سقوط نظام الأسد: لحظة تاريخية أم بداية مشروع جديد؟
الدكتور عمر كامل السواعدة
كاتب وخبير قانوني
نيسان ـ نشر في 2024-12-09 الساعة 16:14
نيسان ـ في صباح يوم الثامن من ديسمبر 2024، شهد العالم حدثًا تاريخيًا تمثل في سقوط نظام الأسد، الذي حكم سوريا بقبضة من حديد لأكثر من نصف قرن. هذه اللحظة التي انتظرها الشعب السوري طويلًا ليست فقط نهاية لحقبة مظلمة، بل بداية لمرحلة جديدة مليئة بالتحديات والآمال. فقد شهدت سوريا 53 سنة من القهر، تحولت فيها إلى دولة بوليسية يسيطر عليها النظام وأجهزته الأمنية، ما أدى إلى تغييب الحريات وانتهاك الكرامة الإنسانية.
وقد خرج ملايين السوريين والعرب إلى الشوارع يحتفلون بسقوط النظام الذي دمر حياتهم لعقود. هذه الاحتفالات لم تكن فقط تعبيرًا عن انتصار الثورة، بل أيضًا عن استعادة كرامة شعب عانى من الإذلال والتهجير. ومع ذلك، وسط الفرحة العارمة، علت أصوات تحذر من المخاطر الكامنة في هذه اللحظة التاريخية. فسقوط نظام الأسد ليس مجرد حدث عابر، بل هو انقلاب جذري في موازين القوى، محليًا وإقليميًا، يحمل تأثيرات عميقة على مستقبل سوريا والمنطقة.
على مدار أكثر من نصف قرن، جسّد نظام الأسد قمعًا غير مسبوق، حيث ارتكب أبشع الجرائم ضد الإنسانية، من قتل واغتصاب وتعذيب، إلى تهجير الملايين. لم يكتفِ النظام بجرائمه الداخلية، بل لعب دورًا تخريبيًا على المستوى الإقليمي، مثل دعمه لإيران خلال الحرب العراقية-الإيرانية وتقديمه نفسه كـ “قلعة المقاومة"، بينما كان يقمع شعبه ويساهم في زعزعة استقرار المنطقة.
لا يمكن فهم النظام السوري بمعزل عن السياق التاريخي والجيوسياسي الذي أوجده. فالنظام الذي أسسته فرنسا خلال فترة الانتداب لم يكن سوى امتداد لسياسة استعمارية هدفت إلى تقسيم المجتمع السوري وضمان السيطرة على مقدراته. منذ ذلك الحين، أصبح هذا النظام أداة طيعة بيد القوى الخارجية، حيث تطور لاحقًا ليصبح مستأجرًا لإيران، التي حولته إلى ذراع لتنفيذ مشاريعها الإقليمية في المنطقة.
التاريخ الحديث للمنطقة يشهد أن صانع القرار الغربي، الذي كان له دور محوري في الأزمات المتتالية التي عصفت بالعراق وسوريا واليمن ولبنان، لا يهتم بمصالح الشعوب بقدر ما يسعى لتحقيق أهدافه الجيوسياسية والاقتصادية. اسقاط نظام الأسد بالنسبة له ما هو الا إشارة البدء بمشروع جديد لتقسيم سوريا على أسس طائفية وعرقية، وفق سياسات "تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ."
ومما هو معلوم بالضرورة أن استراتيجيات الغرب التي أوصلت إيران إلى لعب دور محوري في سوريا والعراق واليمن، لم تكن تهدف إلى تحقيق الاستقرار، بل إلى خلق فراغات يستغلها لتحقيق مكاسب استراتيجية تخدم حلفاءه، وعلى رأسهم أداة الغرب في خاصرة الأمة "الكيان الصهيوني". لهذا السبب، فإن المرحلة المقبلة تتطلب وعيًا كاملًا من الشعب السوري وممثليه لتفادي السقوط في فخ هذه المخططات.
