حين يقول الأردنيون كلمتهم ولا يمشون
حسين الرواشدة
كاتب صحافي
نيسان ـ نشر في 2024-06-25 الساعة 06:54
نيسان ـ وسط اكثر من خمس جبهات مفتوحة على حرب، لا نعرف كيف بدأت، ولا متى ستتوقف، يقع بلدنا، الأيام القادمة تحمل المزيد من المفاجآت، والكوارث أيضا، ما يعني أن النيران تحاصرنا من كل اتجاه، صحيح ما زلنا صامدين، لنا جيش يتوشح بالكرامة، يدافع عن حدودنا ووجودنا، لنا عرش نلتف حول حكمته، جنبنا الوقوع في المصائد التي حاول الكثيرون أن ينصبوها، فنجونا منها، ووقع فيها الكثيرون، لنا أرض يقف عليها الأردنيون بصلابة، ويشتمّون منها عطر الدماء الزكية التي جبل بها الآباء والأجداد هذا التراب، لنا وطن يتوافق الذين ينتمون إليه بجدارة واستحقاق على افتدائه بأرواحهم، والدفاع عنه بكل ما يملكون.
في مثل هذه المراحل، نحتاج -نحن الأردنيين- أن نتصارح ونتكاشف، هذا البلد لا يقبل القسمة على اثنين، فإما أن تكون معه بالمطلق، وإما أن تختار أن تقف مع غيره، لا يوجد انصاف ولاءات، ولا ازدواجية هُويات، لا وقت يسمح لاختبار النوايا أو التسامح مع الجحود والعقوق، الهدف الذي يجب أن يتوافق عليه كل من اختار الأردن وطنا أو مأوى هو الانصهار في إطار الدولة وخندقها، والالتزام بمصالحها ومواقفها، والانتظام في الصف الوطني، لا عذر لأحد للخروج عنه بتقمص أي قضية أخرى، أو بدبّ الصوت في الشارع انتظارا لمزيد من الغنائم السياسية.
هذه الحرب كانت، بالنسبة للأردنيين، كاشفة ؛ عرفوا من معهم ومن ضدهم، ادركوا قيمة بلدهم وصلابة إرادتهم، تحرروا من كل القيود التي كانت تمنعهم من إشهار هويتهم والاعتزاز بها، تصالحوا مع تاريخهم وحاضرهم ومستقبلهم بلا خوف أو عُقَد، وفتحوا أعينهم على كثير من الأساطير التي حاول بعض العابرين صناعتها وتسويقها لإفقادهم الثقة بأنفسهم ومؤسساتهم، لقد كسروها فعلا وأقاموا فوقها واقعا جديدا، انتعشت فيه روحهم الوطنية، وانطلقت منه همتهم، وامتدت آمالهم لبناء أردن أقوى وأشد شكيمة وصلابة.
ما شهدناه في الأشهر الماضية من حالات استقواء وتشكيك وتسخين في الشارع، ومن انحيازات ضد الدولة، ومحاولات لإضعافها، وانفعالات مدروسة لتصنيفها في خانة « أعداء المقاومة «، والتنكر لكل جهودها السياسية والإنسانية لمساندة أهلنا في غزة، كل هذا يجب أن يتوقف فورا، الأردنيون يدركون، تماما، الفرق بين «المقاومة» في غزة وفلسطين وبين «المقاولة» التي يرفع البعض أعلامها في عمان، يدركون، أيضا، معنى أن تكون أردنيا وتدافع عن فلسطين، ومعنى أن تتقمص العباءة الأردنية لتشعل النيران بأطرافها، أو توظف دماء أهل غزة ومأساتهم لتهز ثقة الأردنيين ببلدهم، أو تفتح أبواب الشرعيات المغشوشة لدخول نسخ جديدة من الإرهاب الذي يتربص بنا من وراء الحدود.
لن يسمح الأردنيون لأحد أن يساوم على وطنهم، أو أن يستخدمه في حروب لا علاقة لهم بها، لن يترددوا أبدا عن إزاحة الاقنعة عن وجوه الذين يتاجرون بكل القضايا ويهربون من قضيتهم التي يفترض أن تكون الأردن، صحيح الأردنيون دعاة وحدة وطنية، ووئام ديني، يقفون مع أهلهم وأشقائهم ما استطاعوا لذلك سبيلا، لكنهم في وجه العواصف القادمة التي يتعذر معها وجود الرديف، أي رديف، مصممون على الاعتماد على ذاتهم، ومصرون على الاحتشاد للدفاع عن بلدهم، وجاهزون للوقوف بوجه كل من يحاول أن يمسه بسوء، لا مجال للتنازل أو التسامح أو قبول الأعذار، ما دام أن الوطن هو الامتحان، والدولة هي القضية، والأرض هي المصير، وما دام أن الانتماء موقف لا يقبل التأجير، ولا ينحني أمام تسديد الفواتير.
