اتصل بنا
 

من يحكم الولايات المتحدة؟

نيسان ـ نشر في 2024-07-10 الساعة 19:28

نيسان ـ لولا اليهود الامريكان وتأثير الصهيونية على الساسة والاعلام والرأي العام هناك لما ولدت "إسرائيل" عام 48 – نعوم كوهين، مؤرخ يهودي
في المناظرة الأولى بين المرشحين الرئاسيين جو بايدن ودونالد ترامب على قناة سي إن إن، ركزت جميع التحليلات على الحالة الذهنية المتدهورة للرئيس الأمريكي بايدن، وأعرب الجميع عن مخاوفهم بشأن قدرته على إدارة البلاد.
اعتبر بعض أعضاء الحزب الديمقراطي أنه من الأفضل أن لا يكمل بايدن السباق وينسحب، تاركًا المجال لمرشح آخر، حيث أظهرت استطلاعات الرأي تفوق ترامب. بعد ذلك، صدر تصريح من مكتب بايدن يفيد بأن قراره بالاستمرار في السباق مرهون بموافقة عائلته. انتشرت إشاعات بأن الحزب سيرشح بديلاً عنه، ولكن في نهاية المطاف، تم حسم الأمر بأن بايدن سيستمر في السباق الرئاسي، مؤكداً أنه كما هزم ترامب في المرة الأولى، سيهزمه هذه المرة أيضاً، وان استمراره في السباق مرهون بالارادة الإلهية!
من وجهة نظري، هذه المناظرة والحالة الذهنية لبايدن تبرهن على أن الحاكم الفعلي للولايات المتحدة ليس رئيسها. صحيح أن الرئيس هو أحد اللاعبين وقد يصدر أوامر مثل إعدام القذافي أو إعلان الانتصار في العراق، لكنه بالتأكيد ليس صاحب القرار في خوض حرب العراق أو الإطاحة بالقذافي.
برأيي، رئيس الولايات المتحدة هو وجه الامبراطورية، ولا يهم إن كان بايدن أو جورج أو كلينتون أو حتى إسماعيل، أو ما إذا كان الرئيس عبقريًا أو غبيًا، ذو كاريزما أو باهتًا، أو مصابًا بالزهايمر. فهناك اللاعبون الحقيقيون الذين يحكمون أكبر دولة في العالم.
قد تكون الدولة العميقة هي التي تحكم، كما حدث مع الرئيس المصري عندما وصل إلى الحكم. يرد في كتاب "بأيدي الجنود" لمراسل صحيفة نيويورك تايمز ما نصه: عندما وصل الرئيس المصري إلى الحكم، عارض ذلك الرئيس أوباما بينما أيدته كلينتون ورئيس الأركان. في النهاية، انتصرت إرادة الدولة العميقة على إرادة الرئيس.
وقد تكون الشركات الكبرى هي التي تحكم، كما حدث مع رئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق في عام 1953 عندما أمم شركات نفط بلاده. في ذلك الوقت، كانت بريتش بتروليوم تتحكم بالنفط هناك، فقامت وكالتي الاستخبارات الأمريكية والبريطانية بالانقلاب على مصدق وإعدامه، وإعادة الشاه إلى سدة الحكم. كما نعلم جميعًا بمصطلح "دول الموز"، وهو مصطلح ساخر يطلق للانتقاص من الدول. ظهر هذا المصطلح لأول مرة في بدايات القرن الماضي في دول أمريكا الجنوبية، حيث سيطرت شركات زراعة الموز الأمريكية على بعض هذه الدول وتحكمت فيها تمامًا.
وهناك من يقول إن شركات التكنولوجيا والاتصالات العملاقة، مثل جوجل، هي التي ترسم قرارات الإمبراطورية. فقد ضغطت هذه الشركات على حكومة الولايات المتحدة لحظر هواوي بسبب النجاحات الكبيرة التي حققتها في تكنولوجيا الجيل الخامس، وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي الأمريكية التي دفعت بلدها لتضييق الخناق على تيك توك.
وبالتأكيد، أحد أهم اللاعبين هو المجمع الصناعي العسكري الذي يعتاش على الحروب. البعض يدعي أن سبب احتلال العراق كان لإشباع نهمهم بعد أن توسع بشكل كبير إبان حرب فيتنام وأصبح على حافة الإفلاس بعدها، مما دفعهم إلى البحث عن حرب جديدة تنعشهم.
وبالطبع، أحد اللاعبين الرئيسيين هو الفاشية المسيحية التي ترى أن الفساد والحروب وسفك الدماء وإقامة الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى ستعجل بعودة المسيح. هذا يتفق مع اللاعب الأهم، وهو الصهيونية، حيث أن العديد من المصادر تجمع على أن اللوبي الصهيوني هو الحاكم الفعلي للولايات المتحدة. وتثبت حرب غزة ذلك، فالولايات المتحدة تحمي الكيان الإسرائيلي في المحافل الدولية، تمده بالسلاح، وتخوض معه جنبًا إلى جنب في عملية التطهير العرقي التي تحدث في فلسطين.
برأيي، جميع من ذكرتهم أعلاه لديهم تأثير كبير في السياسات الأمريكية، ولكن الذين يحكمون فعلاً الولايات المتحدة هم أشخاص لا نراهم على وسائل الإعلام ويديرون المشهد من الخلف. قد يكون هؤلاء، على سبيل المثال، شركات مثل بلاك روك وفانجارد وستيت ستريت، حيث تملك هذه الشركات أصولاً تصل إلى 19 تريليون دولار، مما يجعلهم يأتون من حيث الحجم خلف الولايات المتحدة مباشرة. ومن المتوقع أن تزيد أصولهم عن حجم الاقتصاد الأمريكي في العشرين سنة القادمة.
فالذين يديرون الولايات المتحدة قطعًا ليسوا الرؤساء أو الذين صوت لهم الناخبون، وهذا ما تثبته المناظرة. وبالتالي، فإن الانتخابات تُستخدم لإلهاء الشعب وجعلهم يعتقدون أنهم أصحاب القرار، بينما تستمر النخب في حكمهم فعليًا.
مع أن الجميع يشكك في قدرات بايدن الذهنية، إلا أن الإمبراطورية تستمر في عملها على أكمل وجه في إشعال الحروب والاستفادة منها. فكيف يمكن لرئيس مشكوك في قدراته العقلية أن يخوض حربين ضروسين، واحدة مباشرة في غزة والثانية بالوكالة في أوكرانيا، مما قد يؤدي إلى انفجار الكوكب؟

نيسان ـ نشر في 2024-07-10 الساعة 19:28


رأي: اسماعيل الشريف

الكلمات الأكثر بحثاً