اتصل بنا
 

شهداء خالدون في ذاكرة الوطن

كاتبة جزائرية

نيسان ـ نشر في 2025-02-18 الساعة 20:23

نيسان ـ هنا التاريخ يسْتَهل دفتيْهِ في فلك الذكرى الخالدة و على حمرة كل فَلَق، تتنفس في كل ركن في بلادي بقايا شهيد فلا الليل يطفى نور الذكرى ولا الموت يطوي دروب الخلود، و الثامن عشر من شهر فيفري نستحضر اليوم الوطني للشهيد في الجزائر و يزهو فيه الوطن بذكرى أبنائه البررة الذين قدموا أرواحهم الطَّاهِرَةِ، فَكَانُوا شُهُبًا أَضَاءَتْ دَرْبَ الحُرِّيَّةِ، وَسُيُوفًا قَطَعَتْ ظُلُمَاتِ الاسْتِعْمَارِ، إِنَّهُ يَوْمٌ تَتَنَفَّسُ فِيهِ الأَرْضُ عَبَقَ الشَّهَادَةِ، وَتَتَشَحَّ السَّمَاءُ بِضِيَاءِ الخُلُودِ.
فِي هذا اليوم، تَحْنُو الجَزَائِرُ بِكُلِّ حُبٍّ وَإِجْلَالٍ لتتنفس ذكرى أَبْنَائِهَا الشُّهَدَاءِ، وتنبض القلوب اعترافًا بجميل من ارتقى في سبيل عزّتها، وَ أرّخوا بدمائهم الزكية كَلِمَاتٍ كُتِبَتْ بِالدِّمَاءِ الزَّكِيَّةِ فِي صفحات النِّضَالِ والتحرير، إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا أَرْقَامًا فِي التَّارِيخِ، بَلْ كَانُوا أَعْمَارًا خَالِدَةً مِنْ رجالٌ ونساءٌ، شيوخٌ وشبابٌ، أبطال في المزدحم هتف الوطن لهم فلبوا واعتزموا و لم يبخلوا عليه بأرواحهم، فكانوا أسيادًا في دنيا الشهادة، وأعلامًا في سماء الخلود.
هنا وطن يسمع في آفاقه وفي كل سهل و في كل جبل جلجلة الشهداء كأنها في سماء الجزائر إعصار، هنا وطن لف شهيداً في وطن ولف مُؤْمِنِينَ من الرِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عليه، لا زالت عيونهم تبصر العزة والكرامة من تحت ثرى يستحي من دمهم التراب، هنا وطن به أنفاسُ العابرون تزيد شحنتنا الثورية، وتعلمنا أن التاريخ مسقوفاً بأريج الشهداء، وهنا بوابة الأحرار ترفعها جماجم الأحرار الذين علقوا الموت في الزُّنَّار، ننحني لهم في هذا اليوم المهيب، إجلالًا أمام القبور التي تحتضن أرواح شهدائنا الأبرار الذين رحلوا عن الأرض لكنهم استوطنوا الذاكرة، و باقون قامةً للعشق مشدودون إلى الأرض، يقف الوطن لهم اليوم وقفة العهد، يُجدد البيعة لأولئك الذين رحلوا لتبقى الجزائر، ويؤكد أن دماءهم لن تذهب هدرًا، بل ستظل منارة للأجيال، تعلمهم أن العزة لا تُوهب، وأن المجد لا يُستجدى، بل يُنتزع انتزاعًا من براثن الظلم بقوة الإيمان ونقاء التضحية وأن الحرية تأخذ ولا تعطى و علمونا أن أجسادنا لا بد أن تنزف دما يستعر، وكل ربوع الوطن يزغرد له حين ينتثرُ، ونعرف حين نشم الخُطا، أي فصيلة ننتمي إليها.
اللَّهُمَّ ارْحَمْ شُهَدَاءَنَا، وَأَسْكِنْهُمْ فَسِيحَ جَنَّاتِكَ، وَاجْعَلْهُمْ فِي عِلِّيِّينَ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا. وَاجْعَلْ بَلَدَنَا آمِنًا مُطْمَئِنًّا، وَسَائِرَ بِلَادِ المُسْلِمِينَ. آمِين

نيسان ـ نشر في 2025-02-18 الساعة 20:23


رأي: مريم عرجون كاتبة جزائرية

الكلمات الأكثر بحثاً