حرب غزة بعيون الأطباء.. إصابات قاتلة وشهادات إنسانية مفزعة
نيسان ـ نشر في 2024-10-15 الساعة 12:38
x
نيسان ـ أدلى أطباء متطوعون عملوا في قطاع غزة، الذي يعاني من حرب مدمرة بين إسرائيل وحركة حماس مستمرة منذ أكثر من عام، بشهاداتهم حول المشاهد المرعبة التي عاينوها في مستشفيات القطاع.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، أفاد الأطباء بأنهم كانوا يشاهدون بشكل شبه يومي أطفالاً مصابين بطلقات نارية في الرأس أو الصدر.
وأودت الحرب في غزة بحياة أكثر من 140 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، في حين لا يزال أكثر من 10 آلاف مفقود، وذلك وسط دمار واسع النطاق ومجاعة تهدد الآلاف.
في الفترة ما بين 25 مارس/ آذار و8 أبريل/ نيسان، عاش الجراح العام ومختص الإصابات، الدكتور سيدهوا، تجربة إنسانية فريدة في مستشفى بمدينة خان يونس في غزة.
وكما يشير، رغم أنه قد شهد العنف في مناطق النزاع، إلا أن ما شاهده في غزة كان مختلفاً. فكل يوم كان يشهد وصول أطفال جدد إلى المستشفى، مصابين بطلقات نارية في الرأس أو الصدر، وغالباً ما كانوا يفقدون حياتهم بعد لحظات من وصولهم، حيث بلغ عدد الأطفال الذين قضوا نحبهم نتيجة هذه الإصابات 13 طفلاً.
وعندما عاد إلى وطنه، التقى الدكتور سيدهوا بطبيب مختص في الطوارئ، الذي كان قد شهد نفس المشاهد في مستشفى آخر بغزة قبل شهرين.
عدد الأطفال المصابين برصاص في الرأس لا يصدق
أكد له أنه لم يستطع تصديق عدد الأطفال الذين أصيبوا برصاص في الرأس، مشيراً إلى أن هذا الوضع كان يومياً هناك.
ومن خلال جهوده في التواصل مع المتطوعين الأمريكيين الذين عملوا في غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، استطاع الدكتور سيدهوا أن يجمع بيانات من 65 عاملاً في مجال الصحة حول تجاربهم. ومن بين هؤلاء، وافق 57 على مشاركة تجاربهم بشكل رسمي، بينما اختار 8 آخرون المشاركة بشكل مجهول خشية من الانتقام في أماكن عملهم.
تحت أنظار 44 طبيبًا وممرضة ومسعف، لوحظت حالات متعددة من الأطفال الذين أصيبوا بطلقات نارية في الرأس أو الصدر في غزة.
بينما لم يشهد 9 منهم مثل هذه الحالات، أفاد 12 آخرون بأنهم لا يعالجون الأطفال بشكل منتظم في سياق الطوارئ.
وفي هذا السياق، تبرز الشهادات المؤلمة التي نقلها الأطباء والمتطوعون، حيث يصف الدكتور محمد رسول أبو النوار، جراح عام، تجربته قائلاً: "في ليلة واحدة بقسم الطوارئ، رأيت خلال أربع ساعات ستة أطفال تتراوح أعمارهم بين 5 و12 عامًا، جميعهم مصابون بطلقات نارية في الجمجمة".
ولم يكن الوضع مختلفاً بالنسبة للممرضة نينا نغ، التي أضافت: "كان يتم علاج مرضى الأطفال المصابين بطلقات نارية على الأرض، وغالبًا ما كانوا ينزفون على أرضية المستشفى بسبب نقص المساحة والمعدات والموظفين. كثيرون منهم توفوا دون داعٍ".
في حين شاهد الدكتور مارك بيرلموتر، جراح العظام، أطفالا مصابين بطلقات نارية عالية السرعة، في الرأس والصدر، مما يعكس حجم المأساة اليومية التي شهدها.
وفي شهادة أخرى، يوضح الدكتور إرفان غاليريا، جراح التجميل، أنه عالج فريقه حوالي أربعة أو خمسة أطفال تتراوح أعمارهم بين 5 و8 سنوات، جميعهم أصيبوا بطلقات نارية في الرأس، مؤكداً أن "جميعهم توفوا".
