تحسّن ترتيب الأردن على 'مؤشر الإرهاب العالمي' لعام 2024م للسنة الثالثة على التوالي
نيسان ـ نشر في 2025-01-05 الساعة 22:25
x
نيسان ـ قدم تقرير مؤشر الإرهاب في الأردن لعام 2024 ملخصا شاملا للاتجاهات والأنماط المحلية الرئيسية في الإرهاب على مدى القرن الماضي.
وتاليا ما جاء في الملخص للتقرير وابرز نتائجه الرئيسية :
مؤشر الإرهاب في الأردن لسنة 2024
Terrorism Index in Jordan (TIJ)
Sunday, January 5, 2025
ملخص تنفيذي والنتائج الرئيسية
يقدم تقرير مؤشر الإرهاب في الأردن لعام 2024 ملخصا شاملا للاتجاهات والأنماط المحلية الرئيسية في الإرهاب على مدى القرن الماضي. ويعد مؤشر الإرهاب في الأردن السنوي، الذي دخل الآن عامه السابع، "مركز شُرُفات لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب"، ويوفر المورد الأكثر شمولاً عن اتجاهات الإرهاب في الأردن ومقارنتها مع مؤشرات الإرهاب العالمية الأخرى مثل مؤشر الإرهاب العالمي، والتركيز بشكل خاص على الأحداث، والاتجاهات العظمى التي رافقت تطور ظاهرة الإرهاب في المملكة. ويقدم المؤشر موجزاً شاملاً للأحداث، والاتجاهات، والأنماط العالمية الرئيسة في ظاهرة الإرهاب في المملكة الأردنية الهاشمية على مدى السنوات المئة الماضية من عمر الدولة في الاردن، من خلال عملية رصد، وأرشفة، ووضع علامات، وهيكلة وتصنيف، وفرز المحتوى، وتصنيف جميع العمليات الإرهابية منذ تأسيس الأردن، مع تركيزٍ خاص على الأحداث والاتجاهات خلال العقدين الماضين.
يهدف المؤشر الى تسليط الضوء على خطورة ظاهرة الإرهاب في الاردن، والتوعية المجتمعّية من خطر انتشار خطاب الكراهية، والتطرف العنيف، والإرهاب، ونشر ثقافة التسامح، والعيش المشترك، ومكافحة الإرهاب بكافة أشكاله وأنواعه. كما يهدف المؤشر الى تزّويد صانع القرار السياسي، والخبراء، ومراكز البحث والدراسات، ومؤسسات المجتمع المحلية والعالمية، والمؤسسات التعليمية، والشركات بالدراسة والتحليل العلمّي والموضوعي والدقيق لظاهرة الإرهاب في الأردن واتجاهاته المستقبلّية، بما يساعد ويساهم في دراسة ومقاومة هذه الظاهرة وحماية السلم الأهلي، والعالمي.
الحالة العامة للإرهاب
- الإرهاب “نوع من العنفِ السياسي، يهدف لتحقيق أغراض وأهداف سياسية، ويستهدف المدنيين وموظفي الدولة غير المشاركين في القتال ، وتنفذه "أطراف فاعلة من غير الدول" سواء جماعات أو أفراد لتمّيزه عن إرهاب الدولة”. والارهاب ظاهرة جدلّية مُعقدة، وليس له تعريف مُتفق عليه في ظل وجود أكثر من 200 تعريف لكنك تعرفه عندما تراه .وهو يتغذى على مصفوفة واسعة وعريضة من الأسباب والمحركات، بعضها حقيقي وبعضها الآخر متخيل ، لكنّه يزيد، ويتضاعف في مناطق الأزمات والصراعات السياسية والحروب، حتى أصبح أداة من أدوات تنفيذ السياسة الداخلية والخارجية للدول والجماعات. وقد تحقق بعض الجماعات الارهابية النصر كما شاهدنا في سوريا نهاية العام 2024م حينما اطاحت جماعة “هيئة تحرير الشام” والفضائل المسلحة بنظام بشار الاسد.
- خلص تقرير "مؤشر السلام العالمي"(GPI) عام 2024م إلى أن العالم أصبح أقل سلاماً للمرة 12 في السنوات ال 16 الماضية، مع تدهور متوسط مستوى السلام في العالم بنسبة 0.56 في المائة مقارنة بالعام السابق. وقد تأثر الأردن بدوره بهذا التدهور؛ لكنه بقي عام 2024م ضمن قائمة الدول متوسطة الأمن على المستوى العالمي حيث جاء في الترتيب (67) من أصلِ (163) دولة بعد ان كان في المرتبة (62) في العالم عام 2023".
- خلص “مؤشر الإرهاب العالمي 2024" الذي يصدره "معهد الاقتصاد والسلام" (IEP) في سيدني -استراليا، الى أن الإرهاب لا يزال يشكل تهديدا عالميا خطيرا، حيث ارتفع إجمالي الوفيات الناجمة عن الإرهاب بنسبة 22٪ ليصل إلى 8,352 في عام 2023، وهو الآن أعلى مستوياته منذ عام 2017. وحتى عند استبعاد هجمات 7 أكتوبر ضد إسرائيل - لأن مؤشر الإرهاب العالمي يصنف هذه الهجمات على انها إرهابية وأدت الى مقتل 1200 شخصاً وهو ما زاد في المجموع الكلي، ونسبة عدد قتلى العمليات الإرهابية - زاد عدد القتلى بنسبة 5٪. هذا على الرغم من انخفاض الحوادث الإرهابية بنسبة 22٪ لتصل إلى 3,350، مما أدى إلى زيادة بنسبة 56٪ في متوسط عدد القتلى في كل هجوم. وهذا هو أسوأ معدل منذ ما يقرب من عشر سنوات. وكان الدافع الرئيسي لزيادة عدد الوفيات هو الهجوم الذي ارتكبته حماس ضد إسرائيل في تشرين الأول/أكتوبر/2023م كان هذا أكبر هجوم منذ 11 سبتمبر2001 ضد الولايات المتحدة. وكان للهجوم والرد الإسرائيلي اللاحق تداعيات كبيرة ما زالت تهدد بزعزعة استقرار الأردن والشرق الأوسط.
