هجمة صهيونية على البدو
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
صحفي وكاتب عامود في صحيفة الدستور
نيسان ـ نشر في 2024-08-26 الساعة 10:31
نيسان ـ مهما قال علماء الاجتماع والتاريخ والفلسفة، فأصل كل العرب هو حياة البداوة، وهي حقيقة لا نتنصل منها ولا نوظفها كما توظفها الصهيونية، أو كما يوظفها أعداء العرب على مر العصور والصراعات التي لم تتوقف يوما، ومنذ أيام وأنا أشاهد وأقرأ دعاية مسيئة للسعودية، شعبا ودولة، وهي إساءة موجهة لكل العرب، سيما وأنها تخرج في زمن «موقوت»، ومن جهة لها علاقات كبيرة «مشبوهة» بالصهيونية، ولن نطرح الأسئلة الاستقصائية الكلاسيكية، مثل لماذا في هذا الوقت، وبهذا الخطاب؟.. فالعرب والسعودية وكل دول الخليج وشعوبها، لم تسلم يوما من مثل هذه الإساءات، لكن ما لا يدهشني، أعني أصبح لا يدهشني، هو أن يقوم أبناء العروبة أنفسهم بالإساءة إلى أنفسهم وتاريخهم، اعتقادا منهم بأنهم يترفعون ويبرئون أنفسهم أمام الغرب والشرق، من الاتهامات الباطلة التي جرى توجيهها في فيلم هندي موجّه ضد شعب ودولة السعودية، وغارق بالمغالطات والتناقضات والبعد عن المنطق، ولا يعلم هؤلاء بأنهم في الإعلام الغربي والشرقي لهم صورة نمطية واحدة، وهي ما شعرت بأن ذلك الفيلم يكرسها.
لا أدعي بأنني شاهدت الفيلم السينمائي «الهندي»، بل مقاطع منه، ومثلي لا يشاهد مثل هذه المقاطع كآخرين كثر، سيما وأنني أصلا راعي «غنم»، وأعتز بهذه الحياة البسيطة النقية البريئة، حيث قيل بأن «ما من نبي إلا ورعى الغنم»، فهي أول وأعمق الدروس في السياسة والحياة الإنسانية بالنسبة للنفوس العربية السليمة الطاهرة، وهذه حقيقة قد يستغربها بعض الموضوعيين لأنه غادر حياة البداوة منذ أجيال، وهي ليست جريمة، بل تطور إنساني طبيعي، لا يسيء لهم أو لأحد. لكنني في تلك المقاطع التي شاهدتها، لا حظت غرقا بتفاصيل سينمائية فنية تنطوي على مغالطات يعرفها «الرعيان مثلي»، حيث الغرابة في وجود «غنم» في صحراء من رمال، فالغنم لا تعيش في الصحراء إلا في زرائب ومناطق مأهولة، فالصحراء ليست مراعي.. لكنها أمور فنية ليست ذات قيمة بالنسبة لمن يريد أن يجعل أغبياء يروجون دعاية ضد أنفسهم وبأنفسهم.
فهمت أن الفيلم يتناول حياة شاب هندي، قادته عصابات الاتجار بالبشر للسعودية، وهي عصابات لها مكاتب لإيفاد العمالة بكل أنواعها لدول الخليج وغيرها، تقدم فرص عمل للشباب في مناطق شرق آسيا وغيرها، وهم موجودون «بالملايين» في الخليج، وكثيرون منهم اندمجوا في مجتمعات العرب ونالوا جنسيات تلك البلدان، ويستمتعون بكامل الحقوق السياسية، ويتاجرون بكل أنواع التجارة، حتى «الاستثمار في الأيدي العاملة»، يستوردون من بلدانهم الأم أقارب وأصدقاء وشبابا كثرا في مختلف الميادين، وينطلق هؤلاء في أسواق العمل المختلفة، وثمة تاريخ طويل لاستقدام العمالة في الخليج، ونتائج وإنجازات حضارية وتنموية كبيرة وكثيرة، انعكست على البلدان المصدرة للأيدي العاملة والمستقبلة لها، فليس الأمر مجرد تناول قصة حدثت مع شخص أو أكثر، ويقف خلفها بعض سماسرة وتجار البشر، فإن كانت القصة التي يتناولها الفيلم قد حدثت بحذافيرها أو أشد قسوة مما يعرضه الفيلم، فهي تحدث في كل الدنيا، ويجري ظلم البشر لبشر آخرين، ولهذا وجدت القوانين والمحاكم، لتستعيد حقوق الناس، ولا أعتقد بأنه ثمة قصور في قوانين السعودية أو غيرها، لتحقيق العدالة على أراضيها.
الأمر الذي يجب أن يستفز «العرب» هو سر انتشار هذه الحكاية بهذه السرعة عبر تطبيقات السوشال ميديا، دون حسيب أو رقيب، رغم ما تنطوي عليه من إساءات لدولة وشعب بل لأمة، تنتشر شعوبها في عدة دول، بينما لم تشهد البشرية ظلما ولا بشاعة ولا جرائم يتم بثها حية بلا انقطاع وعلى الهواء مباشرة، كما تشهد «غزة»، فأقل حكاية تزيد في بشاعتها وقسوتها مليون مرة عن قصة ومعاناة شخص، تخطفته أياد وبشكل فردي، وانتهكوا القوانين ليتاجرو بشاب ما، بينما يتم اغتيال الحياة والطفولة وتدمير كل شيء بأبشع الطرق وأشد الأسلحة فتكا، وتنهال سيول الصورة للمأساة البشرية، وتقوم تلك التطبيقات بحجبها عن العالم، وتفتح الآفاق كلها لفيلم سينمائي، كي يتعامل معه جيل من العرب التائهين بغباء..
