اتصل بنا
 

آفة (مؤسسة) الفساد

نيسان ـ نشر في 2015-04-25

x
نيسان ـ

لا ندري عن جهل أو تقصد، تشاغلنا وسائل الاعلام، بين الحين والآخر، بأخبار تتعلق بالفساد، فترفع في مانشيتاتها الرئيسية، عنوانا كبيرا، يحكي عن إلقاء القبض على موظف اختلس مبلغا ماليا محددا.

أو عن بعض المحاكمات ذات الطابع السياسي، لأشخاص تورطوا بقضايا مالية صغيرة نسبيا، وتجعلها عنوانا للنجاح الذي تحرزه الأجهزة الرقابية للدولة.

لكن هؤلاء الرقابيين، ومن أبطال السلطة الرابعة، وأرباب هذه الوسائل الاعلامية الغراء، فقط يمارسون ذر الرماد في العيون، أو نشر أدخنة التغطية، الساترة على الفساد الكبير، المتغلغل، المتمأسس، والمتخفي، بنشر خبر عن سرقة قام بها موظف صغير، أو التوسع في مناقشات ومرافعات قضايا تصفية الحسابات، بين أعضاء نادي السياسة.

لنعترف أن الفساد من الحجم الكبير، يقوم على تواطؤ مجموعات من المتنفذين بين بعضهم البعض، في القضايا المحلية، أو مع اطراف خارجية، تشبه المافيات، فيما يخص علاقات المؤسسات الاقتصادية الخارجية.

فساد فعلا يرهق ويتسبب بوهن وهزال موازنة الدولة، وليس مجرد جرائم معزولة هنا أو هناك.

صحيح ان الفساد موجود في كل دول العالم، لكنه يزيد أو ينقص، حسب كفاءة وسلامة التشريعات، وسلامة الاجراءات، وأداء الادارة عموما، وطبعا حسب كفاءة الأجهزة الرقابية واستقلاليتها.

من الضروري أن تتبع مؤسسات مثل ديوان المحاسبة، ومكافحة الفساد، لمؤسسة الرقابة الاساسية في البلد، وهي مجلس النواب، وإلا ما هي الجدوى من أن تتبع للاجهزة التنفيذية، التي هي وجدت أصلا لتُمارَس الرقابة عليها.

الأنكى من ذلك، أن يقول لك قائل، أن الفساد في القطاع الخاص أكثر منه في القطاع العام، وهنا يتم التجاهل المتعمد لحقيقة أن الفساد موضوع القصد، هو الفساد المضر بأموال خزينة الدولة، وليس سرقة افراد لبعضهم البعض.

الفساد جريمة تختلف عن الجرائم العادية، فاطرافها عادة من المتنفذين، الذين يتواطؤون فيما بينهم لتمرير عملياتهم السوداء، من خلال أجهزة وادوات واقية، لا تترك أثرا أو اثباتا، لذلك هي تتطلب وسائل مختلفة في التعامل والعلاج، وسائل يمكنها مكافحة وردع هذه الآفة، وعلى رأسها الشفافية، فهي ضمانة لسلامة الاجراءات، شريطة أن تتوافر لها البيئة السليمة، فهي من جهة، تتطلب حرية الحصول على المعلومة، ومن جهة اخرى، الحق في نشر وتداول هذه المعلومة.

نيسان ـ نشر في 2015-04-25

الكلمات الأكثر بحثاً