حي الطفايلة..لماذا نجحوا؟
نيسان ـ نشر في 2024-03-27 الساعة 11:19
نيسان ـ منذ بداية العدوان على غزة استطاع شباب حي الطفايلة بعمان ان ينجحوا في تنظيم وجمع وإرسال التبرعات والدعم للاهل في غزة ..وقد تمكنوا من إيصال كميات لا بأس بها من المستلزمات التي يحتاج لها الغزيون ولا يزالوا يعملوا دون توقف.
بحكم صلة القربى التي تربطني بابناء الحي ومتابعتي للشأن العام واعجابي وتقديري لما قام ويقوم به ابناء الطفيلة في عمان يسألني العشرات من المعارف والاصدقاء عن سر هذا النجاح ؟ وكيف تمكن شباب حي الطفايلة بعمان من تقديم اسناد حقيقي موثق وبالصوت والصورة للاهل في غزة في حين حاولت دول ومنظمات وأفراد دون جدوى ؟
في الوقت الذي لا تزال الكثير من بلدات وأحياء وبوادي ومخيمات الاردن تعاني من الاحباط وهي تبحث عن طريقة او وسيلة موثوقة لتقديم العون والمساعدة للاهل في غزة تمكن شباب ورجال الحي من تنظيم انفسهم مبكرا وجمع ما جادت به نفوسهم ونفوس أهلهم واصدقاءهم ومعارفهم وجيرانهم والتنسيق مع بعض الجهات الاهلية و العالمية العاملة في غزة لتلبية ما استطاعوا من الاحتياجات الغذائية والدوائية وسيارات الإسعاف والوجبات والاغطية والخيم وغيرها .
لكل الأخوة والاخوات الذين يسألون عن سبب نجاح هؤلاء الشباب اقول ان غالبية اعضاء تجمع اللجان لشباب الحي ينتمون للجيل الثالث وربما الرابع من ابناء المهاجرين من الطفيلة الى عمان . فقد وصل إباء وربما اجداد البعض منهم إلى عمان في نهاية الثلاثينات واوائل الأربعينات من القرن الماضي هربا من القحط والجوع والفقر ليستقروا في سفح جبل التاج وعلى جانبي الوادي الفاصل بين الجوفة والتاج في كهوف وبيوت كانوا قد شيدوها بأيديهم وليعملوا في الزراعة ومطاحن الحبوب التي أنشأت عندما اشتد الطلب على الدقيق لتموين قوات الحلفاء إبان الحرب العالمية الثانية وبعد ذلك.
الحي الذي نمى مع عمان وكبر واتسع استوعب كل القادمين له واحتضنهم ووفر لهم بيئة محمية كان قوام وظيفتها التعاقد والتكافل ومظهرها الابرز التماسك والمناصرة فهم يعرفون معنى الأخوة ويقدرون قيمة الوحدة ويعون معنى البناء الجمعي ويدركوا بغرائزهم الخطر ويحاولوا ان يطبقوا بصدق وعزيمة قوله تعالى:- "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ".
داخل الحي وعبر حياة الاجيال الأربعة التي مرت على الحي كان ابناء الحي عمانيون حتى العظم يشاركوا في كل فعاليات وأنشطة الوطن فقد كان الأوائل من المهاجرين عمالا وحراسا وجنودا وتجارا وصناعيين ورياضيين مرموقين كان الحاج سالم حامد الربيحات واحدا من اوائل الذين عملوا في فندق فيلادلفيا بجانب المدرج الروماني في اربعينيات القرن الماضي في حين انظم ابناءه عبد ومحمد الى النادي الفيصلي ليكونا نجمين من نجوم الكرة في الاربعينيات..
في المجال الصناعي انشأت اسرة جريد الحراسيس (المرحوم مهنا الحراسبس واخوانه علي وعبدالمجيد وعبدالكريم وعبدالرحيم )ثاني او ثالث مصنع للخيوط " ماركة السمكتين " واستطاعت ان تقدم منتجا نوعيا اكسبها سمعة استثنائية في وقت قياسي ...وفي الرياضات ساهم ابناء عبدالرحيم السعود في دفع رياضة المصارعة وكمال الاجسام فقد كان مسفر عبدالرحيم الطفيلي بطلا من الابطال الذي يتوافد المشجعين من كافة ارجاء البلاد الى المدرج الروماني ليشاهدوا نزالاته مع العديد من الابطال العرب والافارقة والاوروبيين في حين برع ابنه لبيب في رياضة بناء الاجسام.
في المجال الخدمي عمل العشرات من ابناء الحي في مطاحن الحبوب وبلدية عمان ونقل المياه والخضار على الدواب والتحق المئات منهم في القوات المسلحة والاجهزة الامنية ليصل بعضهم الى اعلى الرتب ويتسلموا مواقع قيادية متقدمة .
