لهم عيد استشهاد لا ميلاد
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
صحفي وكاتب عامود في صحيفة الدستور
نيسان ـ نشر في 2024-08-02 الساعة 11:22
نيسان ـ لا أعلم؛ ولا أطلق فتوى، لكنني أعتقد بأن دم طفل يموت غدرا ..حرقا أو خنقا تحت الردم، أو قنصا، أو ربما جوعا، أغلى وأشد حرمة من دم قائد سياسي أو عسكري، ولا يعني هذا بأن دماءهم ليست أطهر وأكثر الدماء قيمة وقداسة.
شعب لا يولد، فلا تاريخ ميلاد لهم، غير أنهم «ينبتون» من قضيتهم العادلة، وربما لا وجود فعليا لهم في أدغال القانون الدولي، سوى من خلال صمودهم على تمسكهم بفلسطين، يذهبون إلى الله بالآحاد والعشرات والمئات والألوف والملايين، فتتكاثر بركات دمهم بمطر وخير وفير، يهطلان على رؤوس كائنات أخرى، بينما نصيبهم منها «شهادة استشهاد لا ميلاد»، وعيدهم فرح ينطلق من الأرض لكنه يكتمل في السماء، حيث الرجوع الأخير لرب حكيم على كل شيء قدير، وهو سبحانه من قال «..بل أحياء عند ربهم، يُرزقون».
لست حزينا على استشهاد اسماعيل هنية، فهو تمناها مليون مرة على رؤوس الأشهاد، وفرح بها كل مرة حين نالها أهله وكل زملائه قبله، بل أنا حزين على أبرياء يموتون بلا حساب في غزة، لكنني حزين أكثر على من لا يموتون بكرامة، ويستمرئون عيش حياة كلها ذل ومهانة وشعور بالتخلف وبقلة القيمة.. وهم لا يحتاجون أن يقال لهم موتوا بذل وبقلة كرامتكم وعبوديتكم وعاركم، فهم لهم عيد ميلا، يحتفلون به كل عام، لكنهم «يموتون» وتبدأ رحلة ذلهم وهوانهم الحقيقية.
رحم الله اسماعيل هنية؛ فلم أنظر له يوما على أنه سياسي خارق، بل كنت أشاهد عبر الشاشات، رجلا بسيطا ليس خبيرا في السياسة، لكنه خبير كبير في الصدق والطيبة والإيمان، كنت «أشوفه» رجل من «أهل الله»، فلم أشعر بمفاجأة حين سمعت خبره، ولا أجرؤ على القول بأنني فرحت بالخبر، لأنني عندي «معايير» ثانية بالنسبة لمثل هؤلاء الصادقين، وأشعر بأنه الآن هو أكثر الذين ماتوا فرحا، فالرجل كان واثقا بالمغادرة بهذه «الشهادة» الكبيرة.
ليست القضية بموت وحياة هؤلاء الرجال الذين لم تثنهم كل العوائق عن الصدق مع أنفسهم، ولا عن الالتزام بطلب حريتهم، واستقلال وطنهم المحتل، بل القضية في «العملاء»، الذين يخدمون المجرم المحتل، ومنتهك كرامتهم وحقوقهم، ويتفانون في خدمته رغم علمهم الأكيد بأنه سيكون المرشح الأكبر لقتلهم «بالكندرة»، أو بتعذيبهم وتقليل هيبتهم وكرامتهم حتى الموت.. فمسؤولية موت كل هؤلاء تقع على عاتق العالم أولا، وعلى شعوب ارتضت الهوان فغدت «رخيصة.. حقوقها وكرامتها ودمها».. كله «ببلاش» إلا ربع، والتعذيب يأتي «طباشة البياع».
اغتيال اسماعيل هنية، يقع ضمن مسؤولية طهران، إن كانت دولة ذات كرامة وسيادة، وصادقة فيما تدعيه منهما، أما اغتيال الشعب الفلسطيني في محرقة غزة، فهو مسؤولية أمريكا والنظام الدولي المتواطئ.
ما زالت فلسطين تعلم العالم معنى الحرية والتضحية من أجلها، ويسجلون مولدهم يوم استشهادهم، لا يوم ميلادهم، فهم الأحياء الحقيقيون، وهذا معنى إما ان تعيش بكرامة أو أن «تحيا شهيدا».
شعب لا يولد، فلا تاريخ ميلاد لهم، غير أنهم «ينبتون» من قضيتهم العادلة، وربما لا وجود فعليا لهم في أدغال القانون الدولي، سوى من خلال صمودهم على تمسكهم بفلسطين، يذهبون إلى الله بالآحاد والعشرات والمئات والألوف والملايين، فتتكاثر بركات دمهم بمطر وخير وفير، يهطلان على رؤوس كائنات أخرى، بينما نصيبهم منها «شهادة استشهاد لا ميلاد»، وعيدهم فرح ينطلق من الأرض لكنه يكتمل في السماء، حيث الرجوع الأخير لرب حكيم على كل شيء قدير، وهو سبحانه من قال «..بل أحياء عند ربهم، يُرزقون».
لست حزينا على استشهاد اسماعيل هنية، فهو تمناها مليون مرة على رؤوس الأشهاد، وفرح بها كل مرة حين نالها أهله وكل زملائه قبله، بل أنا حزين على أبرياء يموتون بلا حساب في غزة، لكنني حزين أكثر على من لا يموتون بكرامة، ويستمرئون عيش حياة كلها ذل ومهانة وشعور بالتخلف وبقلة القيمة.. وهم لا يحتاجون أن يقال لهم موتوا بذل وبقلة كرامتكم وعبوديتكم وعاركم، فهم لهم عيد ميلا، يحتفلون به كل عام، لكنهم «يموتون» وتبدأ رحلة ذلهم وهوانهم الحقيقية.
رحم الله اسماعيل هنية؛ فلم أنظر له يوما على أنه سياسي خارق، بل كنت أشاهد عبر الشاشات، رجلا بسيطا ليس خبيرا في السياسة، لكنه خبير كبير في الصدق والطيبة والإيمان، كنت «أشوفه» رجل من «أهل الله»، فلم أشعر بمفاجأة حين سمعت خبره، ولا أجرؤ على القول بأنني فرحت بالخبر، لأنني عندي «معايير» ثانية بالنسبة لمثل هؤلاء الصادقين، وأشعر بأنه الآن هو أكثر الذين ماتوا فرحا، فالرجل كان واثقا بالمغادرة بهذه «الشهادة» الكبيرة.
ليست القضية بموت وحياة هؤلاء الرجال الذين لم تثنهم كل العوائق عن الصدق مع أنفسهم، ولا عن الالتزام بطلب حريتهم، واستقلال وطنهم المحتل، بل القضية في «العملاء»، الذين يخدمون المجرم المحتل، ومنتهك كرامتهم وحقوقهم، ويتفانون في خدمته رغم علمهم الأكيد بأنه سيكون المرشح الأكبر لقتلهم «بالكندرة»، أو بتعذيبهم وتقليل هيبتهم وكرامتهم حتى الموت.. فمسؤولية موت كل هؤلاء تقع على عاتق العالم أولا، وعلى شعوب ارتضت الهوان فغدت «رخيصة.. حقوقها وكرامتها ودمها».. كله «ببلاش» إلا ربع، والتعذيب يأتي «طباشة البياع».
اغتيال اسماعيل هنية، يقع ضمن مسؤولية طهران، إن كانت دولة ذات كرامة وسيادة، وصادقة فيما تدعيه منهما، أما اغتيال الشعب الفلسطيني في محرقة غزة، فهو مسؤولية أمريكا والنظام الدولي المتواطئ.
ما زالت فلسطين تعلم العالم معنى الحرية والتضحية من أجلها، ويسجلون مولدهم يوم استشهادهم، لا يوم ميلادهم، فهم الأحياء الحقيقيون، وهذا معنى إما ان تعيش بكرامة أو أن «تحيا شهيدا».
نيسان ـ نشر في 2024-08-02 الساعة 11:22
رأي: ابراهيم عبدالمجيد القيسي صحفي وكاتب عامود في صحيفة الدستور