اتصل بنا
 

الاردني ملاحق حيا وميتا !!!

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2024-11-19 الساعة 10:10

نيسان ـ حاتم الازعيما أن دخلت لائحة الأجور الطبية الجديدة 2024 حيز التنفيذ عقب نشرها في الجريدة الرسمية في تشرين أول الماضي، حتى أحدثت جدلا واسعا ، بين نقابة الأطباء الأردنيين من جهة، وشركات التأمين من جهة أخرى ،وامتد الجدل ليصبح حديث الأردنيين ، والشغل الشاغل لوسائل الإعلام والاقلام الحرة .
ولست هنا بصدد تناول المسألة شديدة الحساسية ، من باب دوافع النقابة وشركات التأمين ، وتأثير اللائحة وتداعياتها السلبية على صحة الناس وسلامتهم وقدرتهم على الوصول إلى الخدمة الصحية ، فقد اشبع ذلك تحليلا ، ووصل الرأي العام إلى قناعة راسخة بأن صحة الناس تواجه مخاطر تضاف إلى مخاطر سابقه تنذر بانهيار النظام الصحي برمته، ولن يغير في الأمر كل المحاولات البائسة لالباس اللائحة ثوب الصحة والعافية ، واخفاء عورتها ومدى بشاعتها .
ويروق لي أن اخفف من وطأة اللائحة القاسية ، بتسليط الضوء على المشاهد الكوميدية المرافقة والمتزامنة مع اقرارها ودخولها حيز التنفيذ ، بغض النظر عن الصراع والحرب التي تشنها نقابة الأطباء وشركات التأمين ، على المواطن الأردني ، وبعيدا عن التحليل والتبرير والتدقيق والتمحيص في اللائحة، وآلية الحرب وأدواتها وعداد ضحاياها من الموتى والمصابين ، وصمت وزارة الصحة ومن قبلها وبعدها الحكومة المنشغلة برصد ردود فعل الشارع الأردني وحالة الانبهار بجمال رئيسها !! وفعلا صدق رئيس الحكومة السابق وتحققت نبؤته بأن القادم اجمل !!.وهذا يؤكد أن رؤساء حكوماتناء الاجلاء لديهم القدرة على تنبؤات تفوق قدرات كل المنجمين واكثرهم شهرة !!.
وعلى أية حال ، نعود إلى خشبة مسرح كوميديا المضحك المبكي ، ونسلط الضوء مكثفا ، على مشهدين هزليين إلى أبعد الحدود ، ولدا من رحم اللائحة ، أحدهما لنقيب الأطباء والثاني لأمانة عمان الكبرى ، وبين المشهدين خيط رفيع تدركه العين البصيرة .
في المشهد الاول يظهر نقيب الأطباء بمنتهى الوقار والجدية والصرامة والثقة ليبشر الناس ويذكرهم بانسانية النقابة وعدم إغفالها أو تغاضيها وتناسيها للظروف الاقتصادية الصعبة التي يرزح تحت نيرها المواطن الأردني ، وفي المشهد الثاني تطل الأمانة برأسها لتبشرنا بموت رحيم وقبر رخيص ، لتطمىن قلوبنا ، ونموت بسلام، ولا تشغلنا هموم القبر وكلفه .
وهكذا ودون مقدمات أو شرح وتفسير ، ولامتصاص النقمة وحرف الأنظار عن الجوهر اللاانساني الذي تنطوي عليه اللائحة ، يطلق النقيب تصريحا دمويا يزيد الطين بلة ويعقد المشهد ويجعله أكثر ضبابية ويلقي في وجه الجميع قنبلة فراغية لموت رحيم ، ويطلق بالونا حراريا مخادعا للصواريخ المنطلقة من ،" أعداء" اللائحة ويعلن أن "الأطباء سيعالجون من لا يحمل أموالا من المرضى مجانا"، ولا ادري اذا كان النقيب يصدق أن طبيبا في القطاع الخاص سيعالج مريضا مفلسا مجانا ؟!!! وربما يعلم النقيب أكثر من غيره كيف يصطلي الناس بنار الأجور الجائرة التي يتقاضاها أطباء القطاع الخاص قبل اللائحة ، التي جاءت لشرعنة الجور في بلد تحولت فيه مهنة الطب إلى تجارة عنوانها العريض ـ للاسف - الربح والخسارة .
وعلى المسرح ذاته تدرك أمانة عمان الكبرى ، بحسها وحدسها ، أن الموت قادم ، وسبله إلى الناس سهلة ميسرة ، وأن عداد الموت في ظل الحرب على صحة الناس ، سيأخذ منحى صاعدا ، وان الطلب سيزداد على القبور ، وذلك يفرض ويتطلب رفع أسعارها ،تماشيا وانسجاما مع قانون السوق الذي يحكمه قانون العرض والطلب .
لكن الأمانة تنتهز اللحظة وتدخل سوق المزاودة الإنسانية ، وتنازع النقيب إنسانيته وتعلن على لسان مدير الرقابة الصحية والمهنية فيها ، أنه رغم الكلف الباهظة للقبور فإنها " لم تقم برفع أجور القبور البالغة 50 ديناراً على القبر الواحد " ، ونضع أيدينا على قلوبنا ، أنها لم ترفع حاليا وأنها سترفع لاحقا ، هكذا يشي التصريح ، وهكذا تعودنا من تجارب سابقة ، حين تنفي جهة ما أمرا ، فإنها تبطن شرا .
خلاصة القول : مسكين ايها المواطن الأردني حين تطارد وتستهدف حيا وميتا ، ولا تجد عزاء ، الا من تصريحات تطلق جزافا ، مطمئنة بموت رحيم !! عظم الله اجركم - ايها المواطن - في النضال والسعي من أجل حياة حرة كريمة وموت يريح من أعباء الحياة !!.

نيسان ـ نشر في 2024-11-19 الساعة 10:10


رأي: حاتم الأزرعي كاتب أردني

الكلمات الأكثر بحثاً