اتصل بنا
 

قبل استلامه منصباً

نيسان ـ نشر في 2024-02-23 الساعة 17:17

نيسان ـ قبل إستلامه المنصب وقبل ان يصير برجوازيا
كان يرقع دوماً لِفُلانَ وعلان ، ينشد له ، يسرع كلابله لالتقاط صورة مع مسؤول ،
يفتح له باب سيارتهِ مُسرعاً ، يمسك كاميرا هاتفه المحمول ، وينشر صورة مع
المسؤول الفلاني ..
يُطبل، يرقع ، وشعارهُ النشيد لسيدهِ
ومدحه على الدوام، رغم انه
استلم فيما
بعد منصباً كانت لبداهته المذله
سبباً في الجلوس على الكرسي ..
قبل استلامه المنصب كان دوماً يغني ، وطني وطني ، ينشد الاغاني الوطنية كلها ،
يرفع علم بلاده ، يحفظ دروب الحي كلها..
يزور المساجد لالتقاط صورا له وهو
يصلي ، يدعو الله ان يحفظ الوطن
اي وطن يا صديقي !
يتجول في الزقاق ..يمسك بالفقير وبهذا وبذاك يعطيهم من الأموال ..ينشر صورة
أخرى تجمعه مع محتاج يقول فيها: اللهم
قدرنا على فعل الخير .. اي خير يا هذا !
قبل استلامه المنصب لم يترك مسجداً الا ورممهُ ، حتى الكنائس كان يزورها ، يساعد ابناء الحي جميعهم ، يرد السلام على
من يجدهُ في طريقهِ ودومًا سنحته
مبتسمه للجميع من حوله .
يزورهم في الافراح والأتراح ، في المناسبات الحزينة تجد ملامحه حزينه اكثر من ابناء المرحوم، في المناسبات السعيدة تجده
سعيداً بزواج فلان اكثر من العرسان
وعوائلهم ..
يمدح فلسطين ويقول : أنتِ باقية ، انك الغالية ستعودِ ولو طال الزمن .. اي زمنٍ
يا غالي !
ذاك الداهية قبل فترة من تعيينه علم بأمر استلامه منصبٍ فاصبح يخطط بصمت
كي يفر من الحي الذي يقطن فيه وبدأ
يرد السلام على المارةِ فقط .
بدأ بتكتيك الهروب تدريجياً فور تعيينه ،
غير رقم هاتفهِ ..هاجر من الخيمة الى القصر ترك سيارته القديمة اشترى سيارة السنة ،
غير هندامهُ المتواضع إلى بدلة الأكابر ، بدل
مشيته المتواضعة ..صار يمشي ورأسه
كاد أن يصل فيه لعنان السماء..
فجأة إذ الفرحة المزروعة على خدهِ تحولت إلى كشرة، وظهره المنحني إذ استقام بتكبرٍ
لم تعد تطوله الارض وهو رافعاً راسه .
لم يعد أبناء الحي يروه أو يسمعون عنه الجميع يبحث عنه ، المحتاج الذي اطعمه والتقلط معه صورة يريد أن يشكره ، العرسان الذي طالما زارهم يسألوا عنه .. ابناء المرحوم يريدونه ، شيوخ المساجد الذي كان يزورها.. المصلين الذين كانوا يصلي جانبهم يسألون عنه وعن انقطاعه المفاجئ للصلاة ، صندوق تبرعات المساجد قل ما فيه ..كنائس الحي "البابا" يسأل عنه .. الجميع يسأل عنه .. ظنوا انه حدث معه شيئاً ، فجأةً رأوه في التلفاز
وهو يقسم اثناء تسليمه المنصب ..
لم يعد احداً يسمعُ عنه ، او يروه ..
فقط في الشاشات والإعلام يظهر ، لم يترك
له أثرا واحدا، انقلب مئةَ درجة من شخصٍ
رقيق لا يسوى شيء إلى شخصاً
برجوازياً أيضاً لا يسوى شيء .
لم يعد يمدح فلسطين ولم يعد يغني الاغاني الوطنية ، شرد بِخُفيه دون سابق إنذار ،
سمعتُ انه يخطط بصمتٍ الان ليستلم
منصبٍ في احد الدول المجاورة .

نيسان ـ نشر في 2024-02-23 الساعة 17:17


رأي: أحمد سلامة

الكلمات الأكثر بحثاً