(من استوى يومها فهو مغبون)
أسامة شحادة
كاتب مختص في شؤون الحركات الاسلامية
نيسان ـ نشر في 2015-04-26
هذه حكمة عظيمة، وتلخص للأذكياء كلاماً كثيراً، بداية لا يصح نسبة هذا الكلام للنبي صلى الله عليه وسلم، لأنه لم يثبت بسند صحيح، بل كل الروايات الخاصة بها إما موضوعة أو شديدة الضعف.
لكن معنى هذه الحكمة والجملة البليغة صحيح ومطلوب، فإن المسلم مطلوب منه دوما الارتقاء والتقدم والإتقان بحيث يكون صاعدا في مراتب العلم والعمل والخلق والعادة والطاعة، وبذلك يصعد في درجات الجنة حتى يصل الفردوس الأعلى مع الأنبياء.
وهذا الارتقاء يحصل من خلال عادات وسلوكيات دائمة تقوم على العلم والوعي والتخطيط، وينتج عن هذه العادات تحسن دائم في الأداء والإنجاز والعطاء للفرد المسلم، وبذلك تتوسع دائرة الخير والعطاء، وتشيع السعادة والبهجة بين الناس.
هذا الوعي بأهمية المستقبل الدنيوي والأخروي (الجنة) وضرورة التحسن الدائم هو الذي يحفز الضمير الحي والمراقبة الذاتية للحفاظ على المصلحة العامة والخاصة، وبذلك تحدث النهضة وتزدهر الحضارة.
ومن لم يفعل ذلك فهو مغبون وخسران، ففي كل يوم يمضي يفترض أن تكتسب خبرة ومعرفة جديدة يمكنك أن توظفها بشكل إيجابي لترفع من مهاراتك أو معارفك ومعلوماتك أو علاقاتك وارتباطاتك أو عبادتك وأخلاقك، وأنت في كل يوم يمضي تقترب أكثر من وقت انتهاء الامتحان قرع الجرس بالموت.
فالعاقل والرابح من يكون واعياً بضرورة أن يتقدم دوماً على المسار الصحيح ولو كان تقدماً بسيطاً، وفي أي من مجالات الحياة، في علاقته مع الله عز وجل، في علاقته بنفسه فيرضى عنها ويحبها، في علاقته بأسرته وعائلته، في عمله ووظيفته، في دوره في المجتمع، في علاقته بالبيئة من حوله.
العاقل الرابح من يعي بوضوح أنه يتقدم يومياً في مساره نحو خط النهاية، لكنه التقدم السليم الصحيح، الذي سيقابله تقدم في الآخرة في الجنان، وليس ذاك التقدم الأعمى نحو القمة للسقوط في الهاوية، جهنم!