أفول الهلال الإيراني
نيسان ـ نشر في 2024-10-08 الساعة 23:13
نيسان ـ إيران وريثة الدولة الفارسية، التي وصلت إلى أوسع امتداد لها في عهد كسرى الثاني لتمتد من غرب الهند شرقاً إلى ساحل البحر المتوسط الشرقي وجزء من مصر غرباً وسواحل بحر العرب واليمن جنوباً (في عهد سيف بن ذي يزن). إلا أن هذا التوسع لم يدم طويلاً، حيث بدأ بالانحسار والتراجع على يد الروم (هرقل) والدولة الإسلامية الناشئة.
في العقود الأربعة الأخيرة، استغلت إيران أخطاء الغرب في المنطقة وعدم الوصول إلى حل للقضية الفلسطينية فأعادت رسم إستراتيجية توسعية في المنطقة منطلقة من جغرافيتها المفتوحة وتحكمها بأحد أهم الممرات البحرية، وعمقها التاريخي والممتد لأكثر من ثلاثة آلاف سنة (كقيام أول دولة فارسية) وديموغرافيا قائمة على التفوق العرقي وغيرها من الأمور. لتحقيق أهدافها الإستراتيجية، بدأت باستخدام أدواتها المختلفة والتي منها استخدام آلية الاختراق الناعم باسم الدين وباستعراض القوة العسكرية (القائمة على الجيش والحرس الثوري والجيش الشعبي)، والأذرع الخارجية الجاهزة للاستخدام المباشر (كحزب الله) إلى أن وصلت في نفوذها إلى معظم مناطق التوسع التي وصلت اليها دولة كسرى تقريبا (العراق، سورية، لبنان، اليمن، وتنظيمات في افغانستان وباكستان وغيرها).
إن نفوذ إيران التوسعي وصل ذروته خلال العقد الماضي مشكلا هلالا إيرانيا بامتياز، خالقا بيئة فوضوية في دول نفوذه، مما فرض واقعاً امنياً وسياسيا واقتصاديا جديداً في دول المنطقة، لا بل مهددا أمن واستقرار بعض منها.
وهو الخطر كان الذي سبق للأردن أن استشعره قبل غيره ويعود الفضل في ذلك لحكمة وللنظرة المستقبلية الثاقبة للقيادة الهاشمية وهو الذي حذر من خطره مبكراً وقبل اكتمال نشوئه ليصبح هلالا مكتملا وممتداً عبر العراق وسورية وصولاً إلى لبنان.
واجتماعية داخلية، كنتيجة للحصار المفروض عليها منذ فترة طويلة، وبعد الضربات القاسية التي تلاقها حزب الله واكتشافها لمدى الاختراق لجسم الدولة لديها ولأذرعها، بدأت تتيقن من أن نفوذها في المنطقة مهدد وأن صعودها آخذ بالانحسار لا محالة، وأن هناك إعادة ترتيب لمستقبل المنطقة يعتمد على كيفية تعامل القوى الكبرى مع التحديات المعقدة التي تعيشها، وعلى قدرة دولها على استيعاب التجاذبات الدولية والتي أوجدت خريطة جديدة سيتم تنفيذها اجلاً ام عاجلاً وبالطرق المناسبة لذلك.
وعليه، فقد وجدت إيران نفسها على خط المواجهة المباشرة، وهي التي تعلم بأنه من المستحيل الحاق هزيمة بإسرائيل وتحالفاتها في ظل الظرف العالمي الحالي. وبالتالي أعادت حساباتها لكي لا تنزلق إلى الهاوية، وسارعت للعمل وفق حسابات معقدة للخروج بأقل الخسائر، فابتعدت عن حماس واكتفت بالدعم المعنوي لها، وتخلت عن حزب الله وهو في أمس الحاجة لها وخاصة بعد أن فقد قياداته، كما من المتوقع أن تتخلى أيضاً عن الحوثيين، ومن غير المستبعد أن تتخلى أيضاً عن نفوذها في سورية (وهي الدولة التي تعيش في الظروف الأكثر تعقيداً، وقابعة اليوم في حالة صمت شبه كامل، وهي الراغبة أيضا في التخلص من كافة أشكال الوجود الخارجي على أراضيها وبما فيها الإيراني، وإيران تعلم ذلك) للمحفاظة على أقل قدر من النفوذ (في العراق ان استطاعت ذلك) الذي حققته خلال العقود الماضية على المستويين الإقليمي والدولي في ظل التطورات المتسارعة.
