اتصل بنا
 

الأخطاء تحدث في تطبيق العفو العام

صحفي وكاتب عامود في صحيفة الدستور

نيسان ـ نشر في 2024-03-25 الساعة 01:35

نيسان ـ تتناقل وسائل الإعلام تقارير عن عدد المرات التي صدر فيها قانون عفو عام، في عهد الملك عبدالله الثاني، وذكرت بأنها ثلاثة، وفي كل مرة يتم الصفح عن مواطنين، وقعوا في مشاكل وتعقيدات وخربت حياتهم، أو كادت، فتتجلى «إرادة ملكية»، قلما تجد مثيلا لها حول العالم، توجه الحكومة والسلطتين القضائية والتشريعية، بمنح فرصة لهؤلاء بل «بعض» هؤلاء المواطنين الذين ينفذون أحكاما قضائية حاسمة، أنهت آمالهم بحياة طبيعية فيأتي توجيه ملكي، على هيئة مكرمة سامية، كانت الأمهات والآباء والبنات والأبناء من ذوي المحكومين، قد تضرعوا لله في ليال حالكات، بأن يقوم جلالته بإصدار مثل هذا العفو الإنساني للصفح عن هؤلاء المواطنين، وإعادتهم إلى ذويهم، وهذه ميزة في النظام السياسي الملكي الأردني، تبين للجميع الأبعاد الإنسانية الاجتماعية العظيمة، التي ترسخ في عمق الدولة الأردنية، كمبادئ ومكارم أخلاق، وعلامة عافية في هذا النظام السياسي، الذي يطاله كلام مسيء مشكك من خارج وداخل الدولة، لتصدر مثل هذه الإرادات الملكية السامية، وتلقف كل الإفك والتشكيك، فشكرا لجلالة الملك على مثل هذه المكارم الملكية الإنسانية الاجتماعية الاقتصادية «العقائدية» السامية.
في مثل هذه القرارات الكبيرة، تحتار السلطات الرئيسية، وتتحمل عبء تنفيذ هذه القرارات، على الشكل الذي يضمن حماية الدولة واحترام قوانينها ومبادئها، والمحافظة على حقوق الناس، فتنطلق اجتهادات كثيرة، بخصوص الجرائم التي يتم شمولها في هذا العفو الملكي النبيل، الذي هو موقف نبل يسجل للدولة أيضا، وأحيانا تكون هذه الاجتهادات في غير مكانها، فيجري استثناء بعض الأشخاص والجرائم من شمولها بالعفو، وأذكر هنا قصة من هذا النوع، كتبت عنها في هذه الزاوية قبل أكثر من 10 أعوام، فعادت تلك الجهات وشملت أشخاصا كانوا محكومين في قضية، كمتهمين غير رئيسيين، بينما تم العفو عن متهمين رئيسيين في القضية نفسها.
والحكاية ابتدأت حين صادفت على الشارع الرئيسي أمام بوابة مجلس النواب، 3 او 4 من الأطفال، برفقة أمهم، يقفون وحدهم، يحملون يافطات تطالب الدولة بشمول والدهم بالعفو، فدنوت منهم أسألهم: هل انتم طلاب في مدارس، أجابوا بنعم، فقلت لهم لماذا إذا تغيبون عنها، فقالوا نريد ان يخرج أبونا من السجن، كما خرج الذين كانوا معه في القضية نفسها، وهنا سألت والدتهم عن القصة، فأعطتني معلومات عن القضية وعن المتهمين الآخرين الذين كانوا مع زوجها، فأدركت بأن ثمة خطأ كبيراً في تنفيذ قانون العفو، إن صحت رواية السيدة، وعلى هذا الأساس كتبت تلك المقالة في هذه الزاوية، وفي اليوم التالي هاتفني «مسؤولون» محترمون محبون للخير وللوطن وللعدالة، وبعد ان زودتهم بالأسماء، قالوا سنتحقق، وبعد أيام فقط، هاتفني ذلك الرجل، يشكرني على كتابتي، وأنها كانت سببا في تذكير المسؤولين عن تنفيذ قانون العفو العام.. وهذا موقف فيه الكثير من دواعي الفخر بالمسؤولين المؤتمنين الذين يجيدون تنفيذ العدالة، ويقفون من المواطنين على نفس المسافة، و»يبيضوا» وجه الدولة وكل سلطاتها ونظامها السياسي، فالعفو مكرمة ملكية يجب ان تشمل من يستحقها او بالكاد يستحقها، ولا يمكن استثناء أشخاص من الاستفادة منها، بينما يستفيد منها أشخاص آخرون حوكموا بالقضية نفسها.
لا نقول بأن كل الاجتهادات خاطئة، لكننا نذكر بأن اجتهادا خاطئا يخرج ولي أمر عائلة من السجن، ويعيده لعائلته، أفضل من اجتهاد يبقيه مأسورا بعيدا عنهم، ويفقدهم أملا وفرصة بحياة أفضل.
الدستور

نيسان ـ نشر في 2024-03-25 الساعة 01:35


رأي: ابراهيم عبدالمجيد القيسي صحفي وكاتب عامود في صحيفة الدستور

الكلمات الأكثر بحثاً