اتصل بنا
 

أسرى ..

كاتب وصحافي أردني

نيسان ـ نشر في 2025-01-20 الساعة 14:24

نيسان ـ وحده الاسير الفلسطيني ما كان له ان يصمد لولا معرفته المسبقة بان ان هناك ثلة مجاهدة تدافع عنه بسلاحهم البسيط كما دافعت عن كرامة امة تنتظر هي الاخرى الخروج من سجنها الكبير.
معلش كلمة نطقها مراسل الجزيرة من تحت الرماد وهو يحمل جثمان ابنه الشهيد كانت كفيلة بان ترفع الروح المعنوية لدى الاف الاسرى الفلسطينيين الذين يمضون في سجون الاحتلال، منهم من تحطمت امامه اربعة ابواب حديدية وبقي صامدا في وجه سجانه .
المشهد الذي راقبناه بالامس لخروج 90 اسيرة فلسطينة من سجون الاحتلال تجعلنا لا نخشى المستقبل بل تدفعنا دفعا لان نقول لمن تناسوا نخوة المعتصم بان الليل زائل ونور الفجر اقترب رغم سواد الليالي الحالكة التي ستمر مسرعة .
نادراً ما تحالف الجوع وخواء الأمعاء مع الحرية، لأنه طالما كان وسيلة إخضاع وتركيع، لكن الأسير الفلسطيني أشهر جوعه في وجه السجان ليقول له بأن الإنسان لا يعيش بالخبز وحده، لكنه يعيش بالحرية حتى لو كانت طريقاً قصيراً ومعبداً بالدم إلى الموت.
ما أقسى أن يكون المرء أسيراً في داره، والمشهد الآن أشبه بحفلة تنكرية تبادل فيها السجين والسجان الأدوار!
وللاسرى والشهداء والجرحى لغة خاصة لا يفهم مفرداتها إلا من قرأوا التاريخ كما هو، وليس كما قدم إليهم داجناً ومعلباً ومنزوع المعاني وبلا روح. إن هناك من يصومون العمر كله ووعو التاريخ ليفطروا ولو على قليل من الحرية!
رغم زخم المعاناة التي يتعرض لها الأسرى، ومع كل باب حديدي ينهار أمامهم، يبقى الصمود والكرامة أعمق من كل شيء. ورغم انقضاء سنوات السجن، يظل الأمل يضيء قلوبهم؛ فحتى عندما يصطدم الجوع بالحرية، لا يتراجعون. يعلمون أن العزيمة لا تبنى على الخبز وحده، بل على الإيمان العميق بأن الإنسان لا يمكن أن يعيش إلا حرًا. فالحرية هي الحياة، ولو كانت طريقها ملطخة بالدماء.
الأسرى الفلسطينيون يدركون جيدًا أنه في كُل يوم يمر عليهم، هناك نور قريب سيشق الظلام. وإن كان الليل حالكًا، فإن الفجر يقترب، مهما طال الانتظار. هؤلاء الذين يواصلون دربهم رغم كل شيء، يعلمون أن المسير نحو الحرية يستحق كل تضحية، ويعرفون أن تحريرهم قد يأتي في لحظة، رغم كل العقبات التي قد يراهن عليها أعداؤهم.
فالحقيقة أن هؤلاء الذين يقبعون في السجون هم من يملكون مفاتيح الحرية، هم من يعطوننا الدروس في الصبر والعزيمة، وهم من أحصوا لياليهم الطويلة بعدد من فارقوا من الاهل والشهداء ..

نيسان ـ نشر في 2025-01-20 الساعة 14:24


رأي: محمد المحيسن كاتب وصحافي أردني

الكلمات الأكثر بحثاً