الإسلام الليبرالي ... إلى أين ؟
نيسان ـ نشر في 2015-04-23
يوسف جميل القرشي
قد يبدو الاسم من قبيل جمع المتضادين في المصطلح .. وإلا كيف ستجتمع الليبرالية ذات القوالب المائعة والمصطلحات الفضفاضة والحريات المطلقة دون قيد أو شرط مع الإسلام ذي الأصول الرصينة والفقه المنضبط والقانون الملزم، كيف ستجتمع الليبرالية وليدة الغرب وأمُه، ونتيجة الكنيسة وحلقتها الأخيرة، مع الإسلام ابن الشرق وأبيه وباني المسجد وعامره.
الحق أنهما لا يجتمعان ولا يمكن أن يجتمعا لا نظريا ولا عملياً، إلا إن حدثت التنازلات الجسيمة من قبل أحد الأطراف التي تحصل دائما من طرف المنتسبين للإسلام.. حيث التخلي عن الثوابت أو ما يحلو لهم تسميته بـ"بعض المسائل المفهومة بشكل خاطئ من عموم الأمة "، مقابل مساحة أكبر من الليبرالية في ميادين التفكير والعمل والدعوة.
بالطبع يقصد بالدعوة هنا تلك السهرات التلفزيونية والإذاعية المليئة بالتجاوزات الشرعية وذلك "من أجل مصلحة الإسلام وإظهاره بصورته الناصعة التي شوهها الأغبياء"!!.
من الأكيد أن سفر الإنسان وتنقله واستقراره في بلاد الغرب فترة يساهم بشكل كبير في صقل شخصيته الفكرية، فيبني فيه العقل النقدي المنحاز للموضوعية في غالب الأمور، وهذا يحلي المسلم بأسلوب جديد في الدعوة إلى الإسلام .. هذا في الغالب ، لكنه قد يؤدي إلى تشكيل شخصيات مهزومة مهزوزة تسمع الانتقاد من الغرب فترجع به على دينها تحرفه ليرضيهم، وتفصّله ليناسبهم، تتساهل في عظائم أمور العقيدة، وتتشدد أيما تشدد في نهي الناس عن الأمر بالمعروف وإظهار شعائر الدين اللهم إلا تلك الروحانية التي تداعب عواطف الغرب المفلس منها، فالدين عندهم خلق كريم وصلاة خاشعة وبكاء في الليل، حتى إذا طلع النهار فلا حظ للرب الذي خشعت له في صلاتك وبكيت له في ليلك ولا حظ لأوامره ونواهيه ولا لكتابه ولا لسنة نبيه ...
لكنك قارئي الكريم تراه حريصا في ذات الوقت على تلك الجلسة الدعوية التي تجمعه بـ"أخوات في الله" يعظهن، ويطهرهن من دنس الشيطان ..عملاً بالقاعدة الفقهية المتواترة عندهم وإن لم ينصوا عليها .."اختلط ولك الأجر".
إنهم يريدون إسلاماً لا يتميز فيه المسلمون عن غيرهم ...إسلاماً " لطيفاً " ليس فيه قادة متبوعون إلا أصحاب الصوت الجميل من المغنين "الإسلاميين"!! ، أما أصحاب العلم والفكر والتحقيق فالأفضل أن يبقوا على رفوف الكتب التي يقرؤونها، أو في صناديق واقعهم الزائف ، وإلا سيتعبوننا بفكرهم وعلمهم وعقيدتهم وولائهم وبرائهم وخلافاتهم وخرافاتهم ..دعونا منهم ومن دينهم ولنرقص على أنغام الحضارة الإسلامية المزعومة...تلك التي أفرغت من كل معنى.