وحـين ننشَغل ُ بالشـوق ِ ! نصوص لـ ماجد شاهين
نيسان ـ نشر في 2015-11-27 الساعة 18:09
( 1 ) قـد ْ !
قد تُفزِعُني قطّة " تتعربش " جدارا ً أو تلوذ بزاوية من مدخل البيت ، لكنّي أحمل قلبا ً يهدي " رقّة و حبورا ً " إلى كل جهات الدنيا و يوّزع قطرات الشوق ولا يكلّ !
... يربكني مواء قطّة إلى حد ّ الوجل والخوف و يطيحني صمت عصفور و توقُفـْه ُ عن " الزقزقة " ، و قد تدمع منّي الروح ... لكنّي لا أدخّر جهداً و أبذل ما في الوسع لكي أترك عند الناس " شيئاً من رائحة قلبي " !
و حين لا أفعل ُ ، أو لا أعانق " بـُحّة اليمام " هنا أو حفيفا ً هناك ، أكون عجزت ُ أو كلّ منّي الجسد أو تاهت الطريق !
أفعل ، طالماً في الجسد روح و هواء !
( 2 ) أنشـغل ُ بنـا !
منشغل ٌ ، أنا الآن ، بــ ِ : كيف أصنع بيتا ً من قش ّ ليمامة ، لكي تتـّقي برد الشتاء و تنأى عن مطر ٍ طيّب قد يهدم خيمتها من غير قصد !
منشغل ٌ ، أنا الآن ، بــ ِ : كيف أوضـّب النافذة لكي تبتهج وتفرح حين ينقر زجاجها مطر ٌ !
منشغل ٌ ، أنا الآن ، بأصابعي القليلة ، أعدّها لكي ترسم بللا ً على أوراق الزيتون .
منشغل ٌ ، أنا الآن ، بـــ ِ رسالة ٍ كنت خبأتها أربعين سنة ً ، كيف أفضّها و كيف أرى صورتي فيها كما رسمتها امرأة لمحت وجهي ذات لعب ٍ أو ذات نافذة !
و أكثر ُ ،
أنشغل ُ الآن بــ ِ بيت القش ولا أحرقه ، و بالنافذة ولا أكسر زجاجها ، و بأصابعي و لا أغفل الزيتون ، و بالرسالة و شارع ٍ كنت ذرعته جيئة و ذهابا ً ستين ألف مرّة لكي أسأل الورد أن يدلّني إلى الطريق .
أنشغل ُ ، بالحياة بما يكفي لكي أفرح بنا .
أنشغل بنا .
( 3 ) و قَـد يذبحك الرضاب ُ !
و أمّا يتراءى لك َ وجهها ، فتبصر ُ نبضَك َ و أسرار َ روايتك ، تأخذُك الغواية ُ إلى الدفاتر و الحروف والكلام .
.. و أمّا ترى و جهها :
قد يُبهرك تورّد ٌ لم تعهده من قبل ،
قد تدفعك وجنة ٌ عابقة ٌ إلى أن تصمت ،
قد يأخذك نُعاس ٌ رقيق ٌ إلى أن تضطرب ،
و قد يذبحك التماع ُ الرضاب ِ حين افترار ثغر ٍ ،
و قد ،
.. و لكن : حين تأخذك الغواية إلى سيرة الوجه والنعاس ٍ و الوجنتين والرضاب و الهواء الذي يمرّ خفيفا ً ... من أين تبدأ بالكلام ؟
( 4 ) .. و الشوق ُ !!
لو أن ّ " الشوق " مزقٌ في قميص ٍ ، لــ َ كُنت ُ رتقته أو طوّحت القميص و أزراره و جيوبه !
لو أن ّ " الشوق " طعم فاكهة ، لــ َ كنت ُ قضمتها و تناولت ما لذ ّ منها و ما طاب !
لو أن ّ " الشوق َ" رائحة طريق ، أو فيء شجرة ، لــ َ كنت ُ لثمت الدرب و تفيأت ُ ظل ّ الشجرة .
لو أن ّ " الشوق َ " رسالة و أغنيّة و هواء ، لــ َ كنت ُ دندنت ُ كما يفعل العاشق ُ و أكثر و كتبت رسالة ً مكتظّة بالحبق و أكثر و رميت منديل شوقي في الهواء و أكثر .
لو أن ّ " الشوق َ " تأمّـل ٌ وحسب ، لــ َ كنت ُ ركنت ُ إلى زاوية في فناء مفتوح إلى الدنيا و مضاء بي و مغلق دون الآخرين ، وهناك رحت في الوجد عن آخرِهِ و الانتظار و استحضار الوجوه والصور و الجدران .
لو أن ّ " الشوق َ " كلّ ذلك و أكثر ، لــ كنت ُ فعلت ُ ما يليق به و أكثر !
لكن ّ الشوق لا وصف مغلقا ً له و لا جدران تحاصره و لا تحدّه أو تعرفه تخوم ٌ .
الشوق فاكهة لذيذة المذاق طيّبة الرائحة ، لكنها لم يزرعها أحد بعد ُ !
و الشوق ُ ، أنا ، حين ألمح في المدى ما يشبه صوتك !
هل ُ تُلمَح ُ الأصوات أم تُسمَع ؟
الشوق ُ ، عند المشوق ، حالة أخرى ، تُسمع ُ فيها الرائحة و يُرى فيها الصوت و يطلع النبت ُ من غير سوء !
الشوق ، أنت َ و أكثر !
( 5 ) قرنفلة الكلام !
كُُنت ُ أقرأ سطرا ً و أتوقف ُ لكي أدفع َ عينيّ باتجاه النافذة ، كُنت ُ ألملم ُ عن أغصان وارفة " نتف َ الكلام " و حروف العطف و أسئلة الحال ، و كُنت ُ أعود إلى الدفتر ِ فأرى " قرنفلات الكلام " و " أباريق العسل " و كنت ُ أرى فستقات العيون يلتمع عندها و فيها الشوق و تنضج الفاكهة !
.. كنت ُ أقرأ قليلا ً و أروح ُ إلى ندى الشبابيك قليلا ً ، وكانت ارتُبِكَت ْ القصيدة !
.. كنت ُ أقرأ فقرة ً في قصيدة الكلام ، ثمّ أروح إلى " قصائد العيون والوجنات و شجر الفستق و بلل الشفاه و ملاعق العسل !
كنت ُ أوضّبني في دفاترِك ِ !