تنظيم (الدولة الإسلامية) .. وانقلب السحر على الساحر
نيسان ـ نشر في 2015-11-17 الساعة 12:04
محمد قبيلات .. دخلت المنظومة الأمنية العالمية مرحلة صعبة خلال الأيام القليلة الماضية، حيث بدأنا نشهد فعالية كبيرة لعناصر تنظيم القاعدة المنتشرين في العالم، الذين تحولوا لأتباع وأذرع بجاهزية عالية لتنظيم الدولة في سوريا والعراق.
اختلف المهتمون بتوصيفاتهم للشكل أو الطريقة التي تُنظم تلك العناصر أو تتشكل بها منظماتهم العابرة للقارات، وما هي الأسباب التي تجعلها أو تضمن لها الاختفاء عن الأجهزة الأمنية، وتراوحت هذه التوصيفات بين من أطلق على أعضائها بأنهم "وحوش أو نمور منفردة"وبين "الخلايا النائمة" وبين "الدواعش المستقلون".
وربما انطبقت كل هذه الأوصاف على الحلقات التنظيمية لـ (داعش)، الذي بات يهدد الأمن العالمي، خصوصا بعد حادثة تفجير الطائرة الروسية، وما تبعها فورا من تفجيرات انتحارية متسلسلة في باريس.
المؤكد أن هذا التنظيم يستمد قوته من (الفكرة) التي تُشكل مخرجا للشباب من دوائر الفقر والتهميش والجهل والاضطهاد في الدول المتخلفة، ومن أخرى في الدول المتقدمة، تتمثل في المشاكل الروحية والتمييز ضد الأجانب والممارسات العنصرية تجاههم.
أصبح أي شخص يعاني من هذه المشاكل مرشحا مفترضا للانخراط في صفوف هذا التنظيم عن بعد، وليست أجندة التنظيم خافية أو سرية، بل هي منشورة في وسائل الإعلام ويسهل التفاعل معها عبر العالم الافتراضي ووسائل الاتصال الحديثة، والتطبيقات المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي.
لعل المشكلة صارت أصعب، وأكبر من أن تتبعها وتسيطر عليها المنظومات الأمنية العالمية، فكما خرج الموضوع من يد قيادة هذه التنظيمات خرج أيضا من سيطرة أجهزة الأمن، وصار عبارة عن رد فعل أو سلوك تصعب معالجته أو ضبطه بالأشكال والأساليب الكلاسيكية.
بدأت القصة عندما أُستخدم الدين من قبل تنظيمات ودول وعلى رأسها أميركا في الحرب الأيديولوجية بين الرأسمالية والاشتراكية؛ لتتطور إلى الشكل الجهادي في أفغانستان، وفي تلك المرحلة تشكلت الكوادر المدربة على الأسلحة والمهارات القتالية، كما التحق كثير من شباب الدول العربية والإسلامية بها، فاستخدمتهم أمريكا ضد التواجد السوفييتي في أفغانستان.
تُعد أحداث 11 أيلول نقطة التحول والانعطاف باتجاه مرحلة أخرى، صار فيها تنظيم القاعدة هو محور هذه التشكيلات والكتائب الإرهابية، ثم ما لبث أن انتقل إلى العراق عن طريق إيران – التي سهلت مرور عناصره - لمحاربة الغزو الأمريكي للعراق، ومن هنا بدأت جميع أجهزة الاستخبارات تستخدم هذه التشكيلات" المشاع" بشكل مباشر أو غير مباشر أو كذريعة لأعمال أخرى.
ولم تكن إيران مستثنية من استخدام التنظيم، إضافة الى النظام السوري، في العراق بداية - الذي عمد الى تسهيل مرور قيادات وكوادر القاعدة الى العراق - ومن ثم في سوريا لحرف الأنظار عن ممارسات النظام السوري وخلق الذرائع للانقضاض على الثورة السورية، وتفريغها من محتواها لتصبح حرب النظام ضد الإرهاب.
الآن جاءت لحظة الحقيقة. فانقلب السحر على الساحر، وانكشفت عظمة المخاطرة التي دخلتها هذه الدول وأنظمتها بالعبث واللعب بالدين والتنظيمات الدينية.
لمتابعة الكاتب على التويتر
@qubilatmohammad


