اتصل بنا
 

الفوضى الخلاقة تضرب أوروبا

اعلامي مصري يعمل في قناة الجزيرة

نيسان ـ نشر في 2015-11-17 الساعة 19:44

نيسان ـ

حينما أطلقت كوندوليزا رايس وزير الخارجية الأميركية ومستشارة الأمن القومي السابقة عنان ( الفوضى الخلاقة ) في المنطقة العربية قبل عشر سنوات لم تكن تدرك أن شررها سوف يضرب أوروبا الحليف الأكبر للولايات المتحدة الأميركية، وحينما اعتقدت الدول الغربية التي وقفت ضد ثورات الربيع العربي ودعمت بقاء الأنظمة الديكتاتورية ووقفت ضد إرادة الشعوب العربية أنها سوف يكون لها نصيب من الحرائق التي أشعلتها في المنطقة.

ظلت أوروبا تتلاعب في المنطقة وتغض الطرف عن الانتهاكات و الجرائم والمجازر التي ترتكبها الأنظمة الاستبدادية ضد الشعوب العربية حتى قبل أسابيع مضت حيث بدأت موجات اللاجئين تغزو أوروبا قادمة من دول الفوضى الخلاقة، ووجدت أوروبا نفسها عاجزة عن التصدي لهذه الجحافل التي ركبت مراكب الموت بحثا عن الحياة، وأخذت الاجتماعات والنقاشات والتحديات والخلافات تتصاعد بين الدول التى كانت تتفاخر بأنها أكبر وحدة أوروبية في التاريخ تتجاوز حدود اللغات والثقافات وتوحد العملة والقوانين، لكن أوروبا تعرت من المظاهر أمام موجات اللاجئين وظهرت على حقيقتها التي تؤكد علي أن معظمها دول عنصرية مسيحية بل وأكثر من ذلك كل دولة متمسكة بكنيستها التي ربما تختلف عن الأخرى بشكل جذري، وفيما كانت أوروبا غارقة في بحث مشكلة اللاجئين وقع الحدث الجلل في فرنسا في 13 نوفمبر حيث صدمت باريس ومعها العالم بحادث أقرب ما يكون إلى أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي ضربت الولايات المتحدة في العام 2001 ولكن على شكل مصغر، ولم يكن ما حدث في باريس سوى امتداد للفوضى الخلاقة التي أطلقتها كوندوليزا ودعمتها أوروبا، ليصل شررها بل حريقها إلى قلب باريس التي كانت توصف بأنها من أكثر عواصم العالم أمنا واستقبالا للسياح من أنحاء العالم.

الضربة كانت موجعة وأغرقت باريس بل معظم أو كل أوروبا في الشعور بحالة الفوضى التي نشروها في بلادنا وكانوا في مأمن منها، وهذا يؤكد على حقيقة تاريخية في عالم الحروب وهي أنه من السهل أن تشعل حربا أو تنشر فوضى ولكن من الصعب أن تدرك إلى مدى يمكن أن تصل ولا متى أو كيف يمكن إيقافها، هؤلاء الذين قتلوا المتفرجين في مسرح باتاكلان هم أنفسهم الذين يمارسون القتل العشوائي منذ سنوات في مساجدنا وأسواقنا ومدارسنا بل وساحات الجهاد والمقاومة في الشام وبلاد الرافدين واليمن حيث قتل على أيديهم خلال السنوات الماضية خيار العلماء والمجاهدين ولازالوا. إنهم نتاج الفوضى التي صنعتها أميركا في المنطقة وباركتها أوروبا وما حدث في باريس ليس سوى أن هذه الفوضى الخلاقة التي أشعلوها في بلادنا تجاوزت المنطقة ووصلت إليهم وربما تتجاوزهم إلى غيرهم.. إنها الفوضى الخلاقة يا كوندوليزا.

الوطن

نيسان ـ نشر في 2015-11-17 الساعة 19:44

الكلمات الأكثر بحثاً