إيران، بدورها، لم تكن إلا أداة مؤقتة في يد صانع القرار الغربي. فقد استُخدمت لتأدية دور محدد يتمثل في زرع الفوضى وتعميق الأزمات في دول مثل سوريا والعراق واليمن، بما يضمن تحقيق مصالح الغرب وإضعاف الدول العربية. ولكن عندما انتهت الحاجة إلى هذا الدور، تم "إطفاء" إيران بكبسة زر من ذات الجهة التي صنعت نفوذها. سقوط النظام الإيراني بهذه السرعة يسلط الضوء على هشاشة هذه التحالفات، ويؤكد أن صانع القرار الغربي يتحكم بخيوط اللعبة بالكامل، مستخدمًا أدواته لتحقيق مصالحه دون اعتبار لمصير الشعوب التي تعاني من هذه السياسات. هذا الواقع يدق ناقوس الخطر للسوريين، ليعلموا أن مصيرهم يجب أن يكون بأيديهم، وأن الاعتماد على أي جهة خارجية لن يؤدي إلا إلى استبدال مستبد بآخر.
ان سقوط النظام يفتح الباب أمام تحديات سياسية وأمنية. الفراغ السياسي قد يقود إلى حالة من الفوضى والانقسامات إذا لم تتم إدارتها بحكمة. ولتحقيق انتقال سياسي حقيقي، يحتاج السوريون إلى اتخاذ خطوات حاسمة، تشمل: تشكيل حكومة مدنية انتقالية تضم كافة شرائح المجتمع، وبناء جهاز أمني نظيف وخالٍ من الشخصيات المرتبطة بجرائم النظام السابق، والأهم، صياغة دستور جديد يضمن العدالة والمساواة لجميع السوريين.
يجب على الشعب السوري أن يدرك خطورة القبول بأي صيغة حكم تعتمد على المحاصصة الطائفية أو الحزبية. التجارب السابقة في دول المنطقة أثبتت أن حكومات المحاصصة لا تؤدي إلا إلى تفاقم الانقسامات، وإطالة أمد الأزمات، وتحويل الدولة إلى ساحة صراع دائم بين مكونات المجتمع المختلفة. لذلك، يجب أن يكون الخيار الوحيد أمام السوريين هو تشكيل حكومة تكنوقراط، تتألف من خبراء غير متحزبين، يمتلكون الكفاءة والخبرة لإدارة شؤون الدولة بعيدًا عن الحسابات السياسية الضيقة. هذه الحكومة يجب أن تتمتع بالصلاحيات الكاملة لإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس العدالة والكفاءة والنزاهة، وأن تضع خطة شاملة لإصلاح الاقتصاد، إعادة الإعمار، وضمان الحقوق الأساسية لجميع السوريين.
القضية الكردية تمثل تحديًا آخر. في حين يسعى الشعب الكردي لتحقيق العدالة والمساواة، تحاول بعض المجموعات استغلال هذه القضية لتحقيق أجندات تقسيمية بالتنسيق مع قوى خارجية. يجب أن يتم حل القضية الكردية ضمن إطار الحوار الوطني السوري، بعيدًا عن التدخلات الأجنبية.
وبينما تسابقت العديد من القوى الإقليمية والدولية لتعزيز نفوذها في سوريا مستغلة الفراغ السياسي والأمني الذي خلفه سقوط النظام، برز الأردن كمثال مختلف تمامًا. على عكس الأطراف التي تسعى لتحقيق مصالحها الجيوسياسية أو الاقتصادية على حساب الشعب السوري، تعامل الأردن مع الأزمة السورية من منطلق الأخوة الصادقة والنوايا الطيبة.
الأردن، الذي يربطه بسوريا تاريخ مشترك وحدود طويلة، تبنى موقفًا إنسانيًا وأخلاقيًا فريدًا منذ بداية الأزمة. قدم دعمًا هائلًا للسوريين، فاستضاف أكثر من مليون لاجئ، رغم التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها داخليًا. هذا الموقف الإنساني لم يكن مدفوعًا بأي أجندة سياسية أو توسعية، بل كان قائمًا على القيم العروبية والمصير المشترك. علاوة على ذلك، حرص الأردن على الحفاظ على سيادة سوريا ووحدتها، ورفض أي محاولات لتقسيمها أو زعزعة استقرارها. لم يسعَ الأردن لتحقيق مكاسب على الأرض السورية، بل ركز على حماية حدوده ومنع امتداد الصراع إلى أراضيه، مع التزامه بمساعدة الشعب السوري على تجاوز محنته. وفي إطار الجهود السياسية، لعب الأردن دورًا بناءً في دعم الحلول السلمية للأزمة، ودعا إلى حوار وطني شامل يحترم تطلعات الشعب السوري. قدم الأردن نفسه كطرف محايد يعمل لصالح استقرار سوريا والمنطقة ككل، متجنبًا أي تدخلات تؤدي إلى إضعاف سوريا أو تقسيمها.
ان التدخلات الخارجية المتعددة، التي شهدتها المنطقة خلال العقود الماضية، أدت إلى تفاقم الأزمات في دول مثل العراق، وسوريا، واليمن، ولبنان وكل ذلك عبر البندقية الإيرانية المستأجرة. حيث سعت قوى غربية إلى تحقيق مصالحها عبر دعم حلفاء محليين، في هذا السياق، يُخشى أن يكون هناك مخططات جديدة تهدف إلى تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ، مما يزيد من تعقيد الوضع في سوريا. من هذا المنطلق، من الضروري أن يظل الشعب السوري متيقظًا، وألا يغادر الشوارع قبل تحقيق مطالب ثورته بالكامل. يجب العمل على تشكيل حكومة مدنية انتقالية، وبناء جهاز أمني نزيه، وتعيين رئاسة مؤقتة، حتى لو استدعى ذلك البقاء في الشوارع لمدة عام كامل. فالتحديات المقبلة تتطلب وحدة الصف والتصميم على بناء دولة ديمقراطية تضمن حقوق جميع مواطنيها.
إن الفرحة بسقوط النظام يجب أن تترافق مع وعي عميق بالتحديات المقبلة، والعمل الجاد على تحقيق تطلعات الشعب في الحرية والكرامة والعدالة. فالمسؤولية الآن تقع على عاتق السوريين لضمان عدم السماح لأي قوى خارجية بالتلاعب بمصيرهم مرة أخرى.
سقوط نظام الأسد يمثل بداية جديدة لسوريا، لكنه أيضًا لحظة اختبار تاريخية. السوريون اليوم أمام مسؤولية كبيرة لبناء وطن يعيد الكرامة لشعبه ويثبت أن التضحيات لم تذهب هباءً. العمل الجماعي والتخطيط الواعي هما السبيل لبناء دولة ديمقراطية حديثة تستعيد مكانتها الطبيعية في العالم العربي والدولي.
حمى الله سوريا وأهلها الشرفاء المناضلين وأدام عليهم أفراحهم وحماهم من كيد الكائدين
وقد خرج ملايين السوريين والعرب إلى الشوارع يحتفلون بسقوط النظام الذي دمر حياتهم لعقود. هذه الاحتفالات لم تكن فقط تعبيرًا عن انتصار الثورة، بل أيضًا عن استعادة كرامة شعب عانى من الإذلال والتهجير. ومع ذلك، وسط الفرحة العارمة، علت أصوات تحذر من المخاطر الكامنة في هذه اللحظة التاريخية. فسقوط نظام الأسد ليس مجرد حدث عابر، بل هو انقلاب جذري في موازين القوى، محليًا وإقليميًا، يحمل تأثيرات عميقة على مستقبل سوريا والمنطقة.
على مدار أكثر من نصف قرن، جسّد نظام الأسد قمعًا غير مسبوق، حيث ارتكب أبشع الجرائم ضد الإنسانية، من قتل واغتصاب وتعذيب، إلى تهجير الملايين. لم يكتفِ النظام بجرائمه الداخلية، بل لعب دورًا تخريبيًا على المستوى الإقليمي، مثل دعمه لإيران خلال الحرب العراقية-الإيرانية وتقديمه نفسه كـ “قلعة المقاومة"، بينما كان يقمع شعبه ويساهم في زعزعة استقرار المنطقة.
لا يمكن فهم النظام السوري بمعزل عن السياق التاريخي والجيوسياسي الذي أوجده. فالنظام الذي أسسته فرنسا خلال فترة الانتداب لم يكن سوى امتداد لسياسة استعمارية هدفت إلى تقسيم المجتمع السوري وضمان السيطرة على مقدراته. منذ ذلك الحين، أصبح هذا النظام أداة طيعة بيد القوى الخارجية، حيث تطور لاحقًا ليصبح مستأجرًا لإيران، التي حولته إلى ذراع لتنفيذ مشاريعها الإقليمية في المنطقة.
