صراع الغاز
نيسان ـ نشر في 2024-12-16 الساعة 10:48
نيسان ـ النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي - صدام حسين.
السبب الرئيسي للعدوان الثلاثي على مصر عام 1956 كان قرار جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس. وبالمثل، وقع الانقلاب على رئيس الوزراء الإيراني المنتخب محمد مصدق عام 1953 بدعم من وكالتي الاستخبارات الأمريكية والبريطانية وذلك بسبب قراره بتأميم النفط، وأعادا الشاه للحكم. أما احتلال العراق عام 2003، فكان من أسبابه رغبة الولايات المتحدة في السيطرة على موارده النفطية. واليوم، تُعد إحدى دوافع الإبادة الجماعية التي تُرتكب في غزة السعي لنهب حقل الغاز قبالة سواحل القطاع.
في مقال نُشر في مجلة الشؤون الخارجية (Foreign Affairs) في تشرين الثاني عام 2015، تحت عنوان: «هل تدخلت روسيا في سوريا بسبب خطوط الأنابيب؟»، قدّم البروفيسور أ. أورنستين وجورج رومر تحليلًا لدوافع التدخل العسكري الروسي في سوريا. وأشار الكاتبان إلى أن مصالح روسيا المتعلقة بالطاقة، وخاصة خط أنابيب الغاز الطبيعي، تلعب دورًا محوريًا في استراتيجيتها.
تحدثت المقالة عن مشروعين متنافسين لخطوط أنابيب الغاز عبر سوريا:
1-خط أنابيب غاز قطر – تركيا: تم اقتراحه عام 2009 بهدف نقل الغاز القطري عبر السعودية والأردن وسوريا إلى تركيا، ومن ثم توزيعه إلى أوروبا.
2-خط أنابيب غاز إيران – العراق – سوريا: أُعلن عنه عام 2011، ويهدف إلى نقل الغاز الإيراني إلى أوروبا عبر العراق وسوريا، ثم عبر البحر المتوسط إلى القارة الأوروبية. بدا أن روسيا أكثر قبولًا لهذا المشروع، نظرًا لاعتقادها بأنها تستطيع التحكم بسهولة أكبر في صادرات الغاز الإيرانية.
ويجادل كاتبا المقالة بأن أحد أسباب تدخل روسيا في سوريا كان مدفوعًا جزئيًا برغبتها في الحفاظ على هيمنتها على سوق الغاز في أوروبا، وذلك من خلال التأثير على هذه المشاريع المتنافسة.
ازدادت أهمية خط الأنابيب القطري-التركي بعد اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية في عام 2022. ففي ذلك الوقت، كانت شركة الطاقة العملاقة «غازبروم» الروسية الحكومية تبيع 80% من إنتاجها إلى أوروبا. ومع تصاعد الحرب، سعت أوروبا بدعم من الولايات المتحدة إلى الاستغناء عن الغاز الروسي. ومن بين البدائل المتاحة، يُعد أكبر حوض للغاز في الخليج العربي، الذي يقع بين قطر وإيران، خيارًا رئيسيًا، حيث تمتلك قطر ثلثي الحوض بينما تمتلك إيران الثلث الباقي.
ومع ذلك، يواجه البلدان تحديًا يتمثل في كلفة الشحن المرتفعة عند نقل الغاز عبر البواخر. ولجعل الغاز منافسًا للغاز الروسي، يصبح نقله عبر الأنابيب إلى أوروبا أمرًا لا بد منه. وبهذا، عادت المنافسة بين المشروعين إلى الساحة من جديد.
وكما كان متوقعًا، رفض الأسد مشروع أنابيب الغاز القطري-التركي، وأعطى موافقته على مشروع أنبوب الغاز الإيراني، الذي كان من المفترض أن يبدأ العمل به في عام 2016 بتكلفة تُقدر بعشرة مليارات دولار. إلا أن الحرب الأهلية حالت دون إتمامه.
تُعد تركيا المستفيد الأكبر من مشروع أنبوب الغاز القطري، حيث ستتقاضى أولًا رسوم عبور، شأنها شأن الدول التي سيمر بها الأنبوب. كما ستصبح مركزًا لتوزيع الغاز إلى أوروبا، مما يمنحها نفوذًا أكبر في أوروبا والعالم، وهي التي تطمح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
لذلك، عزيزي القارئ، لا تغفل مشروعي الغاز المتنافسين عند قراءتك للمشهد السوري!
