الأموات يسرقون أيضا للمبدعة سندس جابر
نيسان ـ نشر في 2015-11-23 الساعة 13:24
أغلبُّ الظن أنهم عندما حملوا آخر كومة تراب ليداروا بها قبره لم يطمروا جسدهُ وحسب !
أتصدقون إِنْ قلت لكم أنّ الأموات يسرقون، يسلبون من السعادة يأخذونَ منا دون أن يدروا فجيعة ما اقترفوا سلامنا ،،
لا أصواتهم تبقى ، أكتافهم التي توسدناها تفنى ..
يسرقون وهج الضحكة ، بريق العين .. و لا يبقى لنا بعدهم إلا قهقهات عابرة ،
الموت مذهل ، لدرجة أنك تقابلهُ في بداية الأمر إذا ما ارسلوا لَكَ خبر أَنَّهُ حلّ ضيفاً على فلان ..
بضحكة، ريبة ، ثم نفي و استنكار ، و سرعان ما تصدق و تخضع !
صلاةٌ فوداع ، تكفينٌ و رحيل ..
يقولون كل غائب سيعود ، كل راحل سيرجع إلا أولئك اللذين ركبوا قطار الموت فإنّ تذكرة الرجوع مفقودة ،غيابهم هو الغياب الأبدي و وداعهم هو الوداع الأخير .. آخر كلمة قالوها قيلتْ قبل الوداع الذي جاء غفلة ، قيلت صدفة دون ترتيب و خيمَّ الصمت عندما وقفنا أمام أجسادهم نبكي و لا نحن و لا هم نملك حولاً و لا قوة .. ربما وقفت أرواحهم إلى جانبك و مسحت دمعك ، ربما ضغطت على معصمك و شدت أزرك و أنت لا تشعر ..
الموت فلسفة أفكار لا تدركها العقول ، عناق لا تشعر به الأرواح ، ثورة و ضجيج انطفاء قصري و انخماد ، و حياة مستمرة بالرغم من رحيلهم و عن وجع ارواحنا ..
كل الأشواق تسكن يوماً
كل بالٍ مشغول حتماً سيهدأ.
كل مصير مجهول حتما سيعرف ، بالنسبة للأحياء أما الأموات فالمجهول الدامي ، الضباب يلف تفاصيل مصيرهم و حياتهم !
ينكمش خرم السعادة مع من مات و من رحل !
يقولون الدموع تجف و الحزن يزول بعد الصدمة الأولى ،،
وأقول: القلوب هي الآي تجف من حر الصدمة و من فجاعة المصيبة و من قباحة الغياب
الحزنُ يصير صديق خمسةٍ و سبعين نبضة في دقيقة واحدة على مدار اربعٍ و عشرين ساعة فتعتادهُ !
يقولون : الأيام كفيلة أن تجعلَ منكَ شخصاً متناسي ..
أقول : الحقيقة أنت لا تنسى أنت تنشغل بالسيطرة على زمام الأمور ، تنشغل بمدارةِ الدمع و زجر الذكريات و إخفاء الدموع ..
أنت لا تحتاج شيء الا هم و هم ماتوا !
كيف يحضر لك عالمك الترياق ، و الدواء المطلوب لعلاج روحكَ تأكلهُ الديدان و تطير فوق قبرهِ أسرابُ الحمام ، كيف !