اتصل بنا
 

المنحنى الطبيعي لدولة الاحتلال

نيسان ـ نشر في 2024-12-21 الساعة 12:22

نيسان ـ لعل ما حصل من أحداث متسارعة في المنطقة، جاء بسبب "تعثر" الاحتلال في حسم المعركة التي دخلها مع المقاومة الفلسطينية واللبنانية، فما كان من الدول الكبرى المتصارعة، إلا المسارعة في تقديم تنازلات وعقد صفقات، ترضي الجميع وتخدم الكيان الذي أشرف على الهاوية.
وأنا أرى أن هذا ما جعل أميركا وحلفها، وفرنسا وحلفها، يتخلون عن التناطح المستمر والتنازل عن بعض أطماعهما، والتضحية بجانب للمحافظة على جانب، بدلاً من التعنت والتمسك بأطماع لا يستطيع كلاهما الظفر بها إلا باتفاق، فقد يكون تخلي روسيا عن سوريا ثمنه إبعاد أوكرانيا عن حلف الناتو والعودة الى الحضن الروسي، وتخلي فرنسا عن ايران ومليشياتها، ثمنه أن لا تضايقها أميركا في أفريقيا، وبهذا يتوقف النطاح بين الفريقين الذي كاد أن يودي بدولة الاحتلال، وإذا كنت مخطئاً في هذا فحتماً سيقوم الحلف المناوئ لأميركا بهجمة مرتدة عبر أذرعه المقاوِمة في المنطقة، ما يُرجع الصراع الى المربع الأول، وقد تعود الفوضى مرة أخرى وتعود الأنظمة الوظيفية، أو الدول الفاشلة تمارس ما مارسه أضرابها من قبل، إن لم يستطع الثوار إنجاز مشروع الدولة في وقت قياسي، وعندها فالشعوب هي التي ستدفع الثمن، ولا ننسى أنه بالرغم من كل ذلك فإن الشعب السوري هو الرابح الأكبر في هذه النزاعات، فقد حظي بالإطاحة بنظام الإجرام المترسخ، الذي لا يضاهيه نظام في إجرامه.. بمعنى أنه في هذه المرحلة حصلنا على مكاسب في سوريا وفلسطين، وإن كانت لا تظهر للجمهور ولكنها تؤسس لمرحلة قادمة تكون حاسمة لإنهاء الهيمنة والاحتلال..
وبالعودة الى دولة الاحتلال، فهل حازت هي الاخرى على مكاسب ترفع قيمها على المنحنى الطبيعي، نتيجة لما حصل منذ بداية طوفان الأقصى الى سقوط النظام السوري؟، في رأيي لا.!! لأن المحتل مهما حصل على مكاسب فإنه لن يستطيع البناء عليها، وفي لحظة ما سينهار، ومن هذه اللحظة بدأت قيمه بالانحدار، بعد أن وقفت وقتاً طويلاً على قمة هذا المنحنى بعد الصعود المتواصل على مدى 75 عاماً..
فدولة الاحتلال مرت بحرب شارفت على السنة والنصف ولم تستطع تثبيتها على القمة بل جعلتها تنحدر إلى نسب متدنية على المنحنى الطبيعي!! بالرغم من التدمير والقتل والتشريد الذي ارتكبته بحق أهل غزة، لأنها لم تحقق أهداف الحرب التي ندبتها لها أميركا، ولم تقدم نموذجاً صالحاً يرضي شعوب العالم وأنظمته التي في النهاية ستخضع لإرادة شعوبها، بل ظهر دورها مخزياً حتى في أعين رعاتها الغربيين، ثم هذا الاتفاق بين الدول المتنفذة، إن حصل، لن يستطيع إبقاءها على قمة المنحنى، إن لم يكن تخطاها فعلاً واختار طريقاً أخرى لم تمر من خلالها للتخلص من الوجود الايراني وأذرعه في المنطقة، وهذا أكبر فشل لها، لذلك جن جنون الكيان بعد نجاح الثورة السورية وهاجم سوريا ليفشل التحرك التركي الذي افقدها دورها الذي لم تستطع القيام به!!، ومع تنامي كراهية شعوب المنطقة والعالم لها والذي حصدته في حربها على غزة، ثم بقاء روح المقاومة في فلسطين التي لم تستطع انهاءها، عدا عن صعوبة التنبؤ بحركة الشعوب العربية التي تتنامى بفضل الثورة الاعلامية العالمية، وكذلك صعوبة التنبؤ بحركة شعوب الدول الاستعمارية التي تفاعلت مع قضية الشعب الفلسطيني، والأهم أنها كيان مكلف مادياً على رعاتها المستعمرين.
ما يجعل أي كيان عربي أنفع للدول الكبرى منها، ويستطيع أن يقدم نموذجاً يرضي شعوبه ويقدم خدمات وأرباحاً مجزية لرعاته بدون أكلاف وبدون صراعات تستدعي التاريخ الاسطوري للكيان... أمام هذا الواقع ستكون دولة الاحتلال قد هبطت إلى أدنى قيمة لها وأصبحت غير فاعلة ومنتهية حكماً والأمر يتعلق بالوقت وانتهاء الصراع الاستعماري الدولي، إما باتفاق أو بالتغلب..

نيسان ـ نشر في 2024-12-21 الساعة 12:22


رأي: صابر العبادي

الكلمات الأكثر بحثاً