تقدير موقف عن شكر خليل الحية
جواد العناني
سياسي واقتصادي الأردن. مواليد 1943 في حلحول. شغل عدة مناصب هامة في الدولة كرئيس الديوان الملكي ووزيراً، ومديراً عاماً لمؤسسة الضمان الاجتماعي. شغل منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزير الصناعة والتجارة والتموين في حكومة هاني الملقي الأولى وحكومة هاني الملقي الثانية.
نيسان ـ نشر في 2025-01-19 الساعة 11:51
نيسان ـ قرأت عدداً من المقالات الغاضبة محلياً، ومن معلقين لا يحملون صفة رسمية، أو يدعون أنهم كذلك، بل من معلقين يحبون وطنهم الأردن، ولا يتركون فرصة إلا وينتهزونها كي يظهروا ذلك الولاء وتلك الحمية. ولكن بعضهم تحرقه العاطفة، فينسى أن في الدفاع عن الوطن أساليب ومواقف تعبر عن نفس تلك الغيرة ولكن بلغات ومفردات متفاوتة في حدتها حسب المناسبة، والاشخاص موضع الانتفاد، وظروفهم، وهذا يظهر أننا عاتبون ولسنا كارهين لمن نريد لومهم وعتابهم، ويبرز اننا نحبهم لكن نستنكر انكارهم لنا أو تقصدنا بالاهمال.
لقد استمعت إلى خطاب الأخ خليل الحية بعدما أعلن الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية القطرية أن اتفاقا لوقف اطلاق النار وتبادل الاسرى قد وقع من وفدي حركة حماس وإسرائيل بوساطة فاعلة من قطر ومصر والولايات المتحدة. وكان واضحا أن ما جرى الاتفاق عليه لن يصبح رسمياً حتى توافق عليه الحكومة الاسرائيلية، ولذلك فإنني ارى أن خطاب السيد خليل الحية كان مبكراً ومستعجلاً، لأنه اراد ان يسابق إلى مساحة الإعلام ليحتل أكبر جزء من فضائها.
وفي غمرة ذلك الاستعجال فإنه لن يكون كيساً إلى الحد المطلوب. ولم يكن ذلك الخطاب الذي اعطى المقاومة الفلسطينية النصر وهو يرى اسرائيل تستثمر فرصة الانتظار لتطبيق الاتفاق في بذل كل ما لديها من قوة واستفزاز ضد أهالي غزة، وتمطرهم بوابل من القذائف، ما قلل من فرحهم، وعرض عشرات من الأطفال والنساء والمدنيين لمزيد من القتل والاصابات.
اما النقطة الثانية فهي أن الإعلام الرسمي الأردني کان حذرا، ونبه أن الأردن ليس باحثاً عن الثناء والشكر، ولكن فقدان الاشارة اليه في معرض الشكر من قبل مسؤول كبير في حركة حماس لا یمکن السكوت عليه، ولذلك جاء الرد من قبل صاحب الجلالة بزيارة للهيئة الخيرية الهاشمية في موقعها الذي تعد فيه أكبر قافلة مساعدات لغزة واكتفى بذلك. أما الإعلام الرسمي وغير الرسمي فقد اشار بتقارير واضحة عن دور الأردن في الوقوف مع اهلنا في غزة هاشم..
فالأردن ارسل مئات الاطنان بالجو، وزاد عدد المستشفيات الميدانية، وواظب على ارسال الوفود الطبية وقوافل الشاحنات مباشرة، ومن المستفيدين من الدعم اللوجيستيك الأردني لايصال المساعدات للقطاع، وأشار الأردن إلى عدد الأطفال والنساء والشباب الذين أتوا للأردن للعلاج حتى يشفوا لأن متطلبات علاجهم غير متاحة بالكامل، ومع هذا ركب الأدرن أطرافاً صناعية لأكثر من عشرين الفا من المصابين الذين بترت اطرافهم.
واقام الأردن ندوات كثيرة نصرة لأهل غزة، وتداعت الشركات والأشخاص والجمعيات الخيرية والنقابات والاحزاب والناس عامة تداعوا للتظاهر والتأييد والنصرة لأهل غزة. ووزير الخارجية الأردني اطلق نداء عبر كل العواصم يحمل رسائل ملكية مستثمراً كل ما لدى الأردن من مكانة لانهاء الحرب، وقس على ذلك التصريحات غير المحدودة والمكالمات الهاتفية والمشاركات الرسمية، وركوب جلالته وسمو ولي عهده الطائرة إلى غزة لضمان إسقاط مواد الاغاثة جوا على أهل غزة المحتاجين اليها.
وقد بذلت جهود كثيرة للضغط على الأردن، وتعرض للتهديد والضغط مباشرة بتوجيه اللوم لقيادته ووزرائه وأحزابه، وحول الممارسات غير الانسانية للمستعمرين والمتطرفين اليهود في الضفة لاجبار الفلسطينيين على النزوح الى الاردن، وهو ما رفضه الأردن قطعيا.