أما المسعفة رانيا عفانة، فقد روت حادثة مؤلمة عندما رأت طفلًا أصيب برصاصة في الفك، حيث كان يدرك ما يجري حوله ولكنه كان يختنق بدمه أثناء محاولتها شفط الدم باستخدام جهاز شفط معطل.
ويضيف الدكتور خواجة إكرام، جراح العظام، أنه شهد طفلين، أحدهما في الثالثة والآخر في الخامسة من عمرهما، كل منهما لديه ثقب رصاصة واحد في رأسه، وأوضح كيف كان الضحايا ضحية للعنف المستمر.
حالات سوء تغذية حادة
بالإضافة إلى الإصابات الجسدية، رصد الأطباء حالات سوء تغذية حادة بين المرضى، بما في ذلك العاملين في المجال الطبي الفلسطيني والسكان بشكل عام.
فقد أكدت الممرضة ميريل تيدنجز أن "هؤلاء الناس كانوا يتضورون جوعًا". وتعزز شهادة الدكتور نزال فراه، طبيب التخدير، هذه الملاحظة، حيث قال: "كان سوء التغذية منتشرًا، وكان من الشائع رؤية المرضى يشبهون ضحايا معسكرات النازيين بملامح هيكلية."
كما ذكرت أبيرة محمد، الممرضة، أن الجميع أظهروا لها صورهم قبل أكتوبر، وأكدوا أنهم فقدوا من 20 إلى 60 رطلًا من وزنهم، مما يعكس المعاناة التي يعيشها المرضى.
وفي هذا الإطار، لفتت آسما طه، مربية الأطفال، إلى حالة رئيس وحدة العناية المركزة للأطفال، الذي فقد نصف وزن جسمه مقارنة بمظهره قبل الحرب.
ومع تفاقم الوضع، بدأ الأطباء في رصد الضغوط النفسية الحادة بين الأطفال. الدكتورة ميمي سيد، طبيبة الطوارئ، أشارت إلى وجود فتاة تبلغ من العمر 4 سنوات تعاني من حروق شديدة وكانت في حالة انفصال تام، تغني لنفسها.
في الوقت نفسه، قالت الدكتورة أهيلاء كتان، طبيبة التخدير، إن الأطفال الذين قضوا معها الوقت كانوا ينظرون إليها كأم، بحثًا عن الأمان، مما يبرز انعدام الأمان العاطفي والجسدي الذي يعيشونه.
أطفال فقدوا جميع عائلاتهم
ورصد الأطباء أيضًا كيف أن بعض الأطفال، الذين فقدوا جميع عائلاتهم، تمنوا الموت، كما حدث مع أحد الأطفال الذي قال: "كل من أحبهم في الجنة. لا أريد أن أكون هنا بعد الآن".
وتضاف هذه الحالات إلى تلك الحالات الحرجة التي شهدتها المستشفيات، حيث يعاني الأطفال الذين ولدوا بصحة جيدة من الجفاف أو الجوع أو العدوى بسبب عدم قدرة أمهاتهم على الرضاعة الطبيعية ونقص حليب الأطفال.
كما أوضح الدكتور أرحام علي، طبيب الرعاية الحرجة، أن الأمهات الجائعات كن يطلبن حليب الأطفال لأطفالهن حديثي الولادة، مما أدى إلى حالات وفاة لمواليد جدد بسبب الجفاف.
وذكر الدكتور مارك بيرلموتر أن الأطفال الذين يعانون من إصابات بسيطة نسبياً، مثل الكسور والحروق، لم يتمكنوا من النجاة من إصاباتهم، مشيراً إلى أن هذه الإصابات كانت قابلة للإنقاذ في دول أخرى.
تواصلت الشهادات لتوضح أبعاد المأساة، حيث أشارت أبيرة محمد إلى أن النساء والفتيات كن يستخدمن قصاصات من الخيام وقطع من الحفاضات والمناشف كوسائد شهرية، مما أدى إلى إصابتهن بمتلازمة الصدمة السمية.
وبهذا الصدد، أكد الدكتور إيرفان غاليريا أن 100% من مرضاه الجراحيين أصيبوا بالعدوى بسبب طبيعة الإصابات التي تعرضوا لها، مشيراً إلى أن الركام والحطام ساهموا في تفشي العدوى.
