مستقبل الضفة الغربية
نيسان ـ نشر في 2024-11-17 الساعة 10:19
نيسان ـ لا يوجد شيء اسمه فلسطين، ولا يوجد شيء اسمه مستوطنة. إنها مجتمعات، إنها أحياء، إنها مدن. لا يوجد شيء اسمه احتلال- مايك هاكابي، سفير الولايات المتحدة الجديد إلى الكيان الصهيوني.
الصهاينة لا يخفون سعادتهم بترامب، خاصة بعد الإعلان عن تشكيلة إدارته، التي تضمنت أبرز الشخصيات السياسية الموالية للكيان الصهيوني والمنكرة لحقوق الفلسطينيين.
صرّح براين هوك، المبعوث الأمريكي السابق لإيران والمسؤول عن انتقال الملفات السياسية الخارجية بين إدارتي بايدن وترامب، بأنه من المرجح عودة «صفقة القرن» إلى طاولة المفاوضات مرة أخرى.
تتألف هذه الخطة من 180 صفحة، وأبرز ملامحها إقامة دولة فلسطينية على شكل جيوب متناثرة محاصرة بالمستوطنات من جميع الجهات. كما تشمل التخلي عن أي إجراءات قانونية قد تتخذها السلطة الفلسطينية ضد الكيان المحتل، مع تحديد إحدى التلال المطلة على القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية.
وعين نتن ياهو يحيئيل لايتر سفيرًا للكيان الصهيوني لدى واشنطن. يُعرف لايتر بأنه زعيم استيطاني سابق دعا إلى ضم أجزاء من الضفة الغربية ويعارض إقامة دولة فلسطينية. وفي المقابل، رشح ترامب مايك هاكابي سفيرًا للولايات المتحدة لدى الكيان، وهو حاكم أركنساس السابق وإنجيلي متعصب يؤمن بنبوءات آخر الزمان التي تتضمن إقامة الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى لتمهيد عودة السيد المسيح.
ثم هناك إليز ستيفانيك، سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، التي أقصت وحققت مع رؤساء الجامعات بعد اندلاع المظاهرات الطلابية المناهضة للإبادة الجماعية في غزة.
من بين التعيينات المثيرة للجدل أيضًا، المرشح لوزارة الخارجية، السيناتور الجمهوري عن ولاية فلوريدا، ماركو روبيو، المعروف بدعمه الشديد للكيان الصهيوني، والذي يضع العلم الإسرائيلي بجانب العلم الأمريكي.
ولا ننسى بالطبع تبرع ميريام أدلسون، الأمريكية الصهيونية وثامن أغنى امرأة في العالم بثروة تقدر بـ30 مليار دولار، حيث دفعت أكثر من 100 مليون دولار لحملة ترامب مقابل التزامه، في حال فوزه، بالعمل على ضم الضفة الغربية للكيان.
يبدو أن ضم الضفة الغربية قد بات أقرب من أي وقت مضى. هذا ما شجع سموتريتش، وزير المالية الصهيوني، على التصريح بأن عودة ترامب هي فرصة لضم الضفة الغربية. وأكد الوزير أن الكيان كان على بعد خطوة من الضم خلال إدارة ترامب الأولى، وأصدر أوامره بإعداد البنية التحتية لتطبيق السيادة الصهيونية على الأراضي المحتلة.
ومع ذلك، لا يمكن الجزم بأن الضم قد أصبح أمرًا حتميًا. ففي فترة ترامب الأولى، عندما رفض الصهاينة «صفقة القرن» وحاولوا تحوير الخطة لاستغلالها لضم الضفة الغربية، صرّح السفير الأمريكي ديفيد فريدمان، بحضور عرّاب الصفقة جاريد كوشنر، بأن: «خطتنا هذه ليست خطة لضم الضفة الغربية».
وفي مناسبة أخرى، قال آفي بيركوفيتش، مبعوث ترامب للشرق الأوسط، للسفير الصهيوني لدى الولايات المتحدة رون ديرمر: «الرئيس لا يحبكم» وذلك عندما طلب نتن ياهو مقابلة ترامب. وصاح كوشنر غاضبًا: «لا تعتقدوا أن كل ما حدث في السنوات الثلاث الماضية كان لأجلكم؛ لقد فعلنا ذلك من أجل السلام».
وفي اجتماع آخر، حذر كوشنر نتن ياهو قائلاً: «ستحوّل أفضل صديق لك إلى عدو إذا مضت ‹إسرائيل› في الضم». وأضاف أن «الرئيس سيغرد ضدك قريبًا»، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة لن تدافع عن «إسرائيل» في محكمة العدل الدولية في لاهاي.
تضم إدارة ترامب مجموعة من الشخصيات الانعزالية، أي تلك التي تعارض تدخل الولايات المتحدة في شؤون الشرق الأوسط. من بين هؤلاء، ابنه دونالد ترامب جونيور، والصحفي تاكر كارلسون، المذيع السابق في شبكة فوكس نيوز. كذلك، نائب ترامب يُعد من المعارضين لتورط الولايات المتحدة في الحروب.
