اتصل بنا
 

الطيار السوري رغيد التتري .. الجرح لا يندمل والكرامة شامخة

نيسان ـ نشر في 2024-12-08 الساعة 14:17

x
نيسان ـ إبراهيم قبيلات ..
"لن أقتل نفسا بريئة بغير حق". قال الطيار، كان يعلم ان الثمن سيكون باهظا، وربما كلفه حياته، فكان ثمنا كله عمره كله الا قليلا.
الطيار السوري، رغيد التتري الذي رفض أوامر الرئيس السوري حافظ الأسد بقصف حماة وسط اربعين سنة في ظلمة السجون لم يكن يتخيل أن يحتضن سوريا مرة أخرى؛ وتحتضنه، بعد أن بلغ في سجون النظام السوري من العمر عتيا.
في لحظة طال انتظارها، شهدت سوريا يومًا تاريخيًا بخروج الطيار رغيد التتري، عميد المعتقلين السوريين، بعد أربعة عقود من السجن في زنازين النظام.
لا شك أن الرجل أصبح رمزًا للشرف والكرامة الوطنية، بعد أن دفع ثمن رفضه الانصياع لأوامر قصف مدينة حماة في ثمانينيات القرن الماضي، خلال الحملة العسكرية التي خلفت جراحًا غائرة في وجدان السوريين.
في وقت كانت فيه الآلة العسكرية تُستخدم لترهيب الشعب، اختار الطيار رغيد الوقوف في صف الإنسانية، رافضًا تحويل طائرته الحربية إلى أداة للدمار، وقتل أهله السوريين.
ذلك القرار، الذي اتخذه بشجاعة نادرة، لم يكن مجرد تمرد على الأوامر العسكرية، بل كان موقفًا أخلاقيًا وإنسانيًا يُبرز انتماءه الحقيقي للشعب والوطن، وليس للنظام.
دفع التتري ثمنًا باهظًا لبطولته، إذ أُلقي به في المعتقلات السورية، حيث عاش أربعة عقود من المعاناة في ظروف لا نعرفها، لكن المؤكد أنها كانت أكثر من قاسية .
رغيد التتري ليس مجرد اسم أو شخص، بل رمز للنضال من أجل القيم والمبادئ، في وقت طغى فيه الظلم، سنوات سجنه كانت شاهدًا على استبداد لم يعرف حدودًا، لكنها أيضًا أظهرت قدرة الإنسان على الصمود عندما يكون لديه إيمان راسخ بعدالة قضيته.
خرج من سجنه عزيزا متمسكًا بمبادئه، ثابتًا في موقفه، وملهمًا لأجيال من السوريين الذين يبحثون عن الحرية والكرامة.
خروج الطيار البطل يجب أن يكون لحظة للتأمل، إنه تذكير بأن التاريخ لا ينسى المواقف الشجاعة، وأن الأنظمة المستبدة، مهما بلغت قوتها، لن تستطيع إسكات صوت الحق، كما أنه دعوة لكل السوريين للتوحد والعمل من أجل بناء وطن يحترم الكرامة الإنسانية، ويحفظ حقوق أبنائه.
بينما يحتفل السوريون بحرية بطلنا، تبقى قصته شاهدًا حيًا على نضال الإنسان ضد الظلم، ودليلاً على أن الشجاعة لا تُقاس بالأسلحة، بل بالمواقف التي تبني التاريخ. إن هذا الرجل الذي خرج منتصرًا بعد أربعين عامًا من العزلة، هو اليوم أيقونة وطنية تلهم الجميع للسير في درب الحرية.
الحرية ليست مجرد حلم، بل هي حق، وما الطيار رغيد إلا دليل حي على أن من يضحّي من أجلها، ينال مكانته في قلوب الأحرار.

نيسان ـ نشر في 2024-12-08 الساعة 14:17

الكلمات الأكثر بحثاً