وقد كنت شخصيا وزيراً للخارجية حين جرت محاولة اغتيال السيد خالد مشعل في عمان. وكنت مع جلالة الراحل الملك الحسين لما هدد حكومة نتنياهو في ذلك الوقت بالغاء معاهدة السلام إن لم ترسل المضاد لانقاذ السيد مشعل، ورافقته في صحبة سمو الأمير الحسن والراحل ياسر عرفات والمرحوم عبد السلام المجالي لزيارة الشيخ المرحوم الراحل أحمد ياسين لما وصل المدينة الطبية للعلاج.
والأن وقد حدث وقف اطلاق النار، الا يوافقني أخي خليل الحية أن الأردن سيكون من أهم العناصر من أجل ترميم المستشفيات، وعلاج المرضى وعودة الجامعات.
هل يعلم الأخ خليل أن الأردن حريص كل الحرص على حياة اهل غزة لأنهم مثل جنود جيشنا الأردني شجعان لا يهابون الموت، وأن غزة هي غزة هاشم، وغزة الامام الشافعي، وحتى ياسر عرفات وغیره من زملائه، ومن منا ينسى من قيادتها الحديثة أمثال شكري شعشاعة وشفيق ترزي، والاخوة يوسف وفايز الصايغ، وغيرهم.
أما الأردن، الوطن المبارك الذي يسع كل العالم، فله الحق أن "يأخذ على خاطره". ولم أر في حياتي ثقافة عميقة تبجل الخاطر وتطييبه مثل الثقافة الأردنية، فلا ضغينة ولا أحقاد إن ابدى أي متعرض لكرامته بالاساءة، أو بسوء التعبير فسرعان ما سيجد كل أردني نشمي يقبل ذلك وينس..
لقد أخطأت یا اخى خليل، وسامحك الله على ذلك. الأردن يجب أن يشكر منكم ملكاً وحكومة وشعباً، الست انت من حركة الاخوان المسلمين؟. اليس الاخوان في الأردن اردنيون؟، والا تعتقد انهم يستحقون منك الثناء! أم أنك أشملتهم في شكرك لما شكرت الشعب العربي كله. كثيرون مدحتهم لما قاموا بربع ما فعله الأردن. نعرف أن عملك اكبر، ولكن تعلم تماما أننا قدمنا أقصى ما نستطيع تقديمه وفوقها حبة. أرجو أن نسمع منك تصريحاً يقول انكم قد أخطأتم. نحن وأنتم واحد، وقل أنا لم أقدم الشكر للأردن لأن الأردن لا يقبل ذلك لأن ما فعله هو الواجب.. قلها وسوف تزيح عنا حملا..
وحفظ الله الأردن وغزة والضفة وكل بلاد العرب..
لقد استمعت إلى خطاب الأخ خليل الحية بعدما أعلن الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية القطرية أن اتفاقا لوقف اطلاق النار وتبادل الاسرى قد وقع من وفدي حركة حماس وإسرائيل بوساطة فاعلة من قطر ومصر والولايات المتحدة. وكان واضحا أن ما جرى الاتفاق عليه لن يصبح رسمياً حتى توافق عليه الحكومة الاسرائيلية، ولذلك فإنني ارى أن خطاب السيد خليل الحية كان مبكراً ومستعجلاً، لأنه اراد ان يسابق إلى مساحة الإعلام ليحتل أكبر جزء من فضائها.
وفي غمرة ذلك الاستعجال فإنه لن يكون كيساً إلى الحد المطلوب. ولم يكن ذلك الخطاب الذي اعطى المقاومة الفلسطينية النصر وهو يرى اسرائيل تستثمر فرصة الانتظار لتطبيق الاتفاق في بذل كل ما لديها من قوة واستفزاز ضد أهالي غزة، وتمطرهم بوابل من القذائف، ما قلل من فرحهم، وعرض عشرات من الأطفال والنساء والمدنيين لمزيد من القتل والاصابات.
اما النقطة الثانية فهي أن الإعلام الرسمي الأردني کان حذرا، ونبه أن الأردن ليس باحثاً عن الثناء والشكر، ولكن فقدان الاشارة اليه في معرض الشكر من قبل مسؤول كبير في حركة حماس لا یمکن السكوت عليه، ولذلك جاء الرد من قبل صاحب الجلالة بزيارة للهيئة الخيرية الهاشمية في موقعها الذي تعد فيه أكبر قافلة مساعدات لغزة واكتفى بذلك. أما الإعلام الرسمي وغير الرسمي فقد اشار بتقارير واضحة عن دور الأردن في الوقوف مع اهلنا في غزة هاشم..
