اتصل بنا
 

شوية نعرات وبعض فتن

صحفي وكاتب عامود في صحيفة الدستور

نيسان ـ نشر في 2024-06-26 الساعة 10:30

نيسان ـ جهات أمنية تحذر من نشر ما يثير النعرات والفتن، وهذا دورها وواجبها المطلوب، تقوم به دوما، وهذا هو خطابها الواضح، والبقية على عاتق السياسة والإعلام وأهلهما..أما عن القصة فهي بتقديري أخطر وأكبر من شوية نعرات وبعض فتن، فمثل هذا التوصيف لها قد يكون مقبولا أيام زمان، لكنه اليوم ليس بمقبول ولا يعبر عن شدة التحديات وخطورتها، فالأمر هو لعب بالنار التي تهيأت ظروف اشتعالها في كل مكان من منطقتنا العربية، ومجابهة هذا التحدي بالنسبة للسياسيين والإعلاميين يجب أن يخرج من تلك الشرنقة القديمة، ويبدأ بتغيير أدواته التي تبين حجم إلمامه بالمشهد العام، وفهمه.
الجبهة الداخلية هي الجبهة الأهم بالنسبة لأية دولة، ووحدتها ووقوفها على جانب واحد مهم، حتى لو كان موقفها خاطئا، فيجب أن يكون واحدا موحدا، ملتزما، حريصا على الثبات والنجاح في تجاوز الأخطار الخارجية، وفي الأردن يزداد الأمر أهمية، وثمة عدة أسباب تبين الأهمية، ودعونا نتحدث بوضوح مطلوب، دونما خداع وتضليل ولعب بالحجر والبيضة..
الأردن عانى ويعاني من تحديات أزمة هوية، وذلك أمر طبيعي ومتوقع، بحكم المبادىء السياسية الأردنية الحكيمة الحريصة على مساعدة العرب وكل البشر، فالتهجير أو الهجرات المتعددة الأسباب إلى الأرض الأردنية، ومع مرور الوقت، تشكل السبب الأول لهذا التحدي الذي يتعاظم مع زيادة التهجير والهجرات، ولولا وجود نظام سياسي قومي وشعب يتمتع بأخلاق عروبية وإنسانية جميلة، وموروثة وغير مصطنعة، لما كان الأردن مستقبلا لكل هذه الهجرات، وهنا يمكننا أن نلحظ المفارقة الأردنية في التعامل مع القادمين الجدد، فهم لا يلبثون أن يتمتعوا بكامل الحقوق، بينما في الدول التي تنظر على العالم كله بالديمقراطية وحقوق الإنسان، يتنامى التطرف، ويترسخ التمييز العنصري، ويتم حرمان البشر «حسب أصولهم» من كثير من حقوقهم وامتيازاتهم، وفي أمريكا مثلا (يتعهد ترمب العنصري، بأكبر عملية ترحيل عرفها التاريخ في حال نجاحه!!).. فالفرق بين المبادىء والأخلاق الأردنية هنا لصالح الأردن، ويتفوق على أمريكا نفسها (علما أن أمريكا أكبر نظام سياسي واقتصادي مختطف بالكامل ويعمل لصالح الصهيونية العالمية).
والأردن؛ وبحكم موقعه السياسي والجغرافي، ارض مستهدفة أكثر من لبنان وغيرها من دول المنطقة العربية، يل إن الأردن محاط فعلا بأزمات خطيرة، قد تنفجر في أي وقت، وسيحتاج الأردن إلى موقف أكثر إيمانا بوطنه وأكثر تماسكا، لينجو من انفجار الأزمات حوله، وهذه حالات مطلوبة من التوحد في وجه التحديات الخارجية لا تنفع معها «الفزعات» بقدر أن تكون نابعة من إيمان راسخ والتزام شديد بالهوية الوطنية.
الأردن ايضا، عانى ويعاني من كونه أصبح الساحة المقترحة لتمدد المشروع الصهيوني، بعد أن أصبح واضحا بأن الدولة المارقة التي تحتل فلسطين، مجرد «مؤسسة أمريكية»، تشن حروبا بالوكالة عن جميع الغزاة والمجرمين، ولن تثنيها لا أخلاق ولا قوانين ولا قوى، إن هي قررت التمدد على حساب أرض ما في منطقتنا العربية، سوى الجبهة الداخلية الموحدة، المتمسكة بوطنها وهويتها، فكثير من الحكومات والقوى السياسية والاقتصادية هربت من بلدانها وقت الأحداث الكبرى، وبعضها باع وطنه، والشواهد حولنا كثيرة، بل كلنا يعلم أن أبناء بعض البلدان ارتدوا الزي العسكري الأمريكي المموه، وركبوا الدبابة الأمريكية، وشرعوا بتدمير بلدانهم في مقدمة الجيوش الغازية..
الأردن كذلك؛ له تاريخه المعروف في مكافحة ومحاربة الارهاب، فهو هدف طبيعي لمثل هذا الارهاب في أي زمان ومكان، وهو موجود افتراضيا ومن ينكر وجوده فهو يتعامى، بل من ينكر زيادة ازدهار ظروف نموه وزيادتها، فهو لا يفهم سياسة، لأن الإرهاب هو السلاح الاستراتيجي في التدمير والتخريب والانقلاب على الذات، وتسليم الأوطان لأعدائها دون كلفة أو جهد يبذله الأعداء..فهو أول وأخطر أسلحة الأعداء لتخريب وتدمير الأوطان.
وقائمة الأسباب تطول.. فاحذروا من هذه اللعبة المجنونة في مثل هذه الظروف السيئة.
ديروا بالكو

نيسان ـ نشر في 2024-06-26 الساعة 10:30


رأي: ابراهيم عبدالمجيد القيسي صحفي وكاتب عامود في صحيفة الدستور

الكلمات الأكثر بحثاً