اتصل بنا
 

ما هو الوطن؟

كاتبة أردنية

نيسان ـ نشر في 2015-12-10 الساعة 22:57

نيسان ـ

ما هو الوطن ؟ وماذا يعني الانتماء له ؟

هل هو المكان الذي يسكنه الانسان ويقيم فيه كما تعرفه القواميس ؟

أم هو ما قاله أحمد شوقي: وطني لو شغلت بالخلد عنه.. نازعتني إليه بالخلد نفسي.

أم هو ما قاله محمود درويش : " وتسأل ما معنى كلمة وطن؟ سيقولون: هو البيت، وشجرة التوت، وقن الدجاج ، وقفير النحل، ورائحة الخبز والسماء الأولى، وتسأل: هل تتسع كلمة واحدة من ثلاثة أحرف لكل هذه المحتويات، وتضيق بنا ؟"

كثيرة هي التعريفات والمعاني لكلمة وطن، فلكل وطنه، ولكل تعريفه الخاص .

أما الوطن والمواطنة بتعريف علم الاجتماع الحديث، وما راكمته البشرية بكيفية ادارة الحياة والمجتمعات، خاصة بعد الثورة الفرنسية، فالوطن قائم على علاقة تبادلية بين المواطنين والدولة وعلى أسس وحقوق وواجبات، فالدولة هي الهيئة التي تحمي مصالح المواطنