وزيرة خارجية ألمانيا تثير سخطا واسعا بعد دفاعها عن قصف الاحتلال الإسرائيلي للمدنيين في غزة
نيسان ـ نشر في 2024-10-17 الساعة 09:19
x
نيسان ـ أثارت تصريحات وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك أمام برلمان بلادها، بمناسبة الذكرى الأولى للسابع من تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، العديد من الانتقادات والتساؤلات.
فالوزيرة بيربوك، المنتمية إلى “حزب الخضر” الألماني، والمشهورة بدفاعها عن حقوق الإنسان وحماية البيئة، باتت سياستها الخارجية تحت المجهر، لا سيّما في مواقفها تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
بيربوك، التي تعد من الشخصيات البارزة في السياسة الأوروبية، تتبنّى فلسفة تُظهرها داعمة لإسرائيل بشكل صريح ومطلق، بينما تحاول في الوقت ذاته الحديث عن “السلام الدائم” في المنطقة. لكن هذا التناقض يجعل من الصعب على المحللين والمتابعين تفسير نواياها الحقيقية.
بيربوك: عندما يختبئ عناصر “حماس” بين الناس وخلف المدارس، فإن الأماكن المدنية تفقد وضع الحماية، لأن الإرهابيين ينتهكونها
وقالت بيربوك، أمام البوندستاغ، إن حق الدفاع عن النفس “لا يعني مهاجمة الإرهابيين، بل تدميرهم”. وأضافت: “عندما يختبئ عناصر “حماس” بين الناس وخلف المدارس، فإن الأماكن المدنية تفقد وضع الحماية، لأن الإرهابيين ينتهكونها”.
وتابعت قائلة: “أوضحت في الأمم المتحدة أن المواقع المدنية قد تخسر وضعها المحمي هذا إذا أساء الإرهابيون استخدام هذا الوضع”.
واعتبرت أن “أمن إسرائيل جزءٌ من مصلحة برلين”، بصرف النظر عمن يتولى السلطة في ألمانيا، فهي ليست مسألة حزبية.
من هي أنالينا بيربوك؟
وُلدت بيربوك في هانوفر، لأب يعمل مهندساً ميكانيكياً، وأم تعمل في المجال الاجتماعي. نشأت في بيئة سياسية نشطة، حيث كانت تشارك في مظاهرات ضد التسلح والطاقة النووية مع عائلتها في الثمانينيات. أمضت سنة دراسية في الولايات المتحدة خلال مراهقتها، وتخرجت من مدرسة هانوفر الثانوية عام 2000. بعد ذلك، درست العلوم السياسية في جامعة هامبورغ، ثم في كلية لندن للاقتصاد (LSE)، حيث حصلت على درجة الماجستير في القانون الدولي العام.
انضمت بيربوك إلى “حزب الخضر” في عام 2005، وبدأت تتسلق السلم السياسي بسرعة. شغلت منصب رئيسة فرع الحزب في ولاية براندنبورغ بين عامي 2009 و2013، ثم أصبحت متحدثة باسم مجموعة العمل الأوروبية للحزب بين عامي 2008 و2013.
في عام 2018، انتُخبت كقائدة مشاركة لـ “حزب الخضر” على المستوى الوطني، وهو المنصب الذي شغلته حتى 2022.
تم تعيين بيربوك وزيرة للخارجية في ديسمبر 2021، حيث ركزت على قضايا البيئة وحقوق الإنسان في سياستها الخارجية. تعتبر من المدافعين عن “السياسة الخارجية النسوية”، وتدعو إلى توسيع التعاون الأوروبي في مجالات الدفاع والسياسة الخارجية.
أثناء حملتها الانتخابية لمنصب المستشارة، في انتخابات 2021، تعرّضت بيربوك لانتقادات حول سيرتها الذاتية وبعض الأخطاء في التصريحات المالية، ما أثار تساؤلات حول كفاءتها كمرشحة لمنصب المستشارة. كما أثارت تصريحاتها حول روسيا والصين انتقادات دولية، خاصة في ما يتعلق بوصفها للرئيس الصيني بأنه “ديكتاتور”، وكذلك تصريحاتها عن الحرب الروسية الأوكرانية.