- لا يزال الصراع العنيف والنزاعات هو المحرك الرئيسي للإرهاب العالمي، وتهديد السلام العالمي، حيث حدث أكثر من 90٪ من الهجمات و98٪ من الوفيات الإرهابية في عام 2023 في البلدان التي تشهد نزاعا. كما شاركت جميع البلدان العشر الأكثر تضررا من الإرهاب في عام 2022 في نزاع مسلح. كما أن شدة الإرهاب في الصراعات أعلى بكثير مما هي عليه في البلدان غير المعرضة للصراعات، حيث بلغ متوسط الوفاة 2.7 في الهجوم الواحد مقارنة ب 0.48 حالة وفاة. وتتباين محركات الإرهاب من حيث القوة بين البلدان المتقدمة اقتصادياً، والبلدان النامية. فمثلاً في دول "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" المتقدمة اقتصادياً، يرتبط الصراع الداخلي بالإرهاب بشكل ضعيف، بينما خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية هو أقوى مؤشر على ذلك.
- يرتبط الإرهاب بمؤشرات السلام العالمي، مثل مؤشر السلام العالمي (GPI)، ومؤشر السلام الإيجابي (PPI). حيث ترتبط جميع المجالات الثلاثة لمؤشر السلام العالمي، وسبعة من الركائز الثمانية لمؤشر السلام الإيجابي بمؤشر الإرهاب العالمي. حيث تدهورت 97 بلدا في حالة السلام، أكثر من أي عام مضى منذ بدء مؤشر السلام العالمي في عام 2008، وهناك 92 دولة منخرطة حاليا في صراعات خارج حدودها، أكثر من أي وقت مضى منذ 2008م. وكانت الصراعات والحرب في غزة وأوكرانيا هي المحرك الرئيسي لانخفاض السلام في العالم، حيث بلغ عدد القتلى في المعارك 162,000 شخص في عام 2023. وتعد نتائج "مؤشر الإرهاب العالمي" و"مؤشر السلام العالمي" أعلاه مدخلاً رئيسياً لا غنى عنه لفهم وتحليل النتائج الرئيسية لمؤشر الإرهاب في الأردن لعام 2024.
النتائج الرئيسية لمؤشر الإرهاب في الأردن لعام 2024
- رغم تدهور الأوضاع الأمنية في غزة والضفة الغربية وإسرائيل؛ استمر تحسّن ترتيب الأردن على "مؤشر الإرهاب العالمي" (GTI) لعام 2024م للسنة الثالثة على التوالي، حيث جاء بالمرتبة (75) من أصل 163 دولة بانخفاض مقداره 7 درجات عن عام 2023م حينما كان بالمرتبة (68)، وعن سنة 2022م حين جاء بالمرتبة (58).
- كما توقعنا في مؤشر السنة الماضية 2023م شكل استمرار الحرب في غزة - وهو ما أطلقنا عليه عامل "تأثير الحرب في غزة "- أهم محركات عدم الاستقرار في الأردن لهذا العام 2024م. ولهذا نلاحظ بأن "مؤشر الإرهاب العالمي" (GTI) لعام 2024م أفرد مساحة واسعة لدور هذا المحرك في زيادة ارتفاع مؤشر الإرهاب العالمي ولذلك وضع إسرائيل في المرتبة الثانية على المؤشر خلف بوركينا فاسو في افريقيا.
- تجلى عامل "تأثير الحرب في غزة" على الساحة الأردنية في أربعة أحداث خطيرة ثلاثة منها جرت مع نهاية عام 2024م، وقد أثارت هذه الأحداث وردود الفعل السياسية والشعبية عليها الكثير من الأسئلة والاستقطاب والخلافات السياسية والاجتماعية داخل الشارع الأردني التي ما زالت مستمرة حتى الآن، خاصة تجاه السلوك السياسي لجماعة الاخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن وعلاقاتهم مع حركة حماس والنظام الإيراني. والاحداث الأربعة هي حسب الترتيب الزمني: حادثة خلية حماس وتهريب السلاح بالتعاون مع إيران، حادثة معبر جسر الملك حسين، حادثة مستعمرة نئوت هكيكار/ جنوب البحر الميت، وحادثة الرابية. وكما يلاحظ فأن حادث واحد فقط من الحوادث الثلاثة جرى في داخل الأردن (حادثة الرابية) وجرى وصفه رسمياً من قبل الحكومة بأنه "عمل إرهابي “. أما بقية الحوادث فقد تجنب الأردن على المستوى الرسمي وصفها السياسي بالإرهاب أو "الذئاب المنفردة"؛ بل مال الى وصفها بالأعمال الفردية خاصة وأنها جرت خارج حدود الأردن حيث انطلقت من داخل الأردن، وجرت داخل الحدود الإسرائيلية. وفي أدبيات مكافحة الإرهاب العالمية فأنه يطلق على مثل هذه العلميات وصف "الإرهاب الدولي" لأن العملية تنطلق من حدود دولة، لكنها تحدث في حدود دولة أخرى، وهنا يكون تأثيرها أوسع وأعمق خاصة جهة تداعياتها السياسية على العلاقة بين الدول. وهو ما حصل بالفعل من زيادة التوتر السياسي بين الأردن وإسرائيل عقب العمليات، حيث شن اليمين الإسرائيلي المتطرف حملة اتهامات واسعة للأردن بدعم حماس والاخوان المسلمين والتراخي بضبط أمن الحدود وتسهيل عمليات تهريب الأسلحة الى داخل إسرائيل والمطالبة ببناء جدار عازل على الحدود. وفيما يلي استعراض موجز جداً للحوادث الأربعة أعلاه.