لا مجال لتوصيل كل المفارقات والأخطاء في مقال، وسننتهز فرصة أخرى على «مسرح الدم العربي والإبادة» حيث يجري اغتيال أمة كاملة ومصادرة حقوقها الإنسانية، بابشع وأقذر الطرق، ومن قبل الدول التي تدير الكوكب، وليست مصيبتنا وقصتنا مجرد مسرح لمواطن عربي سينمائي ما في قصة ما، حدثت قبل «مليون يوم»، فالذبح والظلم والموت طازج هنا على المسرح.
لا أدعي بأنني شاهدت الفيلم السينمائي «الهندي»، بل مقاطع منه، ومثلي لا يشاهد مثل هذه المقاطع كآخرين كثر، سيما وأنني أصلا راعي «غنم»، وأعتز بهذه الحياة البسيطة النقية البريئة، حيث قيل بأن «ما من نبي إلا ورعى الغنم»، فهي أول وأعمق الدروس في السياسة والحياة الإنسانية بالنسبة للنفوس العربية السليمة الطاهرة، وهذه حقيقة قد يستغربها بعض الموضوعيين لأنه غادر حياة البداوة منذ أجيال، وهي ليست جريمة، بل تطور إنساني طبيعي، لا يسيء لهم أو لأحد. لكنني في تلك المقاطع التي شاهدتها، لا حظت غرقا بتفاصيل سينمائية فنية تنطوي على مغالطات يعرفها «الرعيان مثلي»، حيث الغرابة في وجود «غنم» في صحراء من رمال، فالغنم لا تعيش في الصحراء إلا في زرائب ومناطق مأهولة، فالصحراء ليست مراعي.. لكنها أمور فنية ليست ذات قيمة بالنسبة لمن يريد أن يجعل أغبياء يروجون دعاية ضد أنفسهم وبأنفسهم.
فهمت أن الفيلم يتناول حياة شاب هندي، قادته عصابات الاتجار بالبشر للسعودية، وهي عصابات لها مكاتب لإيفاد العمالة بكل أنواعها لدول الخليج وغيرها، تقدم فرص عمل للشباب في مناطق شرق آسيا وغيرها، وهم موجودون «بالملايين» في الخليج، وكثيرون منهم اندمجوا في مجتمعات العرب ونالوا جنسيات تلك البلدان، ويستمتعون بكامل الحقوق السياسية، ويتاجرون بكل أنواع التجارة، حتى «الاستثمار في الأيدي العاملة»، يستوردون من بلدانهم الأم أقارب وأصدقاء وشبابا كثرا في مختلف الميادين، وينطلق هؤلاء في أسواق العمل المختلفة، وثمة تاريخ طويل لاستقدام العمالة في الخليج، ونتائج وإنجازات حضارية وتنموية كبيرة وكثيرة، انعكست على البلدان المصدرة للأيدي العاملة والمستقبلة لها، فليس الأمر مجرد تناول قصة حدثت مع شخص أو أكثر، ويقف خلفها بعض سماسرة وتجار البشر، فإن كانت القصة التي يتناولها الفيلم قد حدثت بحذافيرها أو أشد قسوة مما يعرضه الفيلم، فهي تحدث في كل الدنيا، ويجري ظلم البشر لبشر آخرين، ولهذا وجدت القوانين والمحاكم، لتستعيد حقوق الناس، ولا أعتقد بأنه ثمة قصور في قوانين السعودية أو غيرها، لتحقيق العدالة على أراضيها.
الأمر الذي يجب أن يستفز «العرب» هو سر انتشار هذه الحكاية بهذه السرعة عبر تطبيقات السوشال ميديا، دون حسيب أو رقيب، رغم ما تنطوي عليه من إساءات لدولة وشعب بل لأمة، تنتشر شعوبها في عدة دول، بينما لم تشهد البشرية ظلما ولا بشاعة ولا جرائم يتم بثها حية بلا انقطاع وعلى الهواء مباشرة، كما تشهد «غزة»، فأقل حكاية تزيد في بشاعتها وقسوتها مليون مرة عن قصة ومعاناة شخص، تخطفته أياد وبشكل فردي، وانتهكوا القوانين ليتاجرو بشاب ما، بينما يتم اغتيال الحياة والطفولة وتدمير كل شيء بأبشع الطرق وأشد الأسلحة فتكا، وتنهال سيول الصورة للمأساة البشرية، وتقوم تلك التطبيقات بحجبها عن العالم، وتفتح الآفاق كلها لفيلم سينمائي، كي يتعامل معه جيل من العرب التائهين بغباء..
لا مجال لتوصيل كل المفارقات والأخطاء في مقال، وسننتهز فرصة أخرى على «مسرح الدم العربي والإبادة» حيث يجري اغتيال أمة كاملة ومصادرة حقوقها الإنسانية، بابشع وأقذر الطرق، ومن قبل الدول التي تدير الكوكب، وليست مصيبتنا وقصتنا مجرد مسرح لمواطن عربي سينمائي ما في قصة ما، حدثت قبل «مليون يوم»، فالذبح والظلم والموت طازج هنا على المسرح.
نيسان ـ نشر في 2024-08-26 الساعة 10:31
رأي: ابراهيم عبدالمجيد القيسي صحفي وكاتب عامود في صحيفة الدستور