في مثل هذه المراحل، نحتاج -نحن الأردنيين- أن نتصارح ونتكاشف، هذا البلد لا يقبل القسمة على اثنين، فإما أن تكون معه بالمطلق، وإما أن تختار أن تقف مع غيره، لا يوجد انصاف ولاءات، ولا ازدواجية هُويات، لا وقت يسمح لاختبار النوايا أو التسامح مع الجحود والعقوق، الهدف الذي يجب أن يتوافق عليه كل من اختار الأردن وطنا أو مأوى هو الانصهار في إطار الدولة وخندقها، والالتزام بمصالحها ومواقفها، والانتظام في الصف الوطني، لا عذر لأحد للخروج عنه بتقمص أي قضية أخرى، أو بدبّ الصوت في الشارع انتظارا لمزيد من الغنائم السياسية.
هذه الحرب كانت، بالنسبة للأردنيين، كاشفة ؛ عرفوا من معهم ومن ضدهم، ادركوا قيمة بلدهم وصلابة إرادتهم، تحرروا من كل القيود التي كانت تمنعهم من إشهار هويتهم والاعتزاز بها، تصالحوا مع تاريخهم وحاضرهم ومستقبلهم بلا خوف أو عُقَد، وفتحوا أعينهم على كثير من الأساطير التي حاول بعض العابرين صناعتها وتسويقها لإفقادهم الثقة بأنفسهم ومؤسساتهم، لقد كسروها فعلا وأقاموا فوقها واقعا جديدا، انتعشت فيه روحهم الوطنية، وانطلقت منه همتهم، وامتدت آمالهم لبناء أردن أقوى وأشد شكيمة وصلابة.
ما شهدناه في الأشهر الماضية من حالات استقواء وتشكيك وتسخين في الشارع، ومن انحيازات ضد الدولة، ومحاولات لإضعافها، وانفعالات مدروسة لتصنيفها في خانة « أعداء المقاومة «، والتنكر لكل جهودها السياسية والإنسانية لمساندة أهلنا في غزة، كل هذا يجب أن يتوقف فورا، الأردنيون يدركون، تماما، الفرق بين «المقاومة» في غزة وفلسطين وبين «المقاولة» التي يرفع البعض أعلامها في عمان، يدركون، أيضا، معنى أن تكون أردنيا وتدافع عن فلسطين، ومعنى أن تتقمص العباءة الأردنية لتشعل النيران بأطرافها، أو توظف دماء أهل غزة ومأساتهم لتهز ثقة الأردنيين ببلدهم، أو تفتح أبواب الشرعيات المغشوشة لدخول نسخ جديدة من الإرهاب الذي يتربص بنا من وراء الحدود.
لن يسمح الأردنيون لأحد أن يساوم على وطنهم، أو أن يستخدمه في حروب لا علاقة لهم بها، لن يترددوا أبدا عن إزاحة الاقنعة عن وجوه الذين يتاجرون بكل القضايا ويهربون من قضيتهم التي يفترض أن تكون الأردن، صحيح الأردنيون دعاة وحدة وطنية، ووئام ديني، يقفون مع أهلهم وأشقائهم ما استطاعوا لذلك سبيلا، لكنهم في وجه العواصف القادمة التي يتعذر معها وجود الرديف، أي رديف، مصممون على الاعتماد على ذاتهم، ومصرون على الاحتشاد للدفاع عن بلدهم، وجاهزون للوقوف بوجه كل من يحاول أن يمسه بسوء، لا مجال للتنازل أو التسامح أو قبول الأعذار، ما دام أن الوطن هو الامتحان، والدولة هي القضية، والأرض هي المصير، وما دام أن الانتماء موقف لا يقبل التأجير، ولا ينحني أمام تسديد الفواتير.
نيسان ـ نشر في 2024-06-25 الساعة 06:54
رأي: حسين الرواشدة كاتب صحافي