع مع بن غفير وباقي اليمين الإسرائيلي في ذلك.
هناك خطاب جديد يظهر، وهو ذكي وخبيث ويوظف تكنولوجيا الدفق المعلوماتي ووسائل التواصل في نقل "وحشد" رسائله المبطنة والتي تحمل "وستحمل أكثر" بذور فتن على أكثر من مستوى، وآخرها ربما مع دول الجوار، وتحديدا السعودية.
هناك خطاب "تفتيتي" يمشي على سكة خطة استراتيجية منظمة يقف وراءها عقل تنظيمي معتاد على "العمل السري" تحت الأرض، ولديه مهارات في سيكولوجيا الجماهير لدغدغتها في عواطفها وتأجيجها حين اللزوم، وشاشة الرادار لديه تستهدف الأردن لا غير، لذا وجب الحذر.
هذا الخطاب يخفي وراءه أجندات أكثر من مقلقة، تتعلق برؤية "هؤلاء" الشخصية لمفهوم الدولة الأردنية وتركيبها الذي لا يعجبهم من أصوله. والتركيز على الجذور والأصول.
أنا شخصيا ممن ينادون بالدولة، دولة المؤسسات والقانون، وسأبقى أنادي بها، لكن لا أقبل أن تكون فكرة الدولة "المؤسسية" حصان طروادة الذي يختبئ في جوفه أصحاب نظرية "الإحلال التوطيني" ورؤية الأردنيين كحالة طارئة على هذه الجغرافيا.
نعم، هذا الخطاب "الاستراتيجي" موجود وبدأنا نتلمسه في دواخل العالم الافتراضي وهو ينتشر كبقعة زيت تكبر وتتمدد، وخطورته قيمتها صفر لو كانت الأجواء غير ملبدة بالبارود، لكنه يكون صاعق تفجير محتمل في أجواء احتقان شديدة الانفجار.
صار الحديث دفاعا عن الدولة الأردنية أمام كل ما يحدث نوعا من "التسحيج"! والتهم المعلبة الجاهزة مركونة على الرف يتم قذفها في وجه كل من يتحدث خارج نمطية محددة ومؤطرة بخطابات ثورجية تريد تأجيج الشارع إلى أقصى حد ممكن، ويصبح الهجوم على الأردن "حالة نضالية" تستعيد تاريخا جرحه ما يزال مفتوحا عند نقطة خيبة تاريخية ليست بعيدة.
وقريبا، ربما نشهد تسريبات مضللة وقنابل دخانية مسمومة تتحدث عن علاقات الأردن بدول الجوار بهدف تأجيج الداخل "الأردني" والداخل في دول الجوار.
هي أذرع مفتوحة لخلق صدام داخلي يتزامن توقيته مع لحظة انفجار وشيكة في الضفة الغربية.
والمستفيد الأول – والأخير بالمناسبة- حكومة اليمين والتطرف في إسرائيل.

الغد

نيسان ـ نشر في 2024-02-19 الساعة 09:50


رأي: مالك عثامنة كاتب وصحافي اردني

الكلمات الأكثر بحثاً