اتصل بنا
 

خزانات الأفكار التي نريد

كاتب وصحافي اردني

نيسان ـ نشر في 2024-07-15 الساعة 08:36

نيسان ـ يناير الماضي من هذا العام، التقيت الدكتور عبدالعزيز الصقر في العاصمة الأردنية عمان، وقد كان ضيفا على مؤسسة أديرها ضمن فعالية كانت مصممة لبحث العلاقات السعوديةالأردنية.
الدكتور الصقر هو الرئيس المؤسس لمركز الخليج للأبحاث ومقره في جدة. وهو واحد من أكبر خزانات الأفكار لا في الخليج وحسب بل في الإقليم وحضوره قوي عالميا.
مركز الخليج يعقد ملتقاه الرابع عشر هذه الأيام في جامعة كمبردج في بريطانيا وبالتعاون معها، وهي ثاني أقدم جامعة على مستوى العالم الناطق بالإنجليزية وإحدى الجامعات السبع العتيقة في الجزر البريطانية.
تلك المراكز البحثية وخزانات الأفكار (لا أجد ترجمة أكثر دقة لمصطلح Think Tanks)، هي أكثر ما يحتاجه العالم اليوم، وعمليا فهي التي تعمل يوميا على تصورات جديدة خارج الصندوق التقليدي لما يجب أن يكون عليه شكل العالم بكل أزماته وضجيج مشاكله، وفي عالمنا العربي فإن تلك المراكز قليلة على كثرتها، بمعنى أننا في بحث بسيط على محرك البحث "غوغل" سنجد مئات المراكز وبأسماء ومواضيع مختلفة لكن الناجح بفاعلية حقيقية منها قليل جدا.
مركز الخليج للأبحاث واحد من تلك المراكز القليلة النوعية ذات النشاط المكثف، وبعيدا عن المديح في غير مكانه إلا أنني لا أستطيع أن أتجاوز شخص مؤسسه الدكتور عبدالعزيز الصقر كحالة مثقفة عالية المعرفة متعددة اللغات بحضور هادئ لكن عميق، ومما تعلمته منه في عشاء جمعنا في بروكسل قبل شهرين أن أعمال مراكز الدراسات تتطلب صبرا طويلا وجهدا أكثر من العادي لترسيخ فكرة أهميتها وإلا ضاعت في مهب التيه والكثرة التي لا تصنع قيمة.
يرسل لي المركز "والدكتور الصقر بنشاط لا يفتر" نشاطاتهم اليومية، والتي توازي نشاطات أجهزة دبلوماسية بكاملها، وأهم ما يقوم به المركز هو التشبيك المستمر وبلا انقطاع مع الجميع في العالم، لكن ضمن تصنيف موضوعي يختار في معاييره النوعية المعرفية.
شخصيا، ومن قراءات ما ينشره المركز من تقارير ودراسات وأبحاث فإنني حظيت برؤية معرفية واسعة ومتنوعة ومختلفة لمنطقة الخليج العربي تكسر النمطية التي كان التفكير "مقولبا" بها، وصارت القدرة على التحليل أكثر سعة بحجم المعرفة التي زودتني بها تلك الدراسات.
الصحافة ليست عملية نقل صماء للأخبار، وهذه المراكز "العربي والدولي منها" مهمة وضرورية للصحفي، والكاتب الصحفي على وجه الخصوص، فهي الذخيرة المعرفية الحية التي تعينه على معاركه اليومية في تنشيط الوعي الذاتي وتقديم رسالته للمتلقي الذي يستحق الاحترام اللازم، ولا يكون ذلك إلا بتقديم الفكرة والمعرفة.
لست بصدد الترويج لمركز ضخم مثل مركز الخليج والذي افتتح آخر مكاتبه في بروكسل ونشاطاته تغطي العالم، لكنها محاولة ترويج لأهمية تلك المراكز البحثية التي نحتاجها في الأردن تحديدا بعيدا عن الأجندات الضيقة وعمليات التسلق "الأكروباتي" لغايات شخصية، وضرورة توسعة فتحة الفرجار لتكون منفتحة على الإقليم والعالم.

نيسان ـ نشر في 2024-07-15 الساعة 08:36


رأي: مالك عثامنة كاتب وصحافي اردني

الكلمات الأكثر بحثاً