في حقل التعليم عمل المئات من ابناء الحي في مهنة التعليم وبرز بعضهم على المستوى الوطني فقد ابدع الاستاذ فهمي عثمان الربيحات في تعليم اللغة الانجليزية في مدارس عمان الثانوية ولا يزال الالاف من رجالات الاردن يذكرون أخلاقه وجديته وتفانيه في التعليم وقد اسس عددا من المؤسسات التعليمية كان منها المركز الدولي لتعليم اللغة الانجليزية ومدرسة العروبة الثانوية الخاصة.
في الإدارة التربوية لمع نجم الاستاذ سليمان عيد الربيحات الذي شغل المدير لاحدى اهم المدارس الأساسية للحي التي تعلم فيها معظم الشباب الذين يعملون في لجان الإغاثة والاسناد لغزة ...لقد كان الاستاذ سليمان جديا وصارما يشابه الطلبه ومحترمين حضوره كان يحفزهم على استخدام كل ما لديهم من طاقات ويتنافسوا لينجزوا انجازات مميزة . لم اقابل طالبا واحدا درس في تلك المدرسة الا واثنى على اسلوب ابو رامي في الإدارة وتشدده الذي لم يلقى ممانعة من الاهل ولا من المراجع التربوية التي تابعت عمل المدرسة .
كان الاساتذة علي أحمد الحراسيس وعلي نمر وعبدالكريم عبدالغني وتوفيق عوض وعبدالغني الرعود والعشرات من رفاقهم يشكلون الإطار التربوي في السبعينيات والثمانينيات ولاحقا عبدالرحمن الفناك وفوزي زايد و سطام عواد وكمال الربيحات وعوض صالح وعدد كبير من المربين الذين اعطوا فوق حدود الواجب للحي والمهنة ولبلدهم الاردن.
في حي الطفايلة لعب المسجد دورا مهما وحمل اسم مسجد جعفر الطيار رمزية عالية خصوصا وان عشائر الثوابية تنخى وتتنتخي بشعار صبيان الجعافرة ...لقد شكل المسجد الجامع مركزا محوري هاما للتعليم والنشاط والتدريب .ففي كنف المسجد عقدت الدورات التدريبية واقسمت القاعة التي تستخدم للفعاليات الاجتماعية والمناسبات التي يشارك فيها ابناء الحي وضيوفهم .
النجاح الذي يحققه ابناء الحي عائد الى وجود فريق متجانس مؤلف من أشخاص ثقات جرى تأسيسهم على الأخلاق والمباديء المستقيمة وقد أسهم في نجاحهم مرورهم بتجارب تعليمية وتدريبية واجتماعية مشتركة ولوجود نماذج محترمة يمكن الاقتداء بها وتقليدها. تحية لشباب الحي المحترمين والشكر كل الشكر على ما قمتم وتقومون به من جهد مخلص ودؤوب.
بحكم صلة القربى التي تربطني بابناء الحي ومتابعتي للشأن العام واعجابي وتقديري لما قام ويقوم به ابناء الطفيلة في عمان يسألني العشرات من المعارف والاصدقاء عن سر هذا النجاح ؟ وكيف تمكن شباب حي الطفايلة بعمان من تقديم اسناد حقيقي موثق وبالصوت والصورة للاهل في غزة في حين حاولت دول ومنظمات وأفراد دون جدوى ؟
في الوقت الذي لا تزال الكثير من بلدات وأحياء وبوادي ومخيمات الاردن تعاني من الاحباط وهي تبحث عن طريقة او وسيلة موثوقة لتقديم العون والمساعدة للاهل في غزة تمكن شباب ورجال الحي من تنظيم انفسهم مبكرا وجمع ما جادت به نفوسهم ونفوس أهلهم واصدقاءهم ومعارفهم وجيرانهم والتنسيق مع بعض الجهات الاهلية و العالمية العاملة في غزة لتلبية ما استطاعوا من الاحتياجات الغذائية والدوائية وسيارات الإسعاف والوجبات والاغطية والخيم وغيرها .
لكل الأخوة والاخوات الذين يسألون عن سبب نجاح هؤلاء الشباب اقول ان غالبية اعضاء تجمع اللجان لشباب الحي ينتمون للجيل الثالث وربما الرابع من ابناء المهاجرين من الطفيلة الى عمان . فقد وصل إباء وربما اجداد البعض منهم إلى عمان في نهاية الثلاثينات واوائل الأربعينات من القرن الماضي هربا من القحط والجوع والفقر ليستقروا في سفح جبل التاج وعلى جانبي الوادي الفاصل بين الجوفة والتاج في كهوف وبيوت كانوا قد شيدوها بأيديهم وليعملوا في الزراعة ومطاحن الحبوب التي أنشأت عندما اشتد الطلب على الدقيق لتموين قوات الحلفاء إبان الحرب العالمية الثانية وبعد ذلك.
الحي الذي نمى مع عمان وكبر واتسع استوعب كل القادمين له واحتضنهم ووفر لهم بيئة محمية كان قوام وظيفتها التعاقد والتكافل ومظهرها الابرز التماسك والمناصرة فهم يعرفون معنى الأخوة ويقدرون قيمة الوحدة ويعون معنى البناء الجمعي ويدركوا بغرائزهم الخطر ويحاولوا ان يطبقوا بصدق وعزيمة قوله تعالى:- "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ".