1) حادثة خلية حماس وتهريب السلاح بالتعاون مع إيران. وهذه هي العملية الوحيدة التي تم الإعلان عن احباطها من قبل الأجهزة الأمنية. فقد ذكرت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا)، الأربعاء،15 أيار-مايو 2024م نقلا عن مصدر مسؤول قوله إن الأجهزة الأردنية الأمنية "أحبطت محاولة تهريب أسلحة إلى المملكة، أُرسلت من قبل ميليشيات مدعومة من إحدى الدول إلى خلية في الأردن". وأضاف المصدر أن "الكمية صودرت عند اعتقال أعضاء الخلية، وهم أردنيون، في أواخر أذار -مارس 2024م. وحسب مصادر لوكالة (رويتر) فأن الأسلحة أرسلتها فصائل في سوريا مدعومة من إيران إلى خلية تابعة لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، لها صلات بالجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس). فقد أكد قياديون في جماعة الاخوان المسلمين في الأردن طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لوكالة رويترز إن أعضاء الخلية الذين تم اعتقالهم كانوا ممن تم تجنيدهم من قِبل نائب رئيس المكتب السياسي لحماس صالح العاروري، الذي كان العقل المدبر لعمليات حماس في الضفة الغربية من منفاه في لبنان قبل ان يتم اغتياله من قبل إسرائيل في لبنان في 2-كانون الثاني -يناير 2024م. وادعى قادة الاخوان ان العملية لم تكن بقرار مركزي من الجماعة بل عمل فردي، وبهدف تهريب الأسلحة الى الضفة الغربية، وليس استخدامها داخل الأردن.
2) حادثة معبر جسر الملك حسين. قام ماهر ذياب حسين الجازي (وكيل متقاعد من القوات المسلحة الأردنية وكان يعمل سائق شاحنة) صباح 8 أيلول/سبتمبر 2024، مستخدماً مسدّس بقتل ثلاثة من حرس الحدود الإسرائيليين العاملين في المعبر قبل أن يُقتل خلال اشتباكٍ مسلّحٍ مع حراس آخرين في نفس المكان. وتعتبر هذه أول عملية فعلّية تُنفذ من الجانب الأردني منذ بداية الحرب بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينيّة في غزة، وقد أعلن الأردن رسميا أنها عمليّة فردية معربًا عبر بيانٍ غامضٍ لوزارة الخارجيّة عن رفضه بل وإدانته «للعنف واستهداف المدنيين لأي سبب كان".
3) حادثة البحر الميت. في 18 تشرين الأول 2024م، غداة إعلان إسرائيل قتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار في عملية في قطاع غزة. أصيب جنديان إسرائيليان بجروح طفيفة في عملية إطلاق نار على بعد نحو 3 كيلومترات من مستوطنة نئوت هكيكار جنوب البحر الميت نفذها عامر ناصر قواس، وحسام حسين أبو غزالة بعد عبورهما من الأردن، وكانا يرتديان ملابس عسكرية أردنية للتمويه قبل أن يعلن الجيش الإسرائيلي قتلهما في العملية. المثير في هذا الحادث - ولايزال يثير الكثير من الأسئلة - أنّ جماعة الاخوان المسلمين، وحزب جبهة العمل الإسلامي تبنت وباركت العملية فور الإعلان عنها ثم تراجعت عن ذلك بنفس السرعة. ففي بيانه الأول، الجمعة 18تشرين الأول 2024، وصف حزب "جبهة العمل الإسلامي" العملية بـ “البطولية"، وقال إن منفذيها الاثنين من "شباب الحركة الإسلامية"، كما دعا الحكومة لإعادة النظر بكافة الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل ووقف الممر البري و"إعادة العمل بالجيش الشعبي"، على حد تعبيره. ونقلت وكالة "فرانس برس" عن الناطق باسم جماعة "الإخوان المسلمين"، معاذ الخوالدة 18 تشرين اول 2024م قوله إن المهاجميْن "من أبناء الجماعة، وكانا يشاركان دائما في الفعاليات المتضامنة مع غزة والمؤيدة للمقاومة". ثم تراجعت الجماعة بسرعة عن ذلك في تصريح صحفي، وصفت فيه العملية بـ "العمل البطولي، لكنه فردي"، وأنها "جاءت كرد فعلٍ من شباب أردني لم يتحمل مشاهد الوحشية الصهيونية الغاشمة".
4) حادثة السفارة الإسرائيلية- عمان: قام عبد الرحمن عطا الله البخيت المعايطة يوم الأحد،24 تشرين الثاني -نوفمبر 2024 بإطلاق النار بواسطة سلاح أتوماتيكي (كلاشنكوف) تجاه افرد دورية من الامن العام كانت تتولى حراسة السفارة الإسرائيلية في منطقة الرابية وكان يحمل إضافة الى السلاح ثماني زجاجات حارقة (مولوتوف). واسفرت العملية عن مقتل منفذ العملية، واصابة ثلاثة من أفراد الامن العام بجروح متوسطة. وأثر العملية أكد وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني، في تصريح أوردته وكالة بترا الرسمية، أن العملية تعد اعتداء إرهابياً على قوات الأمن العام التي تقوم بواجبها. وان “التحقيقات مستمرة حول الحدث الإرهابي الآثم لمعرفة كافة التفاصيل والارتباطات وإجراء المقتضيات الأمنية والقانونية بموجبها". بدوره، كشف مصدر أمني أن منفذ العملية “مطلوب ولديه سجل جرمي سابق على خلفية قضايا جنائية عدة من أبرزها قضايا المخدرات، وإلحاق الضرر بأملاك الغير، ومخالفة قانون الأسلحة النارية والذخائر". لكن السلطات الرسمية لم تنشر بعد ذلك أي تفاصيل عن خلفية أو دوافع سياسية أو تنظيمية وراء منفذ العملية، كما لم تُعرف الأسباب والخلفيات التي دفعت الشاب لتبادل إطلاق النار مع دورية أمنية تحرس مبنى السفارة الإسرائيلية المغلق منذ 2023م على خلفية استمرار الحرب في غزة.
أحداث واتجاهات جديدة
استهداف كوادر الأجهزة الأمنية (الأمن العام، والمخابرات) والقوات المسلحة وهذا الاتجاه تعمق منذ عام 2021م حتى يكاد أن يُصبح ظاهرة تسم نمط الارهاب في الاردن. مثال ذلك عملية السفارة الإسرائيلية في الرابية التي جرح فيها ثلاثة من قوات الامن العام.
أمن المعابر والحدود: يلاحظ بان العمليات الفعلية الخطيرة التي جرت بالفعل كانت على الحدود الأردنية الاسرائيلية (معبر جسر الملك حسين / اللنبي، والبحر الميت). وهذا يدعو الى ضرورة التركيز من قبل الأجهزة الأمنية وقوات حرس الحدود الأردني في المرحلة القادمة على زيادة التشديد على أمن الحدود مع إسرائيل. كما يطرح ضرورة التركيز على ضرورة وأهمية التعاون الأمني الثلاثي بين الأردن وإسرائيل، والولايات المتحدة الامريكية خاصة فيما يتعلق بتوفير التدريب والدعم المالي والمعدات الخاصة بأمن الحدود.
