اتصل بنا
 

عالمية الظاهرة الإرهابية

صحافي جزائري

نيسان ـ نشر في 2015-12-08

نيسان ـ

إن تحديات الألفية الجديدة، لم تعد اليوم مقتصرة على حماية البيئة، أو ما يعرف بالجيل الجديد لحقوق الإنسان أو ما شابه، بل يمكن القول إننا عدنا إلى عصر الحروب العالمية، أين كان الأمن والسلم الدوليين أحد الأهداف المنوطة بالتنظيم الدولي على اختلاف أصنافه.

واليوم ومع وصول التنظيم الدولي إلى درجة كبيرة من التجانس، قد نسميها عولمة بدون النظر في سلبياتها، أو نسميها حوار حضارات بدون الإقرار بواقع الصراع، رغم هذا إلا أن الهدف ما زال هو حفظ الأمن والسلم الدوليين. ربما مس التغيير فقط بعض المفاهيم، فأصبحت الديكتاتورية إرهابًا، وأصبحت الديمقراطية حكمًا راشدًا ومطلبًا دوليًّا، فما تبين الخيط الأبيض من الأسود ولا الرشد من الغي، ولا الألفية الثانية من الألفية الثالثة.

بعد هجمات باريس، اتجهت أنظار العالم نحو برج إيفل، باكية دموعًا زرقاء وحمراء، وبات ظاهر للعيان، أن الإرهاب ظاهرة عالمية، فعملية مسرح باتاكلان أثبتت أن كل الدول مهددة من طرف عناصر هذا التنظيم الذي تغول إن صح التعبير، إلا على إسرائيل، وهذه عجيبة أخرى من عجائب الألفية الجديدة. ولحد الآن لم تستوعب العقول، كيف لحفنة من عناصر تنظيم داعش الذي لم يطفئ شمعته الثالثة بعد، أن يستطيع اختراق الاستخبارات الفرنسية والتعزيزات الأمنية. ولكن ربما هذا ما يثبت أن العملية شهدت تواطؤ عديد الدول، بعيدًا عن فرضية جواز السفر التي لم تقنع الصبي قبل البالغ.

إن الظاهرة الإرهابية وجدت منذ الأزل، إلا أن الاختلافات الأكاديمية، والتوجهات السياسية والمصالح، لعبت دورًا في مرونة مصطلح الإرهاب واختلاف استعمالاته، فالإرهاب عندنا ليس هو الإرهاب عندهم، والإرهاب عندهم ليس هو ذاك الذي نعني… الإرهاب لا دين له، لكنهم يصرون على أسلمة الظاهرة، والإسلام من السلام، فلو أسلموا حقًّا الظاهرة الإرهابية لتاب البغدادي ومختار بلمختار، والظواهري وعادوا إلى رشدهم.

ثم إن (الميكانزمات) والعوامل التي باتت تدير الظاهرة الإرهابية، والتي تختفي وراءها مصالح الدول الكبرى من صفقات بيع السلاح، وشراء النفط بأبخس الأثمان، ومطامعها في التوسع، وإضعاف دول الشرق الأوسط، خدمة لإسرائيل، هي من ساهمت في عالمية الظاهرة، فكانت داعش مثالًا، لاتحاد قوى ولوبيات غربية، لكن سرعان ما انقلب السحر على الساحر، وهذه الدول تجني اليوم ثمار سياستها الخارجية الرهينة بمصالح خفية، ويدفع ثمنها المواطن البريء.

ولعل التحديات الدولية الجديدة، في ظل تموقع بعض الدول الصاعدة مثل إيران وتركيا، وفي ظل عودة الدب الروسي إلى المناورة والاستقطاب، يجعل الظاهرة الإرهابية ظاهرة عالمية بحق، تجسد مثالًا لالتقاء مصالح وتضارب أخرى، قد تنذر بحرب عالمية جديدة يكون رحاها الشرق الأوسط، أو ربما أوروبا، فيعيد التاريخ نفسه، وليس ضروريًّا أن تكون حربًا باردة، أو حربًا عسكرية، بل حرب دبلوماسية أو ربما معلوماتية، فاليوم وكما يقول أحد الجزائريين، من يملك المعلومة يملك الميدان… الأيام كفيلة بأن تجيبنا على هذه الفرضية.

ساس بوست

نيسان ـ نشر في 2015-12-08

الكلمات الأكثر بحثاً