داخل الحي وعبر حياة الاجيال الأربعة التي مرت على الحي كان ابناء الحي عمانيون حتى العظم يشاركوا في كل فعاليات وأنشطة الوطن فقد كان الأوائل من المهاجرين عمالا وحراسا وجنودا وتجارا وصناعيين ورياضيين مرموقين كان الحاج سالم حامد الربيحات واحدا من اوائل الذين عملوا في فندق فيلادلفيا بجانب المدرج الروماني في اربعينيات القرن الماضي في حين انظم ابناءه عبد ومحمد الى النادي الفيصلي ليكونا نجمين من نجوم الكرة في الاربعينيات..
في المجال الصناعي انشأت اسرة جريد الحراسيس (المرحوم مهنا الحراسبس واخوانه علي وعبدالمجيد وعبدالكريم وعبدالرحيم )ثاني او ثالث مصنع للخيوط " ماركة السمكتين " واستطاعت ان تقدم منتجا نوعيا اكسبها سمعة استثنائية في وقت قياسي ...وفي الرياضات ساهم ابناء عبدالرحيم السعود في دفع رياضة المصارعة وكمال الاجسام فقد كان مسفر عبدالرحيم الطفيلي بطلا من الابطال الذي يتوافد المشجعين من كافة ارجاء البلاد الى المدرج الروماني ليشاهدوا نزالاته مع العديد من الابطال العرب والافارقة والاوروبيين في حين برع ابنه لبيب في رياضة بناء الاجسام.
في المجال الخدمي عمل العشرات من ابناء الحي في مطاحن الحبوب وبلدية عمان ونقل المياه والخضار على الدواب والتحق المئات منهم في القوات المسلحة والاجهزة الامنية ليصل بعضهم الى اعلى الرتب ويتسلموا مواقع قيادية متقدمة .
في حقل التعليم عمل المئات من ابناء الحي في مهنة التعليم وبرز بعضهم على المستوى الوطني فقد ابدع الاستاذ فهمي عثمان الربيحات في تعليم اللغة الانجليزية في مدارس عمان الثانوية ولا يزال الالاف من رجالات الاردن يذكرون أخلاقه وجديته وتفانيه في التعليم وقد اسس عددا من المؤسسات التعليمية كان منها المركز الدولي لتعليم اللغة الانجليزية ومدرسة العروبة الثانوية الخاصة.
في الإدارة التربوية لمع نجم الاستاذ سليمان عيد الربيحات الذي شغل المدير لاحدى اهم المدارس الأساسية للحي التي تعلم فيها معظم الشباب الذين يعملون في لجان الإغاثة والاسناد لغزة ...لقد كان الاستاذ سليمان جديا وصارما يشابه الطلبه ومحترمين حضوره كان يحفزهم على استخدام كل ما لديهم من طاقات ويتنافسوا لينجزوا انجازات مميزة . لم اقابل طالبا واحدا درس في تلك المدرسة الا واثنى على اسلوب ابو رامي في الإدارة وتشدده الذي لم يلقى ممانعة من الاهل ولا من المراجع التربوية التي تابعت عمل المدرسة .
كان الاساتذة علي أحمد الحراسيس وعلي نمر وعبدالكريم عبدالغني وتوفيق عوض وعبدالغني الرعود والعشرات من رفاقهم يشكلون الإطار التربوي في السبعينيات والثمانينيات ولاحقا عبدالرحمن الفناك وفوزي زايد و سطام عواد وكمال الربيحات وعوض صالح وعدد كبير من المربين الذين اعطوا فوق حدود الواجب للحي والمهنة ولبلدهم الاردن.
في حي الطفايلة لعب المسجد دورا مهما وحمل اسم مسجد جعفر الطيار رمزية عالية خصوصا وان عشائر الثوابية تنخى وتتنتخي بشعار صبيان الجعافرة ...لقد شكل المسجد الجامع مركزا محوري هاما للتعليم والنشاط والتدريب .ففي كنف المسجد عقدت الدورات التدريبية واقسمت القاعة التي تستخدم للفعاليات الاجتماعية والمناسبات التي يشارك فيها ابناء الحي وضيوفهم .
النجاح الذي يحققه ابناء الحي عائد الى وجود فريق متجانس مؤلف من أشخاص ثقات جرى تأسيسهم على الأخلاق والمباديء المستقيمة وقد أسهم في نجاحهم مرورهم بتجارب تعليمية وتدريبية واجتماعية مشتركة ولوجود نماذج محترمة يمكن الاقتداء بها وتقليدها. تحية لشباب الحي المحترمين والشكر كل الشكر على ما قمتم وتقومون به من جهد مخلص ودؤوب.
نيسان ـ نشر في 2024-03-27 الساعة 11:19
رأي: د. صبري الربيحات