التاريخ الحديث للمنطقة يشهد أن صانع القرار الغربي، الذي كان له دور محوري في الأزمات المتتالية التي عصفت بالعراق وسوريا واليمن ولبنان، لا يهتم بمصالح الشعوب بقدر ما يسعى لتحقيق أهدافه الجيوسياسية والاقتصادية. اسقاط نظام الأسد بالنسبة له ما هو الا إشارة البدء بمشروع جديد لتقسيم سوريا على أسس طائفية وعرقية، وفق سياسات "تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ."
ومما هو معلوم بالضرورة أن استراتيجيات الغرب التي أوصلت إيران إلى لعب دور محوري في سوريا والعراق واليمن، لم تكن تهدف إلى تحقيق الاستقرار، بل إلى خلق فراغات يستغلها لتحقيق مكاسب استراتيجية تخدم حلفاءه، وعلى رأسهم أداة الغرب في خاصرة الأمة "الكيان الصهيوني". لهذا السبب، فإن المرحلة المقبلة تتطلب وعيًا كاملًا من الشعب السوري وممثليه لتفادي السقوط في فخ هذه المخططات.
إيران، بدورها، لم تكن إلا أداة مؤقتة في يد صانع القرار الغربي. فقد استُخدمت لتأدية دور محدد يتمثل في زرع الفوضى وتعميق الأزمات في دول مثل سوريا والعراق واليمن، بما يضمن تحقيق مصالح الغرب وإضعاف الدول العربية. ولكن عندما انتهت الحاجة إلى هذا الدور، تم "إطفاء" إيران بكبسة زر من ذات الجهة التي صنعت نفوذها. سقوط النظام الإيراني بهذه السرعة يسلط الضوء على هشاشة هذه التحالفات، ويؤكد أن صانع القرار الغربي يتحكم بخيوط اللعبة بالكامل، مستخدمًا أدواته لتحقيق مصالحه دون اعتبار لمصير الشعوب التي تعاني من هذه السياسات. هذا الواقع يدق ناقوس الخطر للسوريين، ليعلموا أن مصيرهم يجب أن يكون بأيديهم، وأن الاعتماد على أي جهة خارجية لن يؤدي إلا إلى استبدال مستبد بآخر.
ان سقوط النظام يفتح الباب أمام تحديات سياسية وأمنية. الفراغ السياسي قد يقود إلى حالة من الفوضى والانقسامات إذا لم تتم إدارتها بحكمة. ولتحقيق انتقال سياسي حقيقي، يحتاج السوريون إلى اتخاذ خطوات حاسمة، تشمل: تشكيل حكومة مدنية انتقالية تضم كافة شرائح المجتمع، وبناء جهاز أمني نظيف وخالٍ من الشخصيات المرتبطة بجرائم النظام السابق، والأهم، صياغة دستور جديد يضمن العدالة والمساواة لجميع السوريين.
يجب على الشعب السوري أن يدرك خطورة القبول بأي صيغة حكم تعتمد على المحاصصة الطائفية أو الحزبية. التجارب السابقة في دول المنطقة أثبتت أن حكومات المحاصصة لا تؤدي إلا إلى تفاقم الانقسامات، وإطالة أمد الأزمات، وتحويل الدولة إلى ساحة صراع دائم بين مكونات المجتمع المختلفة. لذلك، يجب أن يكون الخيار الوحيد أمام السوريين هو تشكيل حكومة تكنوقراط، تتألف من خبراء غير متحزبين، يمتلكون الكفاءة والخبرة لإدارة شؤون الدولة بعيدًا عن الحسابات السياسية الضيقة. هذه الحكومة يجب أن تتمتع بالصلاحيات الكاملة لإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس العدالة والكفاءة والنزاهة، وأن تضع خطة شاملة لإصلاح الاقتصاد، إعادة الإعمار، وضمان الحقوق الأساسية لجميع السوريين.
القضية الكردية تمثل تحديًا آخر. في حين يسعى الشعب الكردي لتحقيق العدالة والمساواة، تحاول بعض المجموعات استغلال هذه القضية لتحقيق أجندات تقسيمية بالتنسيق مع قوى خارجية. يجب أن يتم حل القضية الكردية ضمن إطار الحوار الوطني السوري، بعيدًا عن التدخلات الأجنبية.