الخطاب المتشدد تجاه “حماس”
خلال مداخلتها في البرلمان الألماني، بمناسبة الذكرى الأولى للهجوم الذي شنته حركة “حماس” على إسرائيل، كانت كلمات بيربوك واضحة وصادمة. فقد قالت إن “حق الدفاع عن النفس لا يعني مهاجمة الإرهابيين بل تدميرهم”. هذه العبارة وحدها تحمل ثقلًا كبيرًا وتثير انتقادات واسعة. هل تتحدث بيربوك عن الدفاع أم عن هجوم متواصل قد يؤدي إلى خسائر فادحة في صفوف المدنيين؟ عندما تصف بيربوك أن الأماكن المدنية قد تفقد وضعها المحمي إذا ما استغلها “الإرهابيون”، يبرز تساؤل أخلاقي: هل يمكن اعتبار قصف مدارس ومستشفيات مبررًا قانونيًا وإنسانيًا؟
في هذا السياق، بدت بيربوك وكأنها تُعطي الضوء الأخضر لإسرائيل لمهاجمة أهداف في مناطق مكتظة بالسكان المدنيين، إذا كان هناك تواجد لعناصر “حماس” فيها.
هذا الخطاب الذي يربط بين الدفاع عن النفس و”تدمير” الأعداء يجعل من الصعب التمييز بين حماية المدنيين واستهدافهم، وهو ما أثار تساؤلات حول المعايير الإنسانية التي تستند إليها بيربوك في سياساتها.
مساعدات غزة
على الجانب الآخر، حاولت بيربوك تلطيف حدة تصريحاتها المتشددة بالحديث عن أهمية ضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة. فهي تؤكد أن “إسرائيل لن تتمكن من تحقيق السلام الدائم إذا لم يُمنح جيرانها الفلسطينيون فرصة للعيش بسلام”. لكن هذا التصريح، رغم نغمته الإنسانية، يحمل بعدًا انتقائيًا. كيف يمكن أن تروج وزيرة الخارجية الألمانية للسلام بينما تدعم في الوقت ذاته الهجمات العسكرية التي تودي بحياة المدنيين وتدمر البنية التحتية؟
بيربوك في الإعلام الألماني
رغم الدعم الرسمي الذي تعلنه أنالينا بيربوك لإسرائيل، إلا أن بعض الأوساط الألمانية، بما في ذلك الإعلام، تنتقد نهجها وتعتبره يقف بصرامة شديدة أمام إسرائيل. على سبيل المثال، صحيفة “بيلد” اليمينية أشارت، في عدة تقارير، إلى أن مواقف بيربوك ليست متماشية دائمًا مع التوجهات الحكومية الألمانية التقليدية الداعمة بشكل مطلق لإسرائيل.
بدأت الأزمة في مارس 2024، عندما توقفت الحكومة الألمانية عن منح تصاريح لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل. كان هذا التوقف بسبب اعتراض وزيري الاقتصاد، روبرت هابيك، والخارجية، أنالينا بيربوك، وكلاهما من “حزب الخضر”. هذا الاعتراض جاء وسط توتر سياسي في الشرق الأوسط، حيث كانت إسرائيل تواجه تحديات أمنية متعددة.
والأسلحة المعنية تشمل قطع غيار للدبابات والطائرات المروحية، والتي تحتاجها إسرائيل لتعزيز قدراتها الدفاعية. بعد ضغط من الحكومة الإسرائيلية، تم الاتفاق على أن الأسلحة لن تُستخدم بطريقة تنتهك القانون الدولي، ما أدى إلى استئناف شحنات الأسلحة، في نهاية الأسبوع الماضي.
أما مجلة “شبيغل”، وعبر تقرير بعنوان “نهج بيربوك الصارم تجاه إسرائيل: تغييرات في العلاقات الألمانية الإسرائيلية”،
فتوضح أنه بدأت تظهر ملامح جديدة في سياسة ألمانيا الخارجية تجاه إسرائيل، وخاصة مع تزايد حدة الانتقادات من وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك. في زيارتها السادسة إلى إسرائيل منذ بداية حرب غزة، أظهرت بيربوك مواقف غير مألوفة، وأكثر نقدًا تجاه السياسة الإسرائيلية، ما يعكس تغييرًا في ديناميكيات العلاقات الألمانية-الإسرائيلية، التي طالما كانت مبنية على دعم غير مشروط من قبل برلين لتل أبيب.
خبير قانوني: تصريحات بيربوك لا يمكن تأويلها إلا كمساندة لجرائم حرب، ما قد يضعها أمام المساءلة القانونية في “محكمة الجنايات الدولية”
هل موقف بيربوك حقًا متوازن؟
رغم محاولات بيربوك لتقديم نفسها كصوت متزن بين حماية إسرائيل ودعم الفلسطينيين، إلا أن التصريحات والإجراءات تشير إلى أن دعم إسرائيل يبقى الأولوية المطلقة. وهذا ما يدفع البعض للتساؤل: هل يمكن اعتبار بيربوك دبلوماسية متوازنة؟ أم أنها مجرد نسخة متجددة لسياسة ألمانية تقليدية منحازة بالكامل لإسرائيل؟
في حوار مع صحيفة “القدس العربي”، يعبّر الخبير القانوني والناشط في ألمانيا، حسام الدلكي، عن موقفه الحازم تجاه تصريحات وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك.