إيران تعلم بأن دول نفوذها ستبقى دولا شبه معطلة لوجود الميليشيات التابعة لها ولفترة من الزمن (حتى ولو تم سحقها عسكرياً) وذلك لعدم القدرة على الخلاص من تلك الميليشيات على أرض الواقع بسهولة.
كما أن إيران تعلم بأن القرار الدولي متخذ بإعادة ترتيب المنطقة، وبالتالي فهي تسعى للمحافظة على جود أذرعها لأطول مدة زمنية لتحقيق أكبر قدر من المكاسب الاقتصادية ومحاولة فك العزلة الدولية عنها والمحافظة على بنيتها العسكرية والتحتية والسماح لها بالتوسع شرقاً في باكستان وافغانستان بعد ان تم قطع الطريق عليها في دول آسيا الوسطى كاذربيجان مثلاً.
ام نحن في الأردن صاحب الموقع الجيوسياسي والإستراتيجي المميز، والذي يبحر قاربنا منذ أكثر من قرن من الزمن وما يزال في بحر الشرق الاوسط عالي الأمواج يقوده الهاشميون وتحرسه القوات المسلحة، وعلى الرغم من الازمات المتلاحقة ومحاولة اختراقة من أكثر من دولة من دول الإقليم المتنافسة على الزعامة، ولأكثر من مرة وبعدة طرق بهدف زعزعة استقراره وأمنه سيبقى الدولة القوية القادرة على إدارة الازمات الجيوسياسية بتكاتف وتماسك ابنائه وتناغمهم مع قيادته الهاشمية، وهي الساعية لإيجاد حل سلمي لجذور الازمة الرئيسية في الشرق الأوسط وهي القضية الفلسطينية.
في العقود الأربعة الأخيرة، استغلت إيران أخطاء الغرب في المنطقة وعدم الوصول إلى حل للقضية الفلسطينية فأعادت رسم إستراتيجية توسعية في المنطقة منطلقة من جغرافيتها المفتوحة وتحكمها بأحد أهم الممرات البحرية، وعمقها التاريخي والممتد لأكثر من ثلاثة آلاف سنة (كقيام أول دولة فارسية) وديموغرافيا قائمة على التفوق العرقي وغيرها من الأمور. لتحقيق أهدافها الإستراتيجية، بدأت باستخدام أدواتها المختلفة والتي منها استخدام آلية الاختراق الناعم باسم الدين وباستعراض القوة العسكرية (القائمة على الجيش والحرس الثوري والجيش الشعبي)، والأذرع الخارجية الجاهزة للاستخدام المباشر (كحزب الله) إلى أن وصلت في نفوذها إلى معظم مناطق التوسع التي وصلت اليها دولة كسرى تقريبا (العراق، سورية، لبنان، اليمن، وتنظيمات في افغانستان وباكستان وغيرها).
إن نفوذ إيران التوسعي وصل ذروته خلال العقد الماضي مشكلا هلالا إيرانيا بامتياز، خالقا بيئة فوضوية في دول نفوذه، مما فرض واقعاً امنياً وسياسيا واقتصاديا جديداً في دول المنطقة، لا بل مهددا أمن واستقرار بعض منها.
وهو الخطر كان الذي سبق للأردن أن استشعره قبل غيره ويعود الفضل في ذلك لحكمة وللنظرة المستقبلية الثاقبة للقيادة الهاشمية وهو الذي حذر من خطره مبكراً وقبل اكتمال نشوئه ليصبح هلالا مكتملا وممتداً عبر العراق وسورية وصولاً إلى لبنان.