السبب الرئيسي للعدوان الثلاثي على مصر عام 1956 كان قرار جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس. وبالمثل، وقع الانقلاب على رئيس الوزراء الإيراني المنتخب محمد مصدق عام 1953 بدعم من وكالتي الاستخبارات الأمريكية والبريطانية وذلك بسبب قراره بتأميم النفط، وأعادا الشاه للحكم. أما احتلال العراق عام 2003، فكان من أسبابه رغبة الولايات المتحدة في السيطرة على موارده النفطية. واليوم، تُعد إحدى دوافع الإبادة الجماعية التي تُرتكب في غزة السعي لنهب حقل الغاز قبالة سواحل القطاع.
في مقال نُشر في مجلة الشؤون الخارجية (Foreign Affairs) في تشرين الثاني عام 2015، تحت عنوان: «هل تدخلت روسيا في سوريا بسبب خطوط الأنابيب؟»، قدّم البروفيسور أ. أورنستين وجورج رومر تحليلًا لدوافع التدخل العسكري الروسي في سوريا. وأشار الكاتبان إلى أن مصالح روسيا المتعلقة بالطاقة، وخاصة خط أنابيب الغاز الطبيعي، تلعب دورًا محوريًا في استراتيجيتها.
تحدثت المقالة عن مشروعين متنافسين لخطوط أنابيب الغاز عبر سوريا:
1-خط أنابيب غاز قطر – تركيا: تم اقتراحه عام 2009 بهدف نقل الغاز القطري عبر السعودية والأردن وسوريا إلى تركيا، ومن ثم توزيعه إلى أوروبا.
2-خط أنابيب غاز إيران – العراق – سوريا: أُعلن عنه عام 2011، ويهدف إلى نقل الغاز الإيراني إلى أوروبا عبر العراق وسوريا، ثم عبر البحر المتوسط إلى القارة الأوروبية. بدا أن روسيا أكثر قبولًا لهذا المشروع، نظرًا لاعتقادها بأنها تستطيع التحكم بسهولة أكبر في صادرات الغاز الإيرانية.
ويجادل كاتبا المقالة بأن أحد أسباب تدخل روسيا في سوريا كان مدفوعًا جزئيًا برغبتها في الحفاظ على هيمنتها على سوق الغاز في أوروبا، وذلك من خلال التأثير على هذه المشاريع المتنافسة.
ازدادت أهمية خط الأنابيب القطري-التركي بعد اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية في عام 2022. ففي ذلك الوقت، كانت شركة الطاقة العملاقة «غازبروم» الروسية الحكومية تبيع 80% من إنتاجها إلى أوروبا. ومع تصاعد الحرب، سعت أوروبا بدعم من الولايات المتحدة إلى الاستغناء عن الغاز الروسي. ومن بين البدائل المتاحة، يُعد أكبر حوض للغاز في الخليج العربي، الذي يقع بين قطر وإيران، خيارًا رئيسيًا، حيث تمتلك قطر ثلثي الحوض بينما تمتلك إيران الثلث الباقي.
ومع ذلك، يواجه البلدان تحديًا يتمثل في كلفة الشحن المرتفعة عند نقل الغاز عبر البواخر. ولجعل الغاز منافسًا للغاز الروسي، يصبح نقله عبر الأنابيب إلى أوروبا أمرًا لا بد منه. وبهذا، عادت المنافسة بين المشروعين إلى الساحة من جديد.
وكما كان متوقعًا، رفض الأسد مشروع أنابيب الغاز القطري-التركي، وأعطى موافقته على مشروع أنبوب الغاز الإيراني، الذي كان من المفترض أن يبدأ العمل به في عام 2016 بتكلفة تُقدر بعشرة مليارات دولار. إلا أن الحرب الأهلية حالت دون إتمامه.
تُعد تركيا المستفيد الأكبر من مشروع أنبوب الغاز القطري، حيث ستتقاضى أولًا رسوم عبور، شأنها شأن الدول التي سيمر بها الأنبوب. كما ستصبح مركزًا لتوزيع الغاز إلى أوروبا، مما يمنحها نفوذًا أكبر في أوروبا والعالم، وهي التي تطمح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
لذلك، عزيزي القارئ، لا تغفل مشروعي الغاز المتنافسين عند قراءتك للمشهد السوري!
نيسان ـ نشر في 2024-12-16 الساعة 10:48
رأي: اسماعيل الشريف