اتصل بنا
 

الحرائق .. لا تطفئها بيانات وتصريحات الغمغمة !!

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2024-12-16 الساعة 11:35

نيسان ـ شهد الاردن خلال اسبوع ثلاثة "حرائق" متزامنة ، تفتح الشهية لفكفكة الأحداث وإعادة تركيبها , في ظل بيانات وتصريحات ، أقل ما يمكن وصفها به،أنها تنطوي على درجة عالية من الغمغمة .
الحريق الاول :
وثقه مقطع فيديو لحظة قيام أحد المسنين في دار للرعاية ، لحظة إشعال النار في "جمعية الأسرة البيضاء" ، وتفاعل الرأي العام الأردني مع الحدث، إيجابا وسلبا ، وشكلت لجنة تحقيق للوقوف ، على ظروف الحريق ودوافعه .
وفيما أشار المقطع ،المتداول على نطاق واسع ، إلى الفاعل ، فإن دوافعه لم تتضح بعد ، بإنتظار نتائج التحقيق ، وبالتأكيد سيكون لهذا الفعل تداعيات تكشف حقيقة ما يجري في الدار ، وربما ينسحب ذلك على دور رعاية أخرى ، ويفتح ملفا نسيته الجهات الرسمية ، كما نسي الأبناء الاباء واسلموهم للمجهول ، فتلقفتهم نيران حريق ، لعله أكثر رحمة ،من كثير من الابناء وعديد من دور الرعاية !!. ولا تزال النار مشتعلة ، حطبها روايات وتسريبات وأقاويل ، تزيد النار اشتعالا ، في ظل حالة الغمغمة الرسمية .
الحريق الثاني :
في لحظة صمت مطبق ، أعلن مدير عام دائرة الجمارك العامة في بيان ، نشرته وسائل الإعلام ، إحالة نفسه إلى التقاعد .
إلى هنا فالمسألة أقل من عادية ، فكل موظف مقبل على التقاعد بعد سنوات من الخدمة ، جبرا ، أو طوعا ، بطلب منه ،وفي الواقع لا يحتاج الأمر إلى بيان ، ويكفي في هذه الحالة خبر في زوايا "المجتمع والناس "فالتقاعد سنة الوظيفة العامة .
وكان من الممكن أن تمر الإحالة إلى التقاعد ، وتنتهي بخبر مقتضب ربما تصحبه صورة المتقاعد ، مبتمسا أو تعلو جبينه كشرة ، تدل على الهيبة والوقار والجدية !! وفي الغالب لا يلتفت الناس لمثل هذه الأخبار ، ويمرون عليها مرور الكرام ، وربما يستثنى من ذلك الزوجة والابناء ، واحيانا الأشقاء والشقيقات ، والدائرة الضيقه من جيران وأصدقاء ، ولا يخلو الأمر من إهتمام الشامتين أيضا !!.
ما علينا ، فالذي يهمنا هنا ، تلك النار التي أشعلها البيان ،حال تبيانه الأسباب والدوافع ، والتي عزاها المتقاعد إلى "تدخلات من بعض الوزراء في الحكومة .. ". فأي نار أشعلها ؟! والى اين ستمتد؟ ومن سيطال لهيبها ؟.
الحريق الثالث :
أشعله بهدوء ، رئيسهيئة الخدمة والإدارة العامة ، حين "كشف " في تصريح ينطوي على قدر عال من الغمغمة ، عبر تصريح يرد فيه إحالته إلى التقاعد؛ بناءً على طلبه " لأسباب خاصة وعائلية " . فهل هي - الإحالة - كذلك ؟ .
والحال هذه ، حين تخرج النيران عن حدود إحراق الذات ، وتتناقلها وسائل الإعلام ، فإن لهيبها يأخذ بالاتساع والامتداد ، ليطال المجتمع ، ويصبح لزاما على الجهات الرسمية المعنية ، من وزارات ومؤسسات ودوائر ، إن تطفئ النار المشتعلة ، بأساليب ومضامين، تضع النقاط على الحروف ، وتكشف الحقائق ، دون غمغمة ،احتراما لعقول الناس .
ليس ما يكتب لغزا ، ولا رغبة في لعبة " تحزيز " للتسلية ، وملء وقت فراغ ،في ليلة ماطرة ، فدعونا ، نفكك العقد ونحلحلها ، ونعيد التركيب والترتيب ، لنفهم الترابط المنطقي ، بين حرائق متزامنة في أماكن متفرقة .
من حق الرأي العام ، وقد أحيط علما بالفاعل في حريق " الأسرة البيضاء " أن يلم بدوافع المسبب ، لنفهم تماما أوضاعه الصحية والاقتصادية والاجتماعية ، حتى يخلص المجتمع إلى الدروس والعبر المستفادة من الحادثة ، ويجد الحلول المناسبة لمواجهة التحديات ،التي تدفع الناس "للجريمة" .
ومن حق الناس أن تفهم ، كيف يتدخل الوزراء بعمل إدارة الجمارك ؟ ولماذا ؟ وما الذي يطلبونه من المسؤول الأول ؟ وهل يخالف القانون ؟ ولمصلحة من ؟ ولتحقيق اي مكاسب شخصية ؟ ومن يتدخل بالاسم دون مواربة ؟وبأي طريقة ؟ وما شكل علاقته بدائرة الجمارك ..الخ ، وإجابة الاسئلة واجبه على طرفي المعادلة ، المتقاعد والجهة التي أحالته على التقاعد ، وهذا حقق أساسي من حقوق المواطنين ، وليس منة من الحكومة .
نعم ، لا يجوز ،بأي حال من الأحوال ، أن يخرج علينا اي مسؤول ، ويلقي في وجهنا قنبلة ، ويمضي إلى سريره وينام ملء الجفون ، دون مسائلة ، ويحرمنا النوم بهدوء وسلام ، ويتركنا تحاصرنا الاسئلة عما يجري في بلدنا ، ولا نجد جوابا !!.
ومن حق الناس أن تعرف ،هل ينطبق نظام الخدمة المدنية على الجميع ؟ وهل رئيسهيئة الخدمة والإدارة العامة محصن لا يشمله النظام بحيث يصل سن التقاعد على عمر الستين ولا يحال ، فيطلب لأسباب خاصة وعائلية إحالته على التقاعد ؟؟ وهل الإحالة على التقاعد بعد اكتمال شروطه الوجوبية نهجا ثابتا للحكومة ينسحب على الجميع دون استثناءات مقيته ؟؟...الخ من الاسئلة الت…

نيسان ـ نشر في 2024-12-16 الساعة 11:35


رأي: حاتم الأزرعي كاتب أردني

الكلمات الأكثر بحثاً