واجتماعية داخلية، كنتيجة للحصار المفروض عليها منذ فترة طويلة، وبعد الضربات القاسية التي تلاقها حزب الله واكتشافها لمدى الاختراق لجسم الدولة لديها ولأذرعها، بدأت تتيقن من أن نفوذها في المنطقة مهدد وأن صعودها آخذ بالانحسار لا محالة، وأن هناك إعادة ترتيب لمستقبل المنطقة يعتمد على كيفية تعامل القوى الكبرى مع التحديات المعقدة التي تعيشها، وعلى قدرة دولها على استيعاب التجاذبات الدولية والتي أوجدت خريطة جديدة سيتم تنفيذها اجلاً ام عاجلاً وبالطرق المناسبة لذلك.
وعليه، فقد وجدت إيران نفسها على خط المواجهة المباشرة، وهي التي تعلم بأنه من المستحيل الحاق هزيمة بإسرائيل وتحالفاتها في ظل الظرف العالمي الحالي. وبالتالي أعادت حساباتها لكي لا تنزلق إلى الهاوية، وسارعت للعمل وفق حسابات معقدة للخروج بأقل الخسائر، فابتعدت عن حماس واكتفت بالدعم المعنوي لها، وتخلت عن حزب الله وهو في أمس الحاجة لها وخاصة بعد أن فقد قياداته، كما من المتوقع أن تتخلى أيضاً عن الحوثيين، ومن غير المستبعد أن تتخلى أيضاً عن نفوذها في سورية (وهي الدولة التي تعيش في الظروف الأكثر تعقيداً، وقابعة اليوم في حالة صمت شبه كامل، وهي الراغبة أيضا في التخلص من كافة أشكال الوجود الخارجي على أراضيها وبما فيها الإيراني، وإيران تعلم ذلك) للمحفاظة على أقل قدر من النفوذ (في العراق ان استطاعت ذلك) الذي حققته خلال العقود الماضية على المستويين الإقليمي والدولي في ظل التطورات المتسارعة.
إيران تعلم بأن دول نفوذها ستبقى دولا شبه معطلة لوجود الميليشيات التابعة لها ولفترة من الزمن (حتى ولو تم سحقها عسكرياً) وذلك لعدم القدرة على الخلاص من تلك الميليشيات على أرض الواقع بسهولة.
كما أن إيران تعلم بأن القرار الدولي متخذ بإعادة ترتيب المنطقة، وبالتالي فهي تسعى للمحافظة على جود أذرعها لأطول مدة زمنية لتحقيق أكبر قدر من المكاسب الاقتصادية ومحاولة فك العزلة الدولية عنها والمحافظة على بنيتها العسكرية والتحتية والسماح لها بالتوسع شرقاً في باكستان وافغانستان بعد ان تم قطع الطريق عليها في دول آسيا الوسطى كاذربيجان مثلاً.
ام نحن في الأردن صاحب الموقع الجيوسياسي والإستراتيجي المميز، والذي يبحر قاربنا منذ أكثر من قرن من الزمن وما يزال في بحر الشرق الاوسط عالي الأمواج يقوده الهاشميون وتحرسه القوات المسلحة، وعلى الرغم من الازمات المتلاحقة ومحاولة اختراقة من أكثر من دولة من دول الإقليم المتنافسة على الزعامة، ولأكثر من مرة وبعدة طرق بهدف زعزعة استقراره وأمنه سيبقى الدولة القوية القادرة على إدارة الازمات الجيوسياسية بتكاتف وتماسك ابنائه وتناغمهم مع قيادته الهاشمية، وهي الساعية لإيجاد حل سلمي لجذور الازمة الرئيسية في الشرق الأوسط وهي القضية الفلسطينية.
نيسان ـ نشر في 2024-10-08 الساعة 23:13
رأي: د. عبدالله سرور الزعبي