اتصل بنا
 

الأردنيون ليسوا فئران تجارب يا سمير

كاتب وخبير قانوني

نيسان ـ نشر في 2024-12-18 الساعة 01:04

نيسان ـ منذ ثلاث سنوات، رفعنا صوتنا لنحذر من الطريق الخطِر الذي يسير فيه مشروع التحديث السياسي، وقلنا بكل وضوح: لا يمكن أن يُبنى الوطن بسياسات مرتجلة، ولا يمكن للأحزاب أن تكون مجرد أدوات شكلية تُنفّذ فيها أجندات لا علاقة لها بمصالح الأردنيين. لكن بدلًا من الاستماع، وقفتم ضدنا بكل قوتكم؛ أسكتُّم أصواتنا، اتهمتمونا بالتشويش، وحاربتم أي نقد بنّاء وكأنه خطر يهدد استقراركم السياسي.
اليوم، يعترف سمير بما حذرنا منه منذ اللحظة الأولى، اكتشف الأخ بأن الأحزاب بلا برامج، وأن الثقة بين الأردنيين والسياسة انهارت، وبأن قانون الانتخاب الجديد، الذي طالما دافعوا عنه، لم يُنتج إلا الفشل والانكشاف.
لن نغفر لمن تآمروا على هذا الوطن، ولن نسامح من استخدموا الدستور وقوانين البلاد كأدوات للتلاعب بالهوية الأردنية وتكريس مشاريع مشبوهة للتوطين والتجنيس، تحت عباءة قانون انتخاب مُصمّم ليخدم أجندات بعيدة كل البعد عن مصالح الشعب الأردني.
لقد كان همكم الأول منذ البداية ليس بناء ديمقراطية حقيقية، بل فرض قانون انتخاب الكثافة السكانية، في محاولة بائسة لتغيير التركيبة الديموغرافية للأردن، وتمرير مشروع التوطين الذي حذرنا منه مرارًا.
قلناها من قبل يا سمير؛ أي عبث بالدستور هو عبث بالهوية الوطنية، وحذرنا من قوانين انتخاب تُصاغ لتُحوّل الأردنيين إلى أقلية في وطنهم، وأكدنا أن أي محاولة للمساس بتوازن المجتمع الأردني ستُشعل أزمات لن تُحلّ بسهولة، ومع ذلك، مضيتم قدمًا في تنفيذ أجنداتكم؛ ظننتم أنكم أذكى من الشعب، وأن محاولات التلاعب بالتركيبة الوطنية ستُمرر تحت شعار "التحديث والإصلاح".
حين قلنا الحقيقة يوم كان قولها ضرورة وطنية، واجهتمونا باتهامات التخوين لكل من تجرأ على الاعتراض أو التحذير من سياساتكم، ومارستم قمع الرأي والنقد البناء الذي كان يُفترض أن يكون رافعة إصلاح لا معول هدم وقمتم بتحريك أدواتكم الرسمية والشعبية لإسكات كل صوت معارض، حتى تحوّلت المنابر الإعلامية إلى أدوات لتمرير الخطاب الواحد.
أين أنتم اليوم؟ أين الذين قالوا إننا "نُشوّش على التحديث"؟ أليس هذا هو الفشل بعينه الذي كنا نحذر منه؟ فشلتم في حماية الدستور، فشلتم في بناء أحزاب، وفشلتم في استعادة ثقة الناس، لأنكم ركزتم على الأجندات الخاصة وتركتم الوطن يُواجه المصير وحده.
الدستور الأردني هو عقدنا الاجتماعي الأسمى؛ هو الضمانة الوحيدة للحفاظ على تماسك هذا الوطن، لكنكم عبثتم به: غيّرتم القوانين لتخدم مصالحكم لا مصالح الناس، تلاعبتم بتوازنات المجتمع الأردني عبر مشاريع مشبوهة تهدف إلى التوطين والتجنيس وضحيتم بالهوية الوطنية مقابل مكاسب سياسية مؤقتة.
الشعب الأردني اليوم واعٍ لكل خطوة. هوية هذا الوطن ليست للبيع، ولن نقبل أن يُحوّل الأردن إلى مشروع بديل على حساب حقنا التاريخي وكرامتنا الوطنية، ونقولها بوضوح: هوية الأردن ليست ملككم لتعبثوا بها. الأردنيون لن يسمحوا لأي قوة – مهما كانت – أن تُحوّل الأردن إلى مشروع بديل على حساب حقوقهم التاريخية وهويتهم الوطنية.
لقد جربتم كل شيء؛ قمع الأصوات، فرض القوانين، التلاعب بالدستور، وها نحن اليوم أمام الحقيقة المُرّة التي كنتم تحاولون إخفاءها، فمشروعكم السياسي فشل، لأنه بُني على أساس هش، ثقة الناس بكم انتهت، لأنهم اكتشفوا زيف شعاراتكم، وبأن الأردن يستحق قيادة سياسية تعمل لصالحه، لا لصالح أجندات خارجية أو داخلية مشبوهة.
اليوم، أمام هذا الفشل الذي اعترفتم به بأنفسكم، نقولها لكم: التاريخ لن يرحم. لن يرحم من عبث بالدستور، ومن أسكت الأصوات الصادقة، ومن حاول هدم الهوية الأردنية بأدوات "التوطين" و"التجنيس" المُقنّعة.
الأردنيون لم ولن يكونوا فئران تجارب تُجرى عليهم محاولاتكم الفاشلة، ولن يقبلوا أن يكون الوطن مسرحًا لمشاريع لا تُخدم إلا أجنداتكم الخاصة.
الأردن أكبر منكم، وهويته أقوى من مؤامراتكم، والشعب الأردني لن يسكت بعد اليوم. كفى عبثًا، كفى هدمًا، وكفى مكابرة. هذا الوطن سيبقى لأبنائه، وسيظل عصيًا على كل من يحاول بيعه أو تصفيته تحت أي مسمى.
"لقد أسكتمونا بالأمس، لكننا لن نصمت بعد اليوم. فالحق الذي نادينا به لن يُدفن، والأردن لن يُختطف مهما حاولتم."

نيسان ـ نشر في 2024-12-18 الساعة 01:04


رأي: الدكتور عمر كامل السواعدة كاتب وخبير قانوني

الكلمات الأكثر بحثاً