وبينما تسابقت العديد من القوى الإقليمية والدولية لتعزيز نفوذها في سوريا مستغلة الفراغ السياسي والأمني الذي خلفه سقوط النظام، برز الأردن كمثال مختلف تمامًا. على عكس الأطراف التي تسعى لتحقيق مصالحها الجيوسياسية أو الاقتصادية على حساب الشعب السوري، تعامل الأردن مع الأزمة السورية من منطلق الأخوة الصادقة والنوايا الطيبة.
الأردن، الذي يربطه بسوريا تاريخ مشترك وحدود طويلة، تبنى موقفًا إنسانيًا وأخلاقيًا فريدًا منذ بداية الأزمة. قدم دعمًا هائلًا للسوريين، فاستضاف أكثر من مليون لاجئ، رغم التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها داخليًا. هذا الموقف الإنساني لم يكن مدفوعًا بأي أجندة سياسية أو توسعية، بل كان قائمًا على القيم العروبية والمصير المشترك. علاوة على ذلك، حرص الأردن على الحفاظ على سيادة سوريا ووحدتها، ورفض أي محاولات لتقسيمها أو زعزعة استقرارها. لم يسعَ الأردن لتحقيق مكاسب على الأرض السورية، بل ركز على حماية حدوده ومنع امتداد الصراع إلى أراضيه، مع التزامه بمساعدة الشعب السوري على تجاوز محنته. وفي إطار الجهود السياسية، لعب الأردن دورًا بناءً في دعم الحلول السلمية للأزمة، ودعا إلى حوار وطني شامل يحترم تطلعات الشعب السوري. قدم الأردن نفسه كطرف محايد يعمل لصالح استقرار سوريا والمنطقة ككل، متجنبًا أي تدخلات تؤدي إلى إضعاف سوريا أو تقسيمها.
ان التدخلات الخارجية المتعددة، التي شهدتها المنطقة خلال العقود الماضية، أدت إلى تفاقم الأزمات في دول مثل العراق، وسوريا، واليمن، ولبنان وكل ذلك عبر البندقية الإيرانية المستأجرة. حيث سعت قوى غربية إلى تحقيق مصالحها عبر دعم حلفاء محليين، في هذا السياق، يُخشى أن يكون هناك مخططات جديدة تهدف إلى تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ، مما يزيد من تعقيد الوضع في سوريا. من هذا المنطلق، من الضروري أن يظل الشعب السوري متيقظًا، وألا يغادر الشوارع قبل تحقيق مطالب ثورته بالكامل. يجب العمل على تشكيل حكومة مدنية انتقالية، وبناء جهاز أمني نزيه، وتعيين رئاسة مؤقتة، حتى لو استدعى ذلك البقاء في الشوارع لمدة عام كامل. فالتحديات المقبلة تتطلب وحدة الصف والتصميم على بناء دولة ديمقراطية تضمن حقوق جميع مواطنيها.
إن الفرحة بسقوط النظام يجب أن تترافق مع وعي عميق بالتحديات المقبلة، والعمل الجاد على تحقيق تطلعات الشعب في الحرية والكرامة والعدالة. فالمسؤولية الآن تقع على عاتق السوريين لضمان عدم السماح لأي قوى خارجية بالتلاعب بمصيرهم مرة أخرى.
سقوط نظام الأسد يمثل بداية جديدة لسوريا، لكنه أيضًا لحظة اختبار تاريخية. السوريون اليوم أمام مسؤولية كبيرة لبناء وطن يعيد الكرامة لشعبه ويثبت أن التضحيات لم تذهب هباءً. العمل الجماعي والتخطيط الواعي هما السبيل لبناء دولة ديمقراطية حديثة تستعيد مكانتها الطبيعية في العالم العربي والدولي.
حمى الله سوريا وأهلها الشرفاء المناضلين وأدام عليهم أفراحهم وحماهم من كيد الكائدين
نيسان ـ نشر في 2024-12-09 الساعة 16:14
رأي: الدكتور عمر كامل السواعدة كاتب وخبير قانوني