ورغم أن وزير الخارجية يدعم الكيان الصهيوني، إلا أنه يعارض تقديم دعم غير محدود له، معتبرًا ذلك ابتزازًا.
شاهدت قبل أيام مقابلة مع محلل السياسات الخارجية كوري شاك، الذي خدم في إدارة ترامب الأولى، حيث أشار إلى أن أهم شخصية في إدارة ترامب الحالية هي سوزي وايلز، رئيسة موظفي البيت الأبيض. وايلز، التي قادت حملة ترامب، يُنسب إليها الفضل في عودته. وعلى الرغم من أنها لا تعبر عن مواقفها في السياسة الخارجية، إلا أنها توصف عمومًا بأنها انعزالية.
وفي مقابلة أخرى مع بريدج كولبي، الذي لعب دورًا رئيسيًا في صياغة استراتيجية ترامب للسياسة الخارجية، أشار إلى أن ترامب قد يكون بعيدًا عن «إسرائيل» خلافًا لوعوده الانتخابية.
علاوة على ذلك، «صفقة القرن» انتهت عمليًا مع عملية «طوفان الأقصى». وقد أعلنت السعودية أنه لا تطبيع مع الكيان إلا بقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية. ويُعتقد أن أولوية ترامب الآن هي تطبيع العلاقات مع السعودية، ما يعني أن ضم الضفة الغربية قد لا يتم.
ترامب قد يكون قد تعلم درسه من تبعات الاتفاقيات وقراراته السابقة، مثل ضم الجولان ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والتي ساهمت في إشعال «طوفان الأقصى». لذا، قد يسعى ترامب لإيجاد حلول أخرى إذا كان يريد تحقيق السلام.
علينا أن نتذكر أن ترامب جاء من خارج الحزب الجمهوري، ما يجعله متحررًا من الكثير من سياساته التقليدية. كما أن نجاحه تحقق بدعم أصوات العرب والمسلمين، وهو يحظى الآن بسيطرة الجمهوريين على الكونغرس، ما يمنحه مساحة أكبر للمناورة بين التناقضات داخل إدارته، بين الانعزاليين وأنصار التدخل المؤيدين للكيان الصهيوني.
وأخيرًا، فإن ترامب متحرر من أي ضغوط انتخابية، إذ إن هذه هي ولايته الأخيرة.
لذلك، يبقى مستقبل الضفة الغربية معلقًا بين أطماع الصهاينة، والتيارات المتصارعة في إدارة ترامب، وصفقاته.
الصهاينة لا يخفون سعادتهم بترامب، خاصة بعد الإعلان عن تشكيلة إدارته، التي تضمنت أبرز الشخصيات السياسية الموالية للكيان الصهيوني والمنكرة لحقوق الفلسطينيين.
صرّح براين هوك، المبعوث الأمريكي السابق لإيران والمسؤول عن انتقال الملفات السياسية الخارجية بين إدارتي بايدن وترامب، بأنه من المرجح عودة «صفقة القرن» إلى طاولة المفاوضات مرة أخرى.
تتألف هذه الخطة من 180 صفحة، وأبرز ملامحها إقامة دولة فلسطينية على شكل جيوب متناثرة محاصرة بالمستوطنات من جميع الجهات. كما تشمل التخلي عن أي إجراءات قانونية قد تتخذها السلطة الفلسطينية ضد الكيان المحتل، مع تحديد إحدى التلال المطلة على القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية.
وعين نتن ياهو يحيئيل لايتر سفيرًا للكيان الصهيوني لدى واشنطن. يُعرف لايتر بأنه زعيم استيطاني سابق دعا إلى ضم أجزاء من الضفة الغربية ويعارض إقامة دولة فلسطينية. وفي المقابل، رشح ترامب مايك هاكابي سفيرًا للولايات المتحدة لدى الكيان، وهو حاكم أركنساس السابق وإنجيلي متعصب يؤمن بنبوءات آخر الزمان التي تتضمن إقامة الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى لتمهيد عودة السيد المسيح.
ثم هناك إليز ستيفانيك، سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، التي أقصت وحققت مع رؤساء الجامعات بعد اندلاع المظاهرات الطلابية المناهضة للإبادة الجماعية في غزة.
من بين التعيينات المثيرة للجدل أيضًا، المرشح لوزارة الخارجية، السيناتور الجمهوري عن ولاية فلوريدا، ماركو روبيو، المعروف بدعمه الشديد للكيان الصهيوني، والذي يضع العلم الإسرائيلي بجانب العلم الأمريكي.
ولا ننسى بالطبع تبرع ميريام أدلسون، الأمريكية الصهيونية وثامن أغنى امرأة في العالم بثروة تقدر بـ30 مليار دولار، حيث دفعت أكثر من 100 مليون دولار لحملة ترامب مقابل التزامه، في حال فوزه، بالعمل على ضم الضفة الغربية للكيان.
