اتصل بنا
 

جُنْدُ الله..

قاص واعلامي اردني

نيسان ـ نشر في 2025-02-01 الساعة 11:32

نيسان ـ كلّما أناظرُهم.. كلّما أنظرُ إليهِم.. أعاينُ انتصابَ قاماتِهم.. صلابةَ إيمانِهم.. عُمْقَ يقينِهم.. تفاني التزامَهم النهائيَّ إلى غيرِ رجعةٍ: إمّا نصرٌ وإمّا شَهادة.. كلّما ألمحُ كلَّ هذا وذاك، يهتفُ وِجْداني مُقْسِمًا بالله إنهم من زمانٍ غيرِ زمانِنا.. من ارتباطٍ بالسماءِ لا يُشْبِهُ اربتاطَنا.. لا شيء فيهم يَحِقُّ لنا الادّعاءَ أن بعضَه فينا.. إنها الفوارقُ التي جعلت النصرَ يتيهُ بينَنا وبينَهم.. يريد الله جلّ في علاه أن يمنحَهم نصرًا لا نراه.. أن يبارك طوفانَهم وجهادَهم واستشهادَهم وفي مقدمةِ هذه الاستشهاديةِ، شهادةُ قادتِهم جميعِهم.. نصرٌ لهُم وحدُهُم وفتحٌ قريب..
كلما أناظرُهم أوقنُ أن قبسًا من صدرِ الرسالةِ بلغهم كاملًا غيرَ منقوصٍ ولا منْحوسٍ ولا مَدْسوس.. أرى رأيَ البصيرةِ المجاهدَ الذي لفظ التمْرةَ قائلًا: بَخٍ.. بَخٍ، عندما سمع رسُول اللَّه ﷺ يقول: {قُومُوا إلى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمواتُ وَالأَرْضُ}.. وحين يسأله الرسول ﷺ: {ما حملكَ على قولِ بَخٍ.. بَخٍ..} يجيبه: "لاَ وَاللَّهِ يَا رسُول اللَّه إلاَّ رَجاءَ أَنْ أكُونَ مِنْ أهْلِها"، فإذا بالردِّ يأتيه على هيئةِ يقينٍ لا لُبسَ فيهِ ولا إِقْوَاء: {فَإنَّكَ مِنْ أهْلِهَا}، فإذا به يُخْرِجُ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ، فَجَعَل يَأْكُلُ منْهُنَّ، ثُمَّ قَال لَئِنْ أنَا حَييتُ حَتَّى آكُل تَمَراتي هذِهِ إنَّهَا لحَيَاةٌ طَويلَةٌ، فَرَمَى بمَا كَانَ مَعَهُ مَنَ التَّمْرِ. ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ. (رواهُ مسلمٌ).
هؤلاءُ الرجال.. رجالُ الله.. عرفوا ثم التزموا بدلالاتِ ما عرفوا.. طلّقوا الدنيا.. باعوا الفِتَنَ.. نَشَدوا، بعدَ رضا الله، رضا الوالديْن.. أَغاثوا الملهوف.. انْتصروا للضعيف.. برّوا بالجارِ وصانوا شجرَ الدّار.. عشقوا أرضَهم؛ أرضَ آبائِهم وأجدادِهم.. لم يستبدلوا بالحلالِ الزُّلالِ كلّ مفاتنِ الكوْكب.. اقتربوا، يومَ الطوفانِ، كثيرًا، من برتقال يافا.. عانقوا قبرَ عزّ الدين القسّام في حيفا.. داسوا على نصبِ نابليون في عكّا.. أعادوا للنّاصرةِ نضرتَها النّاضِرة.. جاءوا بوابات القدس فدخلوها بابًا.. بابا.. لاقْتُهم أمُّ الفحمِ بالنّور كلِّه.
كلما عاينتُهم خَفَقَ قلبي كأنّه عَلَمُ البلاد.. تحسّرتُ على زمانٍ بلغوه وحدُهُم.. وهم يتألّمون ضياعَنا في أزمنةِ العارِ جميعِها.
وَحْدُهُم جُنْدُ الله.. وَغَايةٌ تجمعُهُم.

نيسان ـ نشر في 2025-02-01 الساعة 11:32


رأي: محمد جميل خضر قاص واعلامي اردني

الكلمات الأكثر بحثاً