اتصل بنا
 

الانتخابات النيابية.. الحيرة والملل

نيسان ـ كتب محرر الشؤون البرلمانية ـ نشر في 2024-06-29 الساعة 13:39

x
نيسان ـ الضبابية وقِلّة الشفافية لم تعودا محصورتين في الأداء والروايات الحكومية، بل إنهما امتدتا لتغطيا عموم الأداء، على المستوى الحزبي والشعبي، حيث ما زالت الأحزاب تراوح في مربعات البداية، مترددة في تشكيل قوائمها الانتخابية، وكذلك يفعل المترشحون المستقلون على مستوى الدوائر المحلية.
لذلك باتت الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي تتغذى على بعض التسريبات التي، ربما، يبثها من هنا ومن هناك بعض المترشحين أو الدوائر المحيطة بهم، لأغراض الدعاية والترويج لشخصية أو حزب ما، لكن الرأي العام لا يحسم موقفه من مرشح حزبي إلّا باكتمال القوائم ومعرفة توجهاتها.
الاستثناء في هذه الحالة وارد، حيث تردد ذكر بعض الأسماء الوازنة شعبيا، مثل الدكتور حيدر الزبن، الذي بات في حكم المؤكد خوضه غمار الانتخابات النيابية مترئسًا قائمة لتحالف مجموعة من الأحزاب اليسارية والقومية والمدنية.
الأحزاب البرامجية ما زالت مترددة في حسم قوائمها، إذ يرى بعض الخبراء أنها خاضعة لعمليات هندسة صعبة، تحاول أن تكبح جماح ورغبات الطامحين بالفوز بالمقاعد الأولى لقوائمهم من جهة، ومن جهة أخرى ما زالت تنتظر ظهور ملامح قائمة حزب جبهة العمل الإسلامي، والغاية محاصرة مرشحيها ومحاولة التأثير على قواعدهم وتشتيتها، لأن هناك اعتقاد سائد لدى الكثير من المتابعين بأن هذا هو الدور الوظيفي والبرامجي الوحيد المتوقع من تلك الأحزاب.
هذه الوظيفة تندرج، أيضًا، على الأحزاب الإسلامية الوسطية، فهي باتت خاضعة لعملية التخطيط الهندسي، وتراوح في دائرة محيطة بأحزاب اليمين، لكنها أوسع قليلا، بحيث تغطي حواضن التدين الرسمي، التي تمتد في شعبيات المؤسسات الدينية الرسمية الخاضعة للسيطرة التامة، طبعا هذا ليس بالسر العظيم، نعم ربما كان كشفا جديدًا، لكنه واقع قديم إلى حد ما، فنحن نعلم أن هناك جيش جرار يقوده رجالات العمامات والثياب الطويلة المنشاة، التي توازي بعديدها الحركات الإسلامية الراديكالية الواقعة خارج المشورة الرسمية.
أصحاب الأثواب الطويلة المكوية المنشاة، واللحى المشذبة، وهذا فقط ما يميزهم عن لبّيسة الأثواب القصيرة غير المكوية، يتربعون في مساحة ليست سهلة، فهم اليوم يتنقلون في العديد من الدوائر والكليات الجامعية الرسمية، تمتد من وزارة الأوقاف وجيشها الجرار من أئمة المساجد وخطبائها، إلى كلية الشريعة والمعاهد الدينية ، لتصل إلى دوائر الافتاء وقاضي القضاة وصنوق الزكاة وغيرها من مؤسسات وجمعيات خيرية.
الاعتقاد السائد رسميًا أن هذه حاضنة للتيار الوسطي المنضبط، لكن هذه القاعدة غير منزهة عن الشكوك، لذوبان الحدود والفواصل بين هذه التيارات والتيارات الراديكالية والسلفية، وهذا أمر يحتاج إلى بحث طويل ، ليس هذا مكانه.
الأحزاب اليسارية والقومية ليست بعيدة عن أجواء التردد، برغم وجود محاولات رسمية لتدجينها ودمجها وظيفيًا، حيث تم حشر تيارين مدنيين مهمين، رسميًا وليس شعبيًا، في خانة هذه الأحزاب ذات الرؤى الجذرية، وصاحبة الإرث العملي الطويل، لكن أحد هذه التيارات المدنية نقل معه إلى هذا الوسط فيروسات حب تسيّد القوائم المنتشرة في الأحزاب البرامجية، فنشأ صراع، بقي نوعا ما ضمن الحزبين، على المقاعد الأولى، بسبب الرؤى قصيرة المدى والمتعجلة على حصد المكاسب، وكل الظن الآن بأنهما لن يبقيا طويلا في إطار التحالف اليساري، فأعينهم وانتماءاتهم إلى رجالات الدولة في الوسط، للقفز إلى هناك، حتى لو كان الأمر كنوع من انواع إلقاء الذات إلى التهلكة.

نيسان ـ كتب محرر الشؤون البرلمانية ـ نشر في 2024-06-29 الساعة 13:39

الكلمات الأكثر بحثاً