عامل الحرب في غزة: شكلت استمرارية الحرب في غزة، وإرهاب الدولة الذي ما زالت تمارسه إسرائيل ضد المواطنين في غزة والضفة الغربية عامل عدم استقرار أمنى في الأردن يهدد الأمن الوطني والسلم الاهلي وكانت الحرب العامل الرئيس المشترك للحوادث الأمنية الاربعة التي جرت داخل الاردن وعلى حدوده مع اسرائيل. كما ساهمت الحرب وما زالت بشكل كبير في زيادة الأعباء المادية والمعنوية على مؤسسات وأجهزة الدولة العسكرية والأمنية، ووضعها بشكل دائم في حالة تأهب قصوى. في نفس الوقت ساهمت بخلق بيئة وحاضنة مناسبة للعمل ضد إسرائيل من داخل الأردن.
عامل حركة حماس والاخوان المسلمين: يلاحظ هذا العام اختفاء تهديد الجماعات السلفية الإرهابية خاصة داعش للأردن. لكن في المقابل برز منذ بداية العام خطر جماعة الاخوان المسلمين مدفوعة بدعم عامل حركة حماس والتحريض والتحشيد الممنهج الذي ما زالت تمارسه الجماعة ومؤيديها في الشارع الأردني.
عامل إيران ووكلاؤها: بذلت إيران ووكلاؤها خلال عام 2024م كل ما في وسعهم لزعزعة استقرار الأردن خلال حرب غزة، من التحريض على الاحتجاجات وزيادة تهريب المخدرات والأسلحة وإلى تصعيد التهديدات المسلحة من مليشيات الحشد الشعبي في العراق. وساهمت الضربات العسكرية الجوية المتبادلة في 13 نيسان/أبريل 2024 بين إيران بذريعة دعم حركة حماس وإسرائيل عبر الأجواء الأردنية بزعزعة الاستقرار الأمني والأهلي في الأردن. وفي الفترة التي سبقت الهجوم الإيراني حذرت إيران الأردن من التدخل. وذكرت "وكالة أنباء فارس" التابعة للنظام أن إيران "تراقب تحركات الأردن"، وإذا تدخلت المملكة "فستكون الهدف التالي". وفي أعقاب الضربة، نظم النظام الايراني حملة إعلامية وإلكترونية ضد الأردن مدّعياً أن الأردن استضاف مركز قيادة عمليات التحالف لإحباط الهجوم. ثم دفع وحرض جميع وكلاؤه في المنطقة وعلى رأسهم حزب الله اللبناني وميليشيا "كتائب حزب الله" في العراق التابعة لميليشيات "الحشد الشعبي" للهجوم والضغط السياسي على الأردن. وقد شكلت هذه التهديدات مصدر إزعاج كبير للأردن ومؤسساته الأمنية. كما ساهمت الدعاية والتحريض الإيراني على السياسية الأردنية في زيادة الاحتقان والاستقطاب والانقسامات السياسية في الشارع الأردني المنهك اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا اصلاً جراء استمرار الحرب في غزة والضفة الغربية والصراع السياسي والدبلوماسي مع اليمين المتطرف في إسرائيل.
سقوط النظام في سوريا وسيطرة هيئة تحرير الشام على السلطة. نظرا لتاريخ هيئة تحرير الشام المصنفة على لوائح الإرهاب فانه من المبكر الحكم على سلوك وبنية النظام الذي تسعى لإقامته الهيئة ومن معها من الفصائل. ما يهم الأردن في المرحلة القادمة هو نوايا صادقة لحسن الجوار والتعاون في مجال عودة اللاجئين السوريين، وتبادل المعلومات حول المقاتلين الأردنيين مع الجماعات الإرهابية (في القاعدة وداعش وحراس الدين) والتعاون على الحدود والمعابر وضبط الحدود لمنع تهريب الأسلحة والمخدرات والأفراد، وان لا تصبح سوريا مصدر عدم استقرار وملاذا للجماعات الإرهابية التي تهدد الأمن الوطني الأردني.
الترابط بين الارهاب والتهريب. شهد العام 2024م اتجاه خطيراً على سلوك عصابات وجماعات تهريب المخدرات من سوريا الى الاردن (قبل سقوط نظام الاسد) بدخول انواع، واساليب جديدة للتهريب مثل الطائرات بدون طيار والصواريخ، والمتفجرات. حيث تشكل هذه الاساليب بيئة مناسبة لتجنيد وتمويل الجماعات الإرهابية والخلايا النائمة، وتُسهّل مخططات الذئاب المنفردة. خاصة وأن هناك الكثير من المؤشرات العالمية التي تثبت الترابط الإيجابي بين الإرهاب وعمليات تهريب الأسلحة والمخدرات والجريمة المنظمة في مناطق الحدود. ولعل العملية التي احبطتها الاجهزة الأمنية في اذار 2024م لخلية حماس أفضل مثال على ذلك.
الارهاب ووسائل التواصل الاجتماعي. ما زالت وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة هي الأسلوب الأول للدعاية وتجنيد والتمويل المفضل لدى الجماعات الارهابية والاجرامية على مستوى العالم. وهي الوسيلة المفضلة للحشد والتعبئة والدعاية لدى الأعضاء والمؤيدين لحركة حماس، ولتنظيم داعش في الأردن. وهذا ما دلت عليه التحقيقات في المحاكم الاردنية في العمليات التي جرت خلال السنوات الماضية.
الارهاب وتدهور مؤشرات السلام العالمي. إنّ (استمرار الحرب في غزة، سقوط نظام الأسد في سوريا ، وصول هيئة تحرير الشام للسلطة في سوريا و التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي ، والحرب السيبرانية ، وسائل التواصل في الدعاية والتجنيد والتمويل ) تدفع الدولة وأجهزتها المختلفة باتجاه إعادة الاهتمام وتفعيل بنود "الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التطرف العنيف والارهاب في الأردن" المُعلنة، التي صدرت عام 2014م. والبحث عن التمويل اللازم لها سواءً من الأمم المتحدة، أو من الدول التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب الذي يشارك فيه الأردن منذ تأسيسه في أيلول - سبتمبر 2014.
وتاليا ما جاء في الملخص للتقرير وابرز نتائجه الرئيسية :
مؤشر الإرهاب في الأردن لسنة 2024
Terrorism Index in Jordan (TIJ)
Sunday, January 5, 2025
ملخص تنفيذي والنتائج الرئيسية
يقدم تقرير مؤشر الإرهاب في الأردن لعام 2024 ملخصا شاملا للاتجاهات والأنماط المحلية الرئيسية في الإرهاب على مدى القرن الماضي. ويعد مؤشر الإرهاب في الأردن السنوي، الذي دخل الآن عامه السابع، "مركز شُرُفات لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب"، ويوفر المورد الأكثر شمولاً عن اتجاهات الإرهاب في الأردن ومقارنتها مع مؤشرات الإرهاب العالمية الأخرى مثل مؤشر الإرهاب العالمي، والتركيز بشكل خاص على الأحداث، والاتجاهات العظمى التي رافقت تطور ظاهرة الإرهاب في المملكة. ويقدم المؤشر موجزاً شاملاً للأحداث، والاتجاهات، والأنماط العالمية الرئيسة في ظاهرة الإرهاب في المملكة الأردنية الهاشمية على مدى السنوات المئة الماضية من عمر الدولة في الاردن، من خلال عملية رصد، وأرشفة، ووضع علامات، وهيكلة وتصنيف، وفرز المحتوى، وتصنيف جميع العمليات الإرهابية منذ تأسيس الأردن، مع تركيزٍ خاص على الأحداث والاتجاهات خلال العقدين الماضين.
يهدف المؤشر الى تسليط الضوء على خطورة ظاهرة الإرهاب في الاردن، والتوعية المجتمعّية من خطر انتشار خطاب الكراهية، والتطرف العنيف، والإرهاب، ونشر ثقافة التسامح، والعيش المشترك، ومكافحة الإرهاب بكافة أشكاله وأنواعه. كما يهدف المؤشر الى تزّويد صانع القرار السياسي، والخبراء، ومراكز البحث والدراسات، ومؤسسات المجتمع المحلية والعالمية، والمؤسسات التعليمية، والشركات بالدراسة والتحليل العلمّي والموضوعي والدقيق لظاهرة الإرهاب في الأردن واتجاهاته المستقبلّية، بما يساعد ويساهم في دراسة ومقاومة هذه الظاهرة وحماية السلم الأهلي، والعالمي.
الحالة العامة للإرهاب
- الإرهاب “نوع من العنفِ السياسي، يهدف لتحقيق أغراض وأهداف سياسية، ويستهدف المدنيين وموظفي الدولة غير المشاركين في القتال ، وتنفذه "أطراف فاعلة من غير الدول" سواء جماعات أو أفراد لتمّيزه عن إرهاب الدولة”. والارهاب ظاهرة جدلّية مُعقدة، وليس له تعريف مُتفق عليه في ظل وجود أكثر من 200 تعريف لكنك تعرفه عندما تراه .وهو يتغذى على مصفوفة واسعة وعريضة من الأسباب والمحركات، بعضها حقيقي وبعضها الآخر متخيل ، لكنّه يزيد، ويتضاعف في مناطق الأزمات والصراعات السياسية والحروب، حتى أصبح أداة من أدوات تنفيذ السياسة الداخلية والخارجية للدول والجماعات. وقد تحقق بعض الجماعات الارهابية النصر كما شاهدنا في سوريا نهاية العام 2024م حينما اطاحت جماعة “هيئة تحرير الشام” والفضائل المسلحة بنظام بشار الاسد.
- خلص تقرير "مؤشر السلام العالمي"(GPI) عام 2024م إلى أن العالم أصبح أقل سلاماً للمرة 12 في السنوات ال 16 الماضية، مع تدهور متوسط مستوى السلام في العالم بنسبة 0.56 في المائة مقارنة بالعام السابق. وقد تأثر الأردن بدوره بهذا التدهور؛ لكنه بقي عام 2024م ضمن قائمة الدول متوسطة الأمن على المستوى العالمي حيث جاء في الترتيب (67) من أصلِ (163) دولة بعد ان كان في المرتبة (62) في العالم عام 2023".
- خلص “مؤشر الإرهاب العالمي 2024" الذي يصدره "معهد الاقتصاد والسلام" (IEP) في سيدني -استراليا، الى أن الإرهاب لا يزال يشكل تهديدا عالميا خطيرا، حيث ارتفع إجمالي الوفيات الناجمة عن الإرهاب بنسبة 22٪ ليصل إلى 8,352 في عام 2023، وهو الآن أعلى مستوياته منذ عام 2017. وحتى عند استبعاد هجمات 7 أكتوبر ضد إسرائيل - لأن مؤشر الإرهاب العالمي يصنف هذه الهجمات على انها إرهابية وأدت الى مقتل 1200 شخصاً وهو ما زاد في المجموع الكلي، ونسبة عدد قتلى العمليات الإرهابية - زاد عدد القتلى بنسبة 5٪. هذا على الرغم من انخفاض الحوادث الإرهابية بنسبة 22٪ لتصل إلى 3,350، مما أدى إلى زيادة بنسبة 56٪ في متوسط عدد القتلى في كل هجوم. وهذا هو أسوأ معدل منذ ما يقرب من عشر سنوات. وكان الدافع الرئيسي لزيادة عدد الوفيات هو الهجوم الذي ارتكبته حماس ضد إسرائيل في تشرين الأول/أكتوبر/2023م كان هذا أكبر هجوم منذ 11 سبتمبر2001 ضد الولايات المتحدة. وكان للهجوم والرد الإسرائيلي اللاحق تداعيات كبيرة ما زالت تهدد بزعزعة استقرار الأردن والشرق الأوسط.
- لا يزال الصراع العنيف والنزاعات هو المحرك الرئيسي للإرهاب العالمي، وتهديد السلام العالمي، حيث حدث أكثر من 90٪ من الهجمات و98٪ من الوفيات الإرهابية في عام 2023 في البلدان التي تشهد نزاعا. كما شاركت جميع البلدان العشر الأكثر تضررا من الإرهاب في عام 2022 في نزاع مسلح. كما أن شدة الإرهاب في الصراعات أعلى بكثير مما هي عليه في البلدان غير المعرضة للصراعات، حيث بلغ متوسط الوفاة 2.7 في الهجوم الواحد مقارنة ب 0.48 حالة وفاة. وتتباين محركات الإرهاب من حيث القوة بين البلدان المتقدمة اقتصادياً، والبلدان النامية. فمثلاً في دول "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" المتقدمة اقتصادياً، يرتبط الصراع الداخلي بالإرهاب بشكل ضعيف، بينما خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية هو أقوى مؤشر على ذلك.
- يرتبط الإرهاب بمؤشرات السلام العالمي، مثل مؤشر السلام العالمي (GPI)، ومؤشر السلام الإيجابي (PPI). حيث ترتبط جميع المجالات الثلاثة لمؤشر السلام العالمي، وسبعة من الركائز الثمانية لمؤشر السلام الإيجابي بمؤشر الإرهاب العالمي. حيث تدهورت 97 بلدا في حالة السلام، أكثر من أي عام مضى منذ بدء مؤشر السلام العالمي في عام 2008، وهناك 92 دولة منخرطة حاليا في صراعات خارج حدودها، أكثر من أي وقت مضى منذ 2008م. وكانت الصراعات والحرب في غزة وأوكرانيا هي المحرك الرئيسي لانخفاض السلام في العالم، حيث بلغ عدد القتلى في المعارك 162,000 شخص في عام 2023. وتعد نتائج "مؤشر الإرهاب العالمي" و"مؤشر السلام العالمي" أعلاه مدخلاً رئيسياً لا غنى عنه لفهم وتحليل النتائج الرئيسية لمؤشر الإرهاب في الأردن لعام 2024.
النتائج الرئيسية لمؤشر الإرهاب في الأردن لعام 2024
- رغم تدهور الأوضاع الأمنية في غزة والضفة الغربية وإسرائيل؛ استمر تحسّن ترتيب الأردن على "مؤشر الإرهاب العالمي" (GTI) لعام 2024م للسنة الثالثة على التوالي، حيث جاء بالمرتبة (75) من أصل 163 دولة بانخفاض مقداره 7 درجات عن عام 2023م حينما كان بالمرتبة (68)، وعن سنة 2022م حين جاء بالمرتبة (58).
- كما توقعنا في مؤشر السنة الماضية 2023م شكل استمرار الحرب في غزة - وهو ما أطلقنا عليه عامل "تأثير الحرب في غزة "- أهم محركات عدم الاستقرار في الأردن لهذا العام 2024م. ولهذا نلاحظ بأن "مؤشر الإرهاب العالمي" (GTI) لعام 2024م أفرد مساحة واسعة لدور هذا المحرك في زيادة ارتفاع مؤشر الإرهاب العالمي ولذلك وضع إسرائيل في المرتبة الثانية على المؤشر خلف بوركينا فاسو في افريقيا.
- تجلى عامل "تأثير الحرب في غزة" على الساحة الأردنية في أربعة أحداث خطيرة ثلاثة منها جرت مع نهاية عام 2024م، وقد أثارت هذه الأحداث وردود الفعل السياسية والشعبية عليها الكثير من الأسئلة والاستقطاب والخلافات السياسية والاجتماعية داخل الشارع الأردني التي ما زالت مستمرة حتى الآن، خاصة تجاه السلوك السياسي لجماعة الاخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن وعلاقاتهم مع حركة حماس والنظام الإيراني. والاحداث الأربعة هي حسب الترتيب الزمني: حادثة خلية حماس وتهريب السلاح بالتعاون مع إيران، حادثة معبر جسر الملك حسين، حادثة مستعمرة نئوت هكيكار/ جنوب البحر الميت، وحادثة الرابية. وكما يلاحظ فأن حادث واحد فقط من الحوادث الثلاثة جرى في داخل الأردن (حادثة الرابية) وجرى وصفه رسمياً من قبل الحكومة بأنه "عمل إرهابي “. أما بقية الحوادث فقد تجنب الأردن على المستوى الرسمي وصفها السياسي بالإرهاب أو "الذئاب المنفردة"؛ بل مال الى وصفها بالأعمال الفردية خاصة وأنها جرت خارج حدود الأردن حيث انطلقت من داخل الأردن، وجرت داخل الحدود الإسرائيلية. وفي أدبيات مكافحة الإرهاب العالمية فأنه يطلق على مثل هذه العلميات وصف "الإرهاب الدولي" لأن العملية تنطلق من حدود دولة، لكنها تحدث في حدود دولة أخرى، وهنا يكون تأثيرها أوسع وأعمق خاصة جهة تداعياتها السياسية على العلاقة بين الدول. وهو ما حصل بالفعل من زيادة التوتر السياسي بين الأردن وإسرائيل عقب العمليات، حيث شن اليمين الإسرائيلي المتطرف حملة اتهامات واسعة للأردن بدعم حماس والاخوان المسلمين والتراخي بضبط أمن الحدود وتسهيل عمليات تهريب الأسلحة الى داخل إسرائيل والمطالبة ببناء جدار عازل على الحدود. وفيما يلي استعراض موجز جداً للحوادث الأربعة أعلاه.
1) حادثة خلية حماس وتهريب السلاح بالتعاون مع إيران. وهذه هي العملية الوحيدة التي تم الإعلان عن احباطها من قبل الأجهزة الأمنية. فقد ذكرت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا)، الأربعاء،15 أيار-مايو 2024م نقلا عن مصدر مسؤول قوله إن الأجهزة الأردنية الأمنية "أحبطت محاولة تهريب أسلحة إلى المملكة، أُرسلت من قبل ميليشيات مدعومة من إحدى الدول إلى خلية في الأردن". وأضاف المصدر أن "الكمية صودرت عند اعتقال أعضاء الخلية، وهم أردنيون، في أواخر أذار -مارس 2024م. وحسب مصادر لوكالة (رويتر) فأن الأسلحة أرسلتها فصائل في سوريا مدعومة من إيران إلى خلية تابعة لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، لها صلات بالجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس). فقد أكد قياديون في جماعة الاخوان المسلمين في الأردن طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لوكالة رويترز إن أعضاء الخلية الذين تم اعتقالهم كانوا ممن تم تجنيدهم من قِبل نائب رئيس المكتب السياسي لحماس صالح العاروري، الذي كان العقل المدبر لعمليات حماس في الضفة الغربية من منفاه في لبنان قبل ان يتم اغتياله من قبل إسرائيل في لبنان في 2-كانون الثاني -يناير 2024م. وادعى قادة الاخوان ان العملية لم تكن بقرار مركزي من الجماعة بل عمل فردي، وبهدف تهريب الأسلحة الى الضفة الغربية، وليس استخدامها داخل الأردن.
2) حادثة معبر جسر الملك حسين. قام ماهر ذياب حسين الجازي (وكيل متقاعد من القوات المسلحة الأردنية وكان يعمل سائق شاحنة) صباح 8 أيلول/سبتمبر 2024، مستخدماً مسدّس بقتل ثلاثة من حرس الحدود الإسرائيليين العاملين في المعبر قبل أن يُقتل خلال اشتباكٍ مسلّحٍ مع حراس آخرين في نفس المكان. وتعتبر هذه أول عملية فعلّية تُنفذ من الجانب الأردني منذ بداية الحرب بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينيّة في غزة، وقد أعلن الأردن رسميا أنها عمليّة فردية معربًا عبر بيانٍ غامضٍ لوزارة الخارجيّة عن رفضه بل وإدانته «للعنف واستهداف المدنيين لأي سبب كان".
3) حادثة البحر الميت. في 18 تشرين الأول 2024م، غداة إعلان إسرائيل قتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار في عملية في قطاع غزة. أصيب جنديان إسرائيليان بجروح طفيفة في عملية إطلاق نار على بعد نحو 3 كيلومترات من مستوطنة نئوت هكيكار جنوب البحر الميت نفذها عامر ناصر قواس، وحسام حسين أبو غزالة بعد عبورهما من الأردن، وكانا يرتديان ملابس عسكرية أردنية للتمويه قبل أن يعلن الجيش الإسرائيلي قتلهما في العملية. المثير في هذا الحادث - ولايزال يثير الكثير من الأسئلة - أنّ جماعة الاخوان المسلمين، وحزب جبهة العمل الإسلامي تبنت وباركت العملية فور الإعلان عنها ثم تراجعت عن ذلك بنفس السرعة. ففي بيانه الأول، الجمعة 18تشرين الأول 2024، وصف حزب "جبهة العمل الإسلامي" العملية بـ “البطولية"، وقال إن منفذيها الاثنين من "شباب الحركة الإسلامية"، كما دعا الحكومة لإعادة النظر بكافة الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل ووقف الممر البري و"إعادة العمل بالجيش الشعبي"، على حد تعبيره. ونقلت وكالة "فرانس برس" عن الناطق باسم جماعة "الإخوان المسلمين"، معاذ الخوالدة 18 تشرين اول 2024م قوله إن المهاجميْن "من أبناء الجماعة، وكانا يشاركان دائما في الفعاليات المتضامنة مع غزة والمؤيدة للمقاومة". ثم تراجعت الجماعة بسرعة عن ذلك في تصريح صحفي، وصفت فيه العملية بـ "العمل البطولي، لكنه فردي"، وأنها "جاءت كرد فعلٍ من شباب أردني لم يتحمل مشاهد الوحشية الصهيونية الغاشمة".
4) حادثة السفارة الإسرائيلية- عمان: قام عبد الرحمن عطا الله البخيت المعايطة يوم الأحد،24 تشرين الثاني -نوفمبر 2024 بإطلاق النار بواسطة سلاح أتوماتيكي (كلاشنكوف) تجاه افرد دورية من الامن العام كانت تتولى حراسة السفارة الإسرائيلية في منطقة الرابية وكان يحمل إضافة الى السلاح ثماني زجاجات حارقة (مولوتوف). واسفرت العملية عن مقتل منفذ العملية، واصابة ثلاثة من أفراد الامن العام بجروح متوسطة. وأثر العملية أكد وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني، في تصريح أوردته وكالة بترا الرسمية، أن العملية تعد اعتداء إرهابياً على قوات الأمن العام التي تقوم بواجبها. وان “التحقيقات مستمرة حول الحدث الإرهابي الآثم لمعرفة كافة التفاصيل والارتباطات وإجراء المقتضيات الأمنية والقانونية بموجبها". بدوره، كشف مصدر أمني أن منفذ العملية “مطلوب ولديه سجل جرمي سابق على خلفية قضايا جنائية عدة من أبرزها قضايا المخدرات، وإلحاق الضرر بأملاك الغير، ومخالفة قانون الأسلحة النارية والذخائر". لكن السلطات الرسمية لم تنشر بعد ذلك أي تفاصيل عن خلفية أو دوافع سياسية أو تنظيمية وراء منفذ العملية، كما لم تُعرف الأسباب والخلفيات التي دفعت الشاب لتبادل إطلاق النار مع دورية أمنية تحرس مبنى السفارة الإسرائيلية المغلق منذ 2023م على خلفية استمرار الحرب في غزة.
أحداث واتجاهات جديدة
استهداف كوادر الأجهزة الأمنية (الأمن العام، والمخابرات) والقوات المسلحة وهذا الاتجاه تعمق منذ عام 2021م حتى يكاد أن يُصبح ظاهرة تسم نمط الارهاب في الاردن. مثال ذلك عملية السفارة الإسرائيلية في الرابية التي جرح فيها ثلاثة من قوات الامن العام.
أمن المعابر والحدود: يلاحظ بان العمليات الفعلية الخطيرة التي جرت بالفعل كانت على الحدود الأردنية الاسرائيلية (معبر جسر الملك حسين / اللنبي، والبحر الميت). وهذا يدعو الى ضرورة التركيز من قبل الأجهزة الأمنية وقوات حرس الحدود الأردني في المرحلة القادمة على زيادة التشديد على أمن الحدود مع إسرائيل. كما يطرح ضرورة التركيز على ضرورة وأهمية التعاون الأمني الثلاثي بين الأردن وإسرائيل، والولايات المتحدة الامريكية خاصة فيما يتعلق بتوفير التدريب والدعم المالي والمعدات الخاصة بأمن الحدود.
عامل الحرب في غزة: شكلت استمرارية الحرب في غزة، وإرهاب الدولة الذي ما زالت تمارسه إسرائيل ضد المواطنين في غزة والضفة الغربية عامل عدم استقرار أمنى في الأردن يهدد الأمن الوطني والسلم الاهلي وكانت الحرب العامل الرئيس المشترك للحوادث الأمنية الاربعة التي جرت داخل الاردن وعلى حدوده مع اسرائيل. كما ساهمت الحرب وما زالت بشكل كبير في زيادة الأعباء المادية والمعنوية على مؤسسات وأجهزة الدولة العسكرية والأمنية، ووضعها بشكل دائم في حالة تأهب قصوى. في نفس الوقت ساهمت بخلق بيئة وحاضنة مناسبة للعمل ضد إسرائيل من داخل الأردن.
عامل حركة حماس والاخوان المسلمين: يلاحظ هذا العام اختفاء تهديد الجماعات السلفية الإرهابية خاصة داعش للأردن. لكن في المقابل برز منذ بداية العام خطر جماعة الاخوان المسلمين مدفوعة بدعم عامل حركة حماس والتحريض والتحشيد الممنهج الذي ما زالت تمارسه الجماعة ومؤيديها في الشارع الأردني.
عامل إيران ووكلاؤها: بذلت إيران ووكلاؤها خلال عام 2024م كل ما في وسعهم لزعزعة استقرار الأردن خلال حرب غزة، من التحريض على الاحتجاجات وزيادة تهريب المخدرات والأسلحة وإلى تصعيد التهديدات المسلحة من مليشيات الحشد الشعبي في العراق. وساهمت الضربات العسكرية الجوية المتبادلة في 13 نيسان/أبريل 2024 بين إيران بذريعة دعم حركة حماس وإسرائيل عبر الأجواء الأردنية بزعزعة الاستقرار الأمني والأهلي في الأردن. وفي الفترة التي سبقت الهجوم الإيراني حذرت إيران الأردن من التدخل. وذكرت "وكالة أنباء فارس" التابعة للنظام أن إيران "تراقب تحركات الأردن"، وإذا تدخلت المملكة "فستكون الهدف التالي". وفي أعقاب الضربة، نظم النظام الايراني حملة إعلامية وإلكترونية ضد الأردن مدّعياً أن الأردن استضاف مركز قيادة عمليات التحالف لإحباط الهجوم. ثم دفع وحرض جميع وكلاؤه في المنطقة وعلى رأسهم حزب الله اللبناني وميليشيا "كتائب حزب الله" في العراق التابعة لميليشيات "الحشد الشعبي" للهجوم والضغط السياسي على الأردن. وقد شكلت هذه التهديدات مصدر إزعاج كبير للأردن ومؤسساته الأمنية. كما ساهمت الدعاية والتحريض الإيراني على السياسية الأردنية في زيادة الاحتقان والاستقطاب والانقسامات السياسية في الشارع الأردني المنهك اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا اصلاً جراء استمرار الحرب في غزة والضفة الغربية والصراع السياسي والدبلوماسي مع اليمين المتطرف في إسرائيل.
سقوط النظام في سوريا وسيطرة هيئة تحرير الشام على السلطة. نظرا لتاريخ هيئة تحرير الشام المصنفة على لوائح الإرهاب فانه من المبكر الحكم على سلوك وبنية النظام الذي تسعى لإقامته الهيئة ومن معها من الفصائل. ما يهم الأردن في المرحلة القادمة هو نوايا صادقة لحسن الجوار والتعاون في مجال عودة اللاجئين السوريين، وتبادل المعلومات حول المقاتلين الأردنيين مع الجماعات الإرهابية (في القاعدة وداعش وحراس الدين) والتعاون على الحدود والمعابر وضبط الحدود لمنع تهريب الأسلحة والمخدرات والأفراد، وان لا تصبح سوريا مصدر عدم استقرار وملاذا للجماعات الإرهابية التي تهدد الأمن الوطني الأردني.
الترابط بين الارهاب والتهريب. شهد العام 2024م اتجاه خطيراً على سلوك عصابات وجماعات تهريب المخدرات من سوريا الى الاردن (قبل سقوط نظام الاسد) بدخول انواع، واساليب جديدة للتهريب مثل الطائرات بدون طيار والصواريخ، والمتفجرات. حيث تشكل هذه الاساليب بيئة مناسبة لتجنيد وتمويل الجماعات الإرهابية والخلايا النائمة، وتُسهّل مخططات الذئاب المنفردة. خاصة وأن هناك الكثير من المؤشرات العالمية التي تثبت الترابط الإيجابي بين الإرهاب وعمليات تهريب الأسلحة والمخدرات والجريمة المنظمة في مناطق الحدود. ولعل العملية التي احبطتها الاجهزة الأمنية في اذار 2024م لخلية حماس أفضل مثال على ذلك.
الارهاب ووسائل التواصل الاجتماعي. ما زالت وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة هي الأسلوب الأول للدعاية وتجنيد والتمويل المفضل لدى الجماعات الارهابية والاجرامية على مستوى العالم. وهي الوسيلة المفضلة للحشد والتعبئة والدعاية لدى الأعضاء والمؤيدين لحركة حماس، ولتنظيم داعش في الأردن. وهذا ما دلت عليه التحقيقات في المحاكم الاردنية في العمليات التي جرت خلال السنوات الماضية.
الارهاب وتدهور مؤشرات السلام العالمي. إنّ (استمرار الحرب في غزة، سقوط نظام الأسد في سوريا ، وصول هيئة تحرير الشام للسلطة في سوريا و التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي ، والحرب السيبرانية ، وسائل التواصل في الدعاية والتجنيد والتمويل ) تدفع الدولة وأجهزتها المختلفة باتجاه إعادة الاهتمام وتفعيل بنود "الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التطرف العنيف والارهاب في الأردن" المُعلنة، التي صدرت عام 2014م. والبحث عن التمويل اللازم لها سواءً من الأمم المتحدة، أو من الدول التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب الذي يشارك فيه الأردن منذ تأسيسه في أيلول - سبتمبر 2014.