اتصل بنا
 

186 الف شهيد

نيسان ـ نشر في 2024-07-16 الساعة 21:47

نيسان ـ عندما يرتقي الشهيد ويسير في زفاف ملكي إلى الفوز الأكيد، وتختلط الدموع بالزغاريد.عندها لا يبقى لدينا شيئاً لنفعله أو نقوله، لأنه قد لخّص كل قصتنا بابتسامته – غازي حمد، سياسي وكاتب فلسطيني
بتاريخ 5 أيلول الماضي، نشرت مجلة "ذي لانسيت" (The Lancet) - وهي أقدم مجلة طبية متخصصة وواحدة من أهم المجلات العلمية في العالم، تأسست في بريطانيا عام 1823 وتُحظى باحترام كبير لالتزامها بمعايير تحريرية صارمة - بحثًا أحدث ضجة كبيرة بعد أن أشار إلى أن عدد شهداء غزة قد يزيد عن 186 ألف شهيد.
تقوم منهجية الدراسة على أساس على الأرقام والبيانات التاريخية من صراعات مختلفة، حيث غالبًا ما يفوق عدد الوفيات غير المباشرة بسبب سوء التغذية وانعدام الرعاية الصحية والأمراض، عدد الوفيات المباشرة بسبب الأعمال الحربية. في الصراعات الماضية، كانت النسبة 1:4، أي أنه مقابل كل شهيد يستشهد بالسلاح، هناك أربعة يستشهدون لأسباب أخرى مرتبطة بالحرب.
واستندت الدراسة إلى مصادر متعددة نزيهة وموثوقة، منها وزارة الصحة في القطاع، وتقارير الأمم المتحدة، ومنظمات المجتمع المدني.
وتتفق مع هذه الدراسة دراسة أخرى أجرتها جامعة هوبكنز، تشير إلى أن عدد الشهداء في غزة لا يقل بأي حال من الأحوال عن سبعين ألفًا. جامعة هوبكنز كانت الجهة المسؤولة عن إصدار إحصائيات الولايات المتحدة حول جائحة كورونا. كما تتفق مع دراسة أخرى قدمتها منظمة أوكسفام، وهي منظمة غير ربحية تعنى بمحاربة الجوع حول العالم، والتي تفيد بأن عدد الشهداء في غزة هو الأعلى في التاريخ المعاصر نتيجة الصراعات، وأن معدل الشهداء اليومي يبلغ 250 شهيدًا.
بالطبع، يشكك جيش الاحتلال المجرم والساسة الصهاينة والأمريكيون في أرقام وزارة الصحة في قطاع غزة ويرفضون اعتمادها. ومع ذلك، لم يقدم أحد أرقامًا بديلة تتناقض مع أرقام وزارة الصحة.
ولأهمية مصدر هذه الدراسة، فقد نقلتها عن المجلة أهم الوسائل الإعلامية مثل قناة الجزيرة، ووكالة الأناضول، ومجلة العربي الجديد. لم تقتصر وسائل الإعلام العربية أو المتعاطفة مع أهلنا في غزة على نشر هذا التحقيق، بل امتدت التغطية لتشمل وسائل إعلام غربية مثل ياهو نيوز وذي ناشن.
وبعيدًا عن جميع الدراسات، مما نشاهده في وسائل الإعلام من مجازر، وما نعلمه من علم الإحصاء، فإن عدد الشهداء المؤكد هو أكثر بكثير من العدد المُعلن عنه:
1- حجم القنابل التي أسقطت على غزة يبلغ حوالي 25 ألف طن، بينما بلغت القنابل النووية التي أُسقطت على اليابان أثناء الحرب العالمية الثانية 15 ألف طن. ولا ننسى بالطبع أن القنابل الحديثة أكثر فتكًا وقوة تدميرية من القنابل القديمة، مهما ادّعوا بأنها "ذكية".
2- عدد ضحايا قنبلتي هيروشيما وناكازاكي بلغ حوالي ربع مليون إنسان.
3- غزة هي أكثر منطقة مكتظة في العالم؛ حيث تحتل المباني نصف مساحتها، ويعيش فيها 6119 شخصًا في كل كيلومتر مربع. وقد دمر الكيان 75% منها.
4- يعاني أكثر من نصف سكان القطاع من سوء التغذية، وتنتشر الأوبئة والامرض المزمنة بين سكانها.
5- عدد الشاحنات اليومية التي تدخل القطاع حاليًا هو 13 شاحنة يوميًا من أصل خمسمائة شاحنة هي احتياجات القطاع للبقاء على قيد الحياة.
6- يعمل حاليًا فقط عشرة مستشفيات جزئيًا من أصل 36 مستشفى في القطاع.
7- معدل المواليد اليومي هو 195 طفلًا، وأجزم بأن النسبة العظمى منهم يستشهدون.
8- يعاني 300 ألف شخص من أمراض مزمنة، مثل السرطان وغسيل الكلى، ويعانون من نقص حاد في الأدوية والرعاية الصحية.
9- شاهدنا في وسائل الإعلام تسريبات لجنود صهاينة يتحدثون عن التعليمات الصادرة لهم بقتل كل شيء يتحرك في غزة.
10- يقوم الاحتلال بتنفيذ مجازر يومية على المناطق التي حددها على أنها آمنة، وهذه المناطق مكتظة بشكل كبير بالمدنيين.
لذلك، فالمنطق يقول بأن جميع التقارير الصادرة من منظمات موثوقة تجتمع على أن عدد الشهداء أضعاف الأرقام المعلنة هو أمر صحيح.
ما آلمني وأنا أكتب هذه المقالة هو أنني تحدثت عن شهداء غزة وكأنهم مجرد أرقام. أعتذر للشهداء وذويهم والقراء الكرام؛ فهم ليسوا أرقامًا، بل أرواح نبضت بالأمل والحب وحكايا وأحلام. كل واحد منهم عاش حياة مليئة بتفاصيلها الدقيقة: ابتسامة، حب، حضن دافئ، وتطلعات للمستقبل. ما أبشع أن أكتب مقالة عن أهلنا بلغة الأرقام، فكل واحد منهم له وجه، واسم، وصوت. سامحوني.
https://www.thelancet.com/action/showPdf?pii=S0140-6736%2824%2901169-3

نيسان ـ نشر في 2024-07-16 الساعة 21:47


رأي: اسماعيل الشريف

الكلمات الأكثر بحثاً