اتصل بنا
 

وباء السوشال ميديا!

نيسان ـ نشر في 2024-11-23 الساعة 09:53

x
نيسان ـ وهل يُمكن أن ننكر ذلك؟ بل إنه إدمانٌ عال يصل تأثيره حد السماء. فهل من دواء؟
أجيالٌ جديدة تُربيها هذه الشبكة المُتشعبة المريبة، والله إنها كارثة. وها نحن نشعرُ باليأس والخيبة.
عقولٌ منشغلة، قلوبٌ كئيبة، كيف نُنقذُ أولادنا من هذه المصيبة؟
الجلوس أمام الشاشات لفترات طويلة يؤثر على الصحة العامة و يؤدي إلى انكماش وخلل في الخلايا الدماغية والذاكرة، و نحن نُسلمهم الأجهزة كأجمل هدية!!
من الأسباب الرئيسية للبعد والجفاف والجفى بين أفراد الأسرة هو هذا العَزول السام الموجود بينهم، يرافقهم أينما ذهبوا. فنرى الأجهزة في أيدي الكبار قبل الصغار وهم جالسون أمام التلفاز أو حتى على مائدة الطعام. نترك أولادنا مع هواتفهم بالساعات ونحن لا نعلم ماذا يفعلون؟ مع من يتحدثون؟ ماذا يتعلمون؟؟ أطفال ويافعون يُرفع عن تصرفاتهم القلم لأنهم ما زالوا ساذجين و بريئين، لكن نحن المسؤولون عنهم وعن الوقت الذي يمضونه. عقولهم كالإسفنجة تمتص ما حولها من المعلومات وأحيانا كثيرة من ‹التفاهات›، وما خفي أعظم!!
عالم الإنترنت والسوشال ميديا يتحكمون بعقول الأجيال، جيلا تلو الآخر ؛ بأفكارهم وحتى نظرتهم للحياة! غسيل دماغ يومي نتيجته معتقدات تافهة او بلا اهمية.
فتصبح الأدمغة والأنفس فارغة، يسمع من خلالها لا شىء..صدى..› أو بالأحرى صدى الصوت!
اُتمنى الرجوع لعادات أيام جيل الطيبين. عندما كانت للمة العائلة قيمة لا تقدر بكنوز الدنيا، أهميتها و تأثيرها أعمق من الدروس الصفية في المدارس.
مباديء الحياة و دروسها التي تربينا عليها، علينا أن نعيد إحياءها ونُرجعها في قاموس حياة أولادنا المشوّش والتائه. كالجلوس مع الاهل والاستماع لهم دون النظر للهاتف، ودون مقاطعة الحديث. لنجبر أولادنا على القيام والحركة والمساعدة بدلاً من الكسل والخمول العجيبين. لنُعيد الألعاب المفيدة البسيطة بالهواء الطلق دون مداخلات ‹تكنولوجية› سامة؛ كلعبة جماد حيوان، وحاكم جلاد التي كانت بسببها تنسلخ أيدينا من ضرب المسطرة!! والحجلة والغماي و اللعب بالبنانير ‹الجلول›، وكرة القدم بالحارة بين أولاد الجيران، وغيرها من ألعاب الزمن الجميل التي تترك أثر وذكرى تنطبع بالذاكرة..للأبد.
كثيرةٌ هي السلبيات والمشاكل التي نواجهها هذه الأيام بسبب وباء التواصل الاجتماعي بشكل خاص وعالم الانترنت البلاحدود بشكل عام. كالانعزال والانغلاق الاجتماعي واختيار اللجوء للتواصل من وراء الشاشة كبديل مُريح وسريع، وهذا بحد ذاته غير صحي لشخصية الجيل ونفسيته. فأنا شخصيا لاحظت والتمست مشكلة عدم قدرة الكثير من الطلاب من مختلف الأعمار على التعبير عن مشاعرهم و أفكارهم بشكل سلس وطبيعي. تراهم حتى غير قادرين على التواصل والانخراط مع الغير، أو أحيانا ممكن لا يريدون ذلك أصلا! ناهيكم عن عدم مقدرة البعض على التعامل بلطف و عفوية مع المجتمع المحيط بهم.
أيضا لجوء الأطفال والمراهقين لمواقع غير مناسبة بتاتا وغير مفيدة وأحيانا خطيرة جدا، مما يؤثر على شخصيّاتهم وسلوكيّاتهم في التعامل مع الواقع والعالم الخارجي و الملموس.
لنعُيدَ أيام البساطة و العفوية في نفوس أولادنا. لٍنُرجع قيمة السعادة و معناها في الأمور البسيطة والصغيرة؛ كالاجتماع حول مائدة الطعام كل يوم مع العائلة دون ‹الهواتف›، والجلوس معا للحديث عن آخر أخبار كل واحدٍ فينا والاستماع لبعضنا بحب واهتمام. القيام بأعمال تطوعية نزرع فيها ابتسامة ونشعر بهموم الآخرين؛ ما يزيد شعورنا بالتقدير والامتنان.
لنكن قدوة لصغارنا ونبتعد عن إدمان الهاتف والسوشال ميديا، لأنهم في الحقيقة يقلدوننا في كل شيء. نحن مرآة لهم وانعكاس لشخصياتهم وتصرفاتهم.
لُنعيد عادة القراءة ونسبح بها في خيالنا بعيدا عن خوض الواقع! لنعيد للعائلة معناها الحقيقي الذي لا يُقدّر بكل أموال العالم.
لنستغل أوقاتنا بالعلم والثقافة والاكتشاف، حتى ننشىء جيلا مثقفا، صحيا و غير سام، قادر على التعبير والنقاش والكلام، نزرع فيهم القيم والأخلاق، ليعيشوا بحب وسلام..بعيدا عن العالم الافتراضي والأوهام!.

نيسان ـ نشر في 2024-11-23 الساعة 09:53

الكلمات الأكثر بحثاً