بصفته مختصًا في القانون الدولي، يرى الدلكي أن تصريحات بيربوك العلنية تعد دعمًا واضحًا للإبادة الجماعية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة. ويعتبر أن هذه التصريحات لا يمكن تأويلها إلا كمساندة لجرائم حرب، ما قد يضع الوزيرة أمام المساءلة القانونية في “محكمة الجنايات الدولية” في لاهاي.
وأوضح الدلكي أن “المحكمة الدولية” تتابع اتهامات واضحة ضد إسرائيل بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية، ومع ذلك، فإن تصريحات بيربوك تبدو وكأنها تبرر هذه الجرائم، بل تدافع عنها.
وفي إطار نشاطه المجتمعي، دعا الدلكي الجاليات الفلسطينية، العربية، والإسلامية في ألمانيا إلى التعبير عن رفضهم لتصريحات بيربوك خلال مظاهرات السبت. وأكد على أهمية رفع شعارات واضحة تدين هذه التصريحات، مؤكدًا أن “التاريخ لن يغفر، وعندما تنتهي هذه الحرب، ستجد بيربوك نفسها في قفص الاتهام إلى جانب مرتكبي جرائم الحرب”.
بيربوك تبدو وكأنها تحاول اللعب على الحبلين: دعم غير مشروط لإسرائيل لضمان المصالح الألمانية، وفي نفس الوقت التحدث بلغة إنسانية لكسب ود المجتمع الدولي. لكن هل يمكن لهذه المعادلة أن تصمد؟ وهل يمكن اعتبار هذا التوازن سياسة فعالة أم تناقض مكشوف؟
وكانت بيربوك اتفقت مع زميلها في الحزب روبرت هابيك، الذي يشغل حالياً منصب نائب المستشار أولاف شولتس ووزير الاقتصاد، على أن تترشح لمنصب المستشار عن “حزب الخضر” في انتخابات عام 2021.
في الوقت نفسه، أكدت بيربوك: “بالطبع، فإنني سأبذل كل ما في وسعي خلال الحملة الانتخابية من أجل دعم حزبي، كما فعلت في المرة الأخيرة”.
فالوزيرة بيربوك، المنتمية إلى “حزب الخضر” الألماني، والمشهورة بدفاعها عن حقوق الإنسان وحماية البيئة، باتت سياستها الخارجية تحت المجهر، لا سيّما في مواقفها تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
بيربوك، التي تعد من الشخصيات البارزة في السياسة الأوروبية، تتبنّى فلسفة تُظهرها داعمة لإسرائيل بشكل صريح ومطلق، بينما تحاول في الوقت ذاته الحديث عن “السلام الدائم” في المنطقة. لكن هذا التناقض يجعل من الصعب على المحللين والمتابعين تفسير نواياها الحقيقية.
بيربوك: عندما يختبئ عناصر “حماس” بين الناس وخلف المدارس، فإن الأماكن المدنية تفقد وضع الحماية، لأن الإرهابيين ينتهكونها
وقالت بيربوك، أمام البوندستاغ، إن حق الدفاع عن النفس “لا يعني مهاجمة الإرهابيين، بل تدميرهم”. وأضافت: “عندما يختبئ عناصر “حماس” بين الناس وخلف المدارس، فإن الأماكن المدنية تفقد وضع الحماية، لأن الإرهابيين ينتهكونها”.
وتابعت قائلة: “أوضحت في الأمم المتحدة أن المواقع المدنية قد تخسر وضعها المحمي هذا إذا أساء الإرهابيون استخدام هذا الوضع”.
واعتبرت أن “أمن إسرائيل جزءٌ من مصلحة برلين”، بصرف النظر عمن يتولى السلطة في ألمانيا، فهي ليست مسألة حزبية.
من هي أنالينا بيربوك؟
وُلدت بيربوك في هانوفر، لأب يعمل مهندساً ميكانيكياً، وأم تعمل في المجال الاجتماعي. نشأت في بيئة سياسية نشطة، حيث كانت تشارك في مظاهرات ضد التسلح والطاقة النووية مع عائلتها في الثمانينيات. أمضت سنة دراسية في الولايات المتحدة خلال مراهقتها، وتخرجت من مدرسة هانوفر الثانوية عام 2000. بعد ذلك، درست العلوم السياسية في جامعة هامبورغ، ثم في كلية لندن للاقتصاد (LSE)، حيث حصلت على درجة الماجستير في القانون الدولي العام.