في ختام الشهادات، سلط الأطباء الضوء على نقص المعدات الطبية والإمدادات اللازمة، حيث أكد الدكتور أيمن عبدالغني أن التعقيم في غرفة العمليات كان مروعاً بسبب انتشار الذباب. ولخص الدكتور محمد الجغبير مشاهداته بالقول إن العديد من الجروح كانت مصابة بسبب نقص الإمدادات الصحية المناسبة، حيث شهد يرقات الذباب تخرج من الجروح.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، أفاد الأطباء بأنهم كانوا يشاهدون بشكل شبه يومي أطفالاً مصابين بطلقات نارية في الرأس أو الصدر.
وأودت الحرب في غزة بحياة أكثر من 140 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، في حين لا يزال أكثر من 10 آلاف مفقود، وذلك وسط دمار واسع النطاق ومجاعة تهدد الآلاف.
في الفترة ما بين 25 مارس/ آذار و8 أبريل/ نيسان، عاش الجراح العام ومختص الإصابات، الدكتور سيدهوا، تجربة إنسانية فريدة في مستشفى بمدينة خان يونس في غزة.
وكما يشير، رغم أنه قد شهد العنف في مناطق النزاع، إلا أن ما شاهده في غزة كان مختلفاً. فكل يوم كان يشهد وصول أطفال جدد إلى المستشفى، مصابين بطلقات نارية في الرأس أو الصدر، وغالباً ما كانوا يفقدون حياتهم بعد لحظات من وصولهم، حيث بلغ عدد الأطفال الذين قضوا نحبهم نتيجة هذه الإصابات 13 طفلاً.
وعندما عاد إلى وطنه، التقى الدكتور سيدهوا بطبيب مختص في الطوارئ، الذي كان قد شهد نفس المشاهد في مستشفى آخر بغزة قبل شهرين.
عدد الأطفال المصابين برصاص في الرأس لا يصدق
أكد له أنه لم يستطع تصديق عدد الأطفال الذين أصيبوا برصاص في الرأس، مشيراً إلى أن هذا الوضع كان يومياً هناك.
ومن خلال جهوده في التواصل مع المتطوعين الأمريكيين الذين عملوا في غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، استطاع الدكتور سيدهوا أن يجمع بيانات من 65 عاملاً في مجال الصحة حول تجاربهم. ومن بين هؤلاء، وافق 57 على مشاركة تجاربهم بشكل رسمي، بينما اختار 8 آخرون المشاركة بشكل مجهول خشية من الانتقام في أماكن عملهم.
تحت أنظار 44 طبيبًا وممرضة ومسعف، لوحظت حالات متعددة من الأطفال الذين أصيبوا بطلقات نارية في الرأس أو الصدر في غزة.
بينما لم يشهد 9 منهم مثل هذه الحالات، أفاد 12 آخرون بأنهم لا يعالجون الأطفال بشكل منتظم في سياق الطوارئ.
وفي هذا السياق، تبرز الشهادات المؤلمة التي نقلها الأطباء والمتطوعون، حيث يصف الدكتور محمد رسول أبو النوار، جراح عام، تجربته قائلاً: "في ليلة واحدة بقسم الطوارئ، رأيت خلال أربع ساعات ستة أطفال تتراوح أعمارهم بين 5 و12 عامًا، جميعهم مصابون بطلقات نارية في الجمجمة".
ولم يكن الوضع مختلفاً بالنسبة للممرضة نينا نغ، التي أضافت: "كان يتم علاج مرضى الأطفال المصابين بطلقات نارية على الأرض، وغالبًا ما كانوا ينزفون على أرضية المستشفى بسبب نقص المساحة والمعدات والموظفين. كثيرون منهم توفوا دون داعٍ".
في حين شاهد الدكتور مارك بيرلموتر، جراح العظام، أطفالا مصابين بطلقات نارية عالية السرعة، في الرأس والصدر، مما يعكس حجم المأساة اليومية التي شهدها.
وفي شهادة أخرى، يوضح الدكتور إرفان غاليريا، جراح التجميل، أنه عالج فريقه حوالي أربعة أو خمسة أطفال تتراوح أعمارهم بين 5 و8 سنوات، جميعهم أصيبوا بطلقات نارية في الرأس، مؤكداً أن "جميعهم توفوا".
أما المسعفة رانيا عفانة، فقد روت حادثة مؤلمة عندما رأت طفلًا أصيب برصاصة في الفك، حيث كان يدرك ما يجري حوله ولكنه كان يختنق بدمه أثناء محاولتها شفط الدم باستخدام جهاز شفط معطل.