يبدو أن ضم الضفة الغربية قد بات أقرب من أي وقت مضى. هذا ما شجع سموتريتش، وزير المالية الصهيوني، على التصريح بأن عودة ترامب هي فرصة لضم الضفة الغربية. وأكد الوزير أن الكيان كان على بعد خطوة من الضم خلال إدارة ترامب الأولى، وأصدر أوامره بإعداد البنية التحتية لتطبيق السيادة الصهيونية على الأراضي المحتلة.
ومع ذلك، لا يمكن الجزم بأن الضم قد أصبح أمرًا حتميًا. ففي فترة ترامب الأولى، عندما رفض الصهاينة «صفقة القرن» وحاولوا تحوير الخطة لاستغلالها لضم الضفة الغربية، صرّح السفير الأمريكي ديفيد فريدمان، بحضور عرّاب الصفقة جاريد كوشنر، بأن: «خطتنا هذه ليست خطة لضم الضفة الغربية».
وفي مناسبة أخرى، قال آفي بيركوفيتش، مبعوث ترامب للشرق الأوسط، للسفير الصهيوني لدى الولايات المتحدة رون ديرمر: «الرئيس لا يحبكم» وذلك عندما طلب نتن ياهو مقابلة ترامب. وصاح كوشنر غاضبًا: «لا تعتقدوا أن كل ما حدث في السنوات الثلاث الماضية كان لأجلكم؛ لقد فعلنا ذلك من أجل السلام».
وفي اجتماع آخر، حذر كوشنر نتن ياهو قائلاً: «ستحوّل أفضل صديق لك إلى عدو إذا مضت ‹إسرائيل› في الضم». وأضاف أن «الرئيس سيغرد ضدك قريبًا»، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة لن تدافع عن «إسرائيل» في محكمة العدل الدولية في لاهاي.
تضم إدارة ترامب مجموعة من الشخصيات الانعزالية، أي تلك التي تعارض تدخل الولايات المتحدة في شؤون الشرق الأوسط. من بين هؤلاء، ابنه دونالد ترامب جونيور، والصحفي تاكر كارلسون، المذيع السابق في شبكة فوكس نيوز. كذلك، نائب ترامب يُعد من المعارضين لتورط الولايات المتحدة في الحروب.
ورغم أن وزير الخارجية يدعم الكيان الصهيوني، إلا أنه يعارض تقديم دعم غير محدود له، معتبرًا ذلك ابتزازًا.
شاهدت قبل أيام مقابلة مع محلل السياسات الخارجية كوري شاك، الذي خدم في إدارة ترامب الأولى، حيث أشار إلى أن أهم شخصية في إدارة ترامب الحالية هي سوزي وايلز، رئيسة موظفي البيت الأبيض. وايلز، التي قادت حملة ترامب، يُنسب إليها الفضل في عودته. وعلى الرغم من أنها لا تعبر عن مواقفها في السياسة الخارجية، إلا أنها توصف عمومًا بأنها انعزالية.
وفي مقابلة أخرى مع بريدج كولبي، الذي لعب دورًا رئيسيًا في صياغة استراتيجية ترامب للسياسة الخارجية، أشار إلى أن ترامب قد يكون بعيدًا عن «إسرائيل» خلافًا لوعوده الانتخابية.
علاوة على ذلك، «صفقة القرن» انتهت عمليًا مع عملية «طوفان الأقصى». وقد أعلنت السعودية أنه لا تطبيع مع الكيان إلا بقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية. ويُعتقد أن أولوية ترامب الآن هي تطبيع العلاقات مع السعودية، ما يعني أن ضم الضفة الغربية قد لا يتم.
ترامب قد يكون قد تعلم درسه من تبعات الاتفاقيات وقراراته السابقة، مثل ضم الجولان ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والتي ساهمت في إشعال «طوفان الأقصى». لذا، قد يسعى ترامب لإيجاد حلول أخرى إذا كان يريد تحقيق السلام.
علينا أن نتذكر أن ترامب جاء من خارج الحزب الجمهوري، ما يجعله متحررًا من الكثير من سياساته التقليدية. كما أن نجاحه تحقق بدعم أصوات العرب والمسلمين، وهو يحظى الآن بسيطرة الجمهوريين على الكونغرس، ما يمنحه مساحة أكبر للمناورة بين التناقضات داخل إدارته، بين الانعزاليين وأنصار التدخل المؤيدين للكيان الصهيوني.
وأخيرًا، فإن ترامب متحرر من أي ضغوط انتخابية، إذ إن هذه هي ولايته الأخيرة.
لذلك، يبقى مستقبل الضفة الغربية معلقًا بين أطماع الصهاينة، والتيارات المتصارعة في إدارة ترامب، وصفقاته.
نيسان ـ نشر في 2024-11-17 الساعة 10:19
رأي: اسماعيل الشريف