انضمت بيربوك إلى “حزب الخضر” في عام 2005، وبدأت تتسلق السلم السياسي بسرعة. شغلت منصب رئيسة فرع الحزب في ولاية براندنبورغ بين عامي 2009 و2013، ثم أصبحت متحدثة باسم مجموعة العمل الأوروبية للحزب بين عامي 2008 و2013.
في عام 2018، انتُخبت كقائدة مشاركة لـ “حزب الخضر” على المستوى الوطني، وهو المنصب الذي شغلته حتى 2022.
تم تعيين بيربوك وزيرة للخارجية في ديسمبر 2021، حيث ركزت على قضايا البيئة وحقوق الإنسان في سياستها الخارجية. تعتبر من المدافعين عن “السياسة الخارجية النسوية”، وتدعو إلى توسيع التعاون الأوروبي في مجالات الدفاع والسياسة الخارجية.
أثناء حملتها الانتخابية لمنصب المستشارة، في انتخابات 2021، تعرّضت بيربوك لانتقادات حول سيرتها الذاتية وبعض الأخطاء في التصريحات المالية، ما أثار تساؤلات حول كفاءتها كمرشحة لمنصب المستشارة. كما أثارت تصريحاتها حول روسيا والصين انتقادات دولية، خاصة في ما يتعلق بوصفها للرئيس الصيني بأنه “ديكتاتور”، وكذلك تصريحاتها عن الحرب الروسية الأوكرانية.
الخطاب المتشدد تجاه “حماس”
خلال مداخلتها في البرلمان الألماني، بمناسبة الذكرى الأولى للهجوم الذي شنته حركة “حماس” على إسرائيل، كانت كلمات بيربوك واضحة وصادمة. فقد قالت إن “حق الدفاع عن النفس لا يعني مهاجمة الإرهابيين بل تدميرهم”. هذه العبارة وحدها تحمل ثقلًا كبيرًا وتثير انتقادات واسعة. هل تتحدث بيربوك عن الدفاع أم عن هجوم متواصل قد يؤدي إلى خسائر فادحة في صفوف المدنيين؟ عندما تصف بيربوك أن الأماكن المدنية قد تفقد وضعها المحمي إذا ما استغلها “الإرهابيون”، يبرز تساؤل أخلاقي: هل يمكن اعتبار قصف مدارس ومستشفيات مبررًا قانونيًا وإنسانيًا؟
في هذا السياق، بدت بيربوك وكأنها تُعطي الضوء الأخضر لإسرائيل لمهاجمة أهداف في مناطق مكتظة بالسكان المدنيين، إذا كان هناك تواجد لعناصر “حماس” فيها.
هذا الخطاب الذي يربط بين الدفاع عن النفس و”تدمير” الأعداء يجعل من الصعب التمييز بين حماية المدنيين واستهدافهم، وهو ما أثار تساؤلات حول المعايير الإنسانية التي تستند إليها بيربوك في سياساتها.
مساعدات غزة
على الجانب الآخر، حاولت بيربوك تلطيف حدة تصريحاتها المتشددة بالحديث عن أهمية ضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة. فهي تؤكد أن “إسرائيل لن تتمكن من تحقيق السلام الدائم إذا لم يُمنح جيرانها الفلسطينيون فرصة للعيش بسلام”. لكن هذا التصريح، رغم نغمته الإنسانية، يحمل بعدًا انتقائيًا. كيف يمكن أن تروج وزيرة الخارجية الألمانية للسلام بينما تدعم في الوقت ذاته الهجمات العسكرية التي تودي بحياة المدنيين وتدمر البنية التحتية؟
بيربوك في الإعلام الألماني
رغم الدعم الرسمي الذي تعلنه أنالينا بيربوك لإسرائيل، إلا أن بعض الأوساط الألمانية، بما في ذلك الإعلام، تنتقد نهجها وتعتبره يقف بصرامة شديدة أمام إسرائيل. على سبيل المثال، صحيفة “بيلد” اليمينية أشارت، في عدة تقارير، إلى أن مواقف بيربوك ليست متماشية دائمًا مع التوجهات الحكومية الألمانية التقليدية الداعمة بشكل مطلق لإسرائيل.