فالأردن ارسل مئات الاطنان بالجو، وزاد عدد المستشفيات الميدانية، وواظب على ارسال الوفود الطبية وقوافل الشاحنات مباشرة، ومن المستفيدين من الدعم اللوجيستيك الأردني لايصال المساعدات للقطاع، وأشار الأردن إلى عدد الأطفال والنساء والشباب الذين أتوا للأردن للعلاج حتى يشفوا لأن متطلبات علاجهم غير متاحة بالكامل، ومع هذا ركب الأدرن أطرافاً صناعية لأكثر من عشرين الفا من المصابين الذين بترت اطرافهم.
واقام الأردن ندوات كثيرة نصرة لأهل غزة، وتداعت الشركات والأشخاص والجمعيات الخيرية والنقابات والاحزاب والناس عامة تداعوا للتظاهر والتأييد والنصرة لأهل غزة. ووزير الخارجية الأردني اطلق نداء عبر كل العواصم يحمل رسائل ملكية مستثمراً كل ما لدى الأردن من مكانة لانهاء الحرب، وقس على ذلك التصريحات غير المحدودة والمكالمات الهاتفية والمشاركات الرسمية، وركوب جلالته وسمو ولي عهده الطائرة إلى غزة لضمان إسقاط مواد الاغاثة جوا على أهل غزة المحتاجين اليها.
وقد بذلت جهود كثيرة للضغط على الأردن، وتعرض للتهديد والضغط مباشرة بتوجيه اللوم لقيادته ووزرائه وأحزابه، وحول الممارسات غير الانسانية للمستعمرين والمتطرفين اليهود في الضفة لاجبار الفلسطينيين على النزوح الى الاردن، وهو ما رفضه الأردن قطعيا.
وقد كنت شخصيا وزيراً للخارجية حين جرت محاولة اغتيال السيد خالد مشعل في عمان. وكنت مع جلالة الراحل الملك الحسين لما هدد حكومة نتنياهو في ذلك الوقت بالغاء معاهدة السلام إن لم ترسل المضاد لانقاذ السيد مشعل، ورافقته في صحبة سمو الأمير الحسن والراحل ياسر عرفات والمرحوم عبد السلام المجالي لزيارة الشيخ المرحوم الراحل أحمد ياسين لما وصل المدينة الطبية للعلاج.
والأن وقد حدث وقف اطلاق النار، الا يوافقني أخي خليل الحية أن الأردن سيكون من أهم العناصر من أجل ترميم المستشفيات، وعلاج المرضى وعودة الجامعات.
هل يعلم الأخ خليل أن الأردن حريص كل الحرص على حياة اهل غزة لأنهم مثل جنود جيشنا الأردني شجعان لا يهابون الموت، وأن غزة هي غزة هاشم، وغزة الامام الشافعي، وحتى ياسر عرفات وغیره من زملائه، ومن منا ينسى من قيادتها الحديثة أمثال شكري شعشاعة وشفيق ترزي، والاخوة يوسف وفايز الصايغ، وغيرهم.
أما الأردن، الوطن المبارك الذي يسع كل العالم، فله الحق أن "يأخذ على خاطره". ولم أر في حياتي ثقافة عميقة تبجل الخاطر وتطييبه مثل الثقافة الأردنية، فلا ضغينة ولا أحقاد إن ابدى أي متعرض لكرامته بالاساءة، أو بسوء التعبير فسرعان ما سيجد كل أردني نشمي يقبل ذلك وينس..
لقد أخطأت یا اخى خليل، وسامحك الله على ذلك. الأردن يجب أن يشكر منكم ملكاً وحكومة وشعباً، الست انت من حركة الاخوان المسلمين؟. اليس الاخوان في الأردن اردنيون؟، والا تعتقد انهم يستحقون منك الثناء! أم أنك أشملتهم في شكرك لما شكرت الشعب العربي كله. كثيرون مدحتهم لما قاموا بربع ما فعله الأردن. نعرف أن عملك اكبر، ولكن تعلم تماما أننا قدمنا أقصى ما نستطيع تقديمه وفوقها حبة. أرجو أن نسمع منك تصريحاً يقول انكم قد أخطأتم. نحن وأنتم واحد، وقل أنا لم أقدم الشكر للأردن لأن الأردن لا يقبل ذلك لأن ما فعله هو الواجب.. قلها وسوف تزيح عنا حملا..
وحفظ الله الأردن وغزة والضفة وكل بلاد العرب..
نيسان ـ نشر في 2025-01-19 الساعة 11:51
رأي: جواد العناني سياسي واقتصادي الأردن. مواليد 1943 في حلحول. شغل عدة مناصب هامة في الدولة كرئيس الديوان الملكي ووزيراً، ومديراً عاماً لمؤسسة الضمان الاجتماعي. شغل منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزير الصناعة والتجارة والتموين في حكومة هاني الملقي الأولى وحكومة هاني الملقي الثانية.