اتصل بنا
 

ماذا لو... ؟

نيسان ـ نشر في 2025-02-12 الساعة 19:59

نيسان ـ عندما يكون الصمت صرخة، وحين تصبح المشاهد متكررة لدرجة أن القاتل لم يعد بحاجة إلى إخفاء الجريمة…
يوم آخر، لا يختلف عن سابقه، يمضي مزدحمًا بضجيج الحياة. أصوات الأخبار تتسلل إلى كل زاوية في المنزل، تنقل إلينا ذات العناوين المتوقعة: خطط ترامب، قرارات حماس، ردود الفعل العربية، بيانات متكررة، تصريحات رسمية، تحليلات باردة، إدانات محسوبة… وكأننا نعيش في نشرة أخبار دائمة، دون فواصل، دون نهاية.
وفجأة، وسط هذا السيل الجارف من الضوضاء، يخطر ببالي سؤال بسيط لكنه يقلب الطاولة على المشهد بأكمله:
ماذا لو قررت كل الشعوب العربية – بلا استثناء – أن تخرج إلى الشوارع؟
لا احتجاجات، لا لافتات، لا شعارات، لا شعور بالحماس المؤقت الذي يذوب مع الوقت.
فقط جلوس.
ملايين البشر يملؤون الميادين، الأرصفة، الطرقات… دون أن ينطقوا بكلمة.
لا هتافات، لا غضب منفلت، لا اشتباكات. فقط اعتراض صامت بحجم السماء.
نترك كاميرات المراقبة الإسرائيلية في حيرة وهي تنقل المشهد للعالم: حشود لا تتحرك، لكنها تهدد. صمت لا يتكلم، لكنه يزلزل.
ماذا لو تماسكت الأيدي جميعها، فارتعشت الحدود؟
ماذا لو توحّد الصوت، حتى لم يعد ممكنًا إسكاته؟
ماذا لو أُلغيت القواعد العسكرية التي زرعوها بيننا، ليس بصفقات سياسية، بل بقناعة أن هذه الأرض لم تُخلق لتُقسم؟
لماذا يموت أطفال غزة بردًا، بينما أطفال الضفة يلهون على الحواجز وكأنهم في طابور انتظار لا نهاية له؟
لماذا العالم بأسره نائم، بينما الطفل الغزّاوي وحده مستيقظ، يحصي القذائف بدلًا من الأحلام؟
أليست طولكرم وجنين جزءًا من الضفة؟ لماذا امتلأت المخيمات بالدمار، بينما تراقبها المدن القريبة كأنها تتابع نشرة أخبار مسائية؟
أين الفعل؟ أين الغضب؟ أين الشرف؟ أين هذا الشيء الذي نسمّيه “الموقف الوطني”؟
لكننا، كالعادة، سنبقى جالسين على مقاعد المشاهدين، نتابع أحداث الفيلم حتى نهايته.
لكن هنا يكمن السؤال الأهم:
هل يموت البطل في النهاية؟
أم أن هناك حبكة غير متوقعة؟
أم ربما… جزء ثانٍ، في بلد مختلف، بنفس القصة، بنفس الوجع، بنفس الصمت؟

نيسان ـ نشر في 2025-02-12 الساعة 19:59


رأي: ليان عزمي عاصي

الكلمات الأكثر بحثاً