بدأت الأزمة في مارس 2024، عندما توقفت الحكومة الألمانية عن منح تصاريح لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل. كان هذا التوقف بسبب اعتراض وزيري الاقتصاد، روبرت هابيك، والخارجية، أنالينا بيربوك، وكلاهما من “حزب الخضر”. هذا الاعتراض جاء وسط توتر سياسي في الشرق الأوسط، حيث كانت إسرائيل تواجه تحديات أمنية متعددة.
والأسلحة المعنية تشمل قطع غيار للدبابات والطائرات المروحية، والتي تحتاجها إسرائيل لتعزيز قدراتها الدفاعية. بعد ضغط من الحكومة الإسرائيلية، تم الاتفاق على أن الأسلحة لن تُستخدم بطريقة تنتهك القانون الدولي، ما أدى إلى استئناف شحنات الأسلحة، في نهاية الأسبوع الماضي.
أما مجلة “شبيغل”، وعبر تقرير بعنوان “نهج بيربوك الصارم تجاه إسرائيل: تغييرات في العلاقات الألمانية الإسرائيلية”،
فتوضح أنه بدأت تظهر ملامح جديدة في سياسة ألمانيا الخارجية تجاه إسرائيل، وخاصة مع تزايد حدة الانتقادات من وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك. في زيارتها السادسة إلى إسرائيل منذ بداية حرب غزة، أظهرت بيربوك مواقف غير مألوفة، وأكثر نقدًا تجاه السياسة الإسرائيلية، ما يعكس تغييرًا في ديناميكيات العلاقات الألمانية-الإسرائيلية، التي طالما كانت مبنية على دعم غير مشروط من قبل برلين لتل أبيب.
خبير قانوني: تصريحات بيربوك لا يمكن تأويلها إلا كمساندة لجرائم حرب، ما قد يضعها أمام المساءلة القانونية في “محكمة الجنايات الدولية”
هل موقف بيربوك حقًا متوازن؟
رغم محاولات بيربوك لتقديم نفسها كصوت متزن بين حماية إسرائيل ودعم الفلسطينيين، إلا أن التصريحات والإجراءات تشير إلى أن دعم إسرائيل يبقى الأولوية المطلقة. وهذا ما يدفع البعض للتساؤل: هل يمكن اعتبار بيربوك دبلوماسية متوازنة؟ أم أنها مجرد نسخة متجددة لسياسة ألمانية تقليدية منحازة بالكامل لإسرائيل؟
في حوار مع صحيفة “القدس العربي”، يعبّر الخبير القانوني والناشط في ألمانيا، حسام الدلكي، عن موقفه الحازم تجاه تصريحات وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك.
بصفته مختصًا في القانون الدولي، يرى الدلكي أن تصريحات بيربوك العلنية تعد دعمًا واضحًا للإبادة الجماعية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة. ويعتبر أن هذه التصريحات لا يمكن تأويلها إلا كمساندة لجرائم حرب، ما قد يضع الوزيرة أمام المساءلة القانونية في “محكمة الجنايات الدولية” في لاهاي.
وأوضح الدلكي أن “المحكمة الدولية” تتابع اتهامات واضحة ضد إسرائيل بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية، ومع ذلك، فإن تصريحات بيربوك تبدو وكأنها تبرر هذه الجرائم، بل تدافع عنها.
وفي إطار نشاطه المجتمعي، دعا الدلكي الجاليات الفلسطينية، العربية، والإسلامية في ألمانيا إلى التعبير عن رفضهم لتصريحات بيربوك خلال مظاهرات السبت. وأكد على أهمية رفع شعارات واضحة تدين هذه التصريحات، مؤكدًا أن “التاريخ لن يغفر، وعندما تنتهي هذه الحرب، ستجد بيربوك نفسها في قفص الاتهام إلى جانب مرتكبي جرائم الحرب”.
بيربوك تبدو وكأنها تحاول اللعب على الحبلين: دعم غير مشروط لإسرائيل لضمان المصالح الألمانية، وفي نفس الوقت التحدث بلغة إنسانية لكسب ود المجتمع الدولي. لكن هل يمكن لهذه المعادلة أن تصمد؟ وهل يمكن اعتبار هذا التوازن سياسة فعالة أم تناقض مكشوف؟
وكانت بيربوك اتفقت مع زميلها في الحزب روبرت هابيك، الذي يشغل حالياً منصب نائب المستشار أولاف شولتس ووزير الاقتصاد، على أن تترشح لمنصب المستشار عن “حزب الخضر” في انتخابات عام 2021.
في الوقت نفسه، أكدت بيربوك: “بالطبع، فإنني سأبذل كل ما في وسعي خلال الحملة الانتخابية من أجل دعم حزبي، كما فعلت في المرة الأخيرة”.