ويضيف الدكتور خواجة إكرام، جراح العظام، أنه شهد طفلين، أحدهما في الثالثة والآخر في الخامسة من عمرهما، كل منهما لديه ثقب رصاصة واحد في رأسه، وأوضح كيف كان الضحايا ضحية للعنف المستمر.
حالات سوء تغذية حادة
بالإضافة إلى الإصابات الجسدية، رصد الأطباء حالات سوء تغذية حادة بين المرضى، بما في ذلك العاملين في المجال الطبي الفلسطيني والسكان بشكل عام.
فقد أكدت الممرضة ميريل تيدنجز أن "هؤلاء الناس كانوا يتضورون جوعًا". وتعزز شهادة الدكتور نزال فراه، طبيب التخدير، هذه الملاحظة، حيث قال: "كان سوء التغذية منتشرًا، وكان من الشائع رؤية المرضى يشبهون ضحايا معسكرات النازيين بملامح هيكلية."
كما ذكرت أبيرة محمد، الممرضة، أن الجميع أظهروا لها صورهم قبل أكتوبر، وأكدوا أنهم فقدوا من 20 إلى 60 رطلًا من وزنهم، مما يعكس المعاناة التي يعيشها المرضى.
وفي هذا الإطار، لفتت آسما طه، مربية الأطفال، إلى حالة رئيس وحدة العناية المركزة للأطفال، الذي فقد نصف وزن جسمه مقارنة بمظهره قبل الحرب.
ومع تفاقم الوضع، بدأ الأطباء في رصد الضغوط النفسية الحادة بين الأطفال. الدكتورة ميمي سيد، طبيبة الطوارئ، أشارت إلى وجود فتاة تبلغ من العمر 4 سنوات تعاني من حروق شديدة وكانت في حالة انفصال تام، تغني لنفسها.
في الوقت نفسه، قالت الدكتورة أهيلاء كتان، طبيبة التخدير، إن الأطفال الذين قضوا معها الوقت كانوا ينظرون إليها كأم، بحثًا عن الأمان، مما يبرز انعدام الأمان العاطفي والجسدي الذي يعيشونه.
أطفال فقدوا جميع عائلاتهم
ورصد الأطباء أيضًا كيف أن بعض الأطفال، الذين فقدوا جميع عائلاتهم، تمنوا الموت، كما حدث مع أحد الأطفال الذي قال: "كل من أحبهم في الجنة. لا أريد أن أكون هنا بعد الآن".
وتضاف هذه الحالات إلى تلك الحالات الحرجة التي شهدتها المستشفيات، حيث يعاني الأطفال الذين ولدوا بصحة جيدة من الجفاف أو الجوع أو العدوى بسبب عدم قدرة أمهاتهم على الرضاعة الطبيعية ونقص حليب الأطفال.
كما أوضح الدكتور أرحام علي، طبيب الرعاية الحرجة، أن الأمهات الجائعات كن يطلبن حليب الأطفال لأطفالهن حديثي الولادة، مما أدى إلى حالات وفاة لمواليد جدد بسبب الجفاف.
وذكر الدكتور مارك بيرلموتر أن الأطفال الذين يعانون من إصابات بسيطة نسبياً، مثل الكسور والحروق، لم يتمكنوا من النجاة من إصاباتهم، مشيراً إلى أن هذه الإصابات كانت قابلة للإنقاذ في دول أخرى.
تواصلت الشهادات لتوضح أبعاد المأساة، حيث أشارت أبيرة محمد إلى أن النساء والفتيات كن يستخدمن قصاصات من الخيام وقطع من الحفاضات والمناشف كوسائد شهرية، مما أدى إلى إصابتهن بمتلازمة الصدمة السمية.
وبهذا الصدد، أكد الدكتور إيرفان غاليريا أن 100% من مرضاه الجراحيين أصيبوا بالعدوى بسبب طبيعة الإصابات التي تعرضوا لها، مشيراً إلى أن الركام والحطام ساهموا في تفشي العدوى.
في ختام الشهادات، سلط الأطباء الضوء على نقص المعدات الطبية والإمدادات اللازمة، حيث أكد الدكتور أيمن عبدالغني أن التعقيم في غرفة العمليات كان مروعاً بسبب انتشار الذباب. ولخص الدكتور محمد الجغبير مشاهداته بالقول إن العديد من الجروح كانت مصابة بسبب نقص الإمدادات الصحية المناسبة، حيث شهد يرقات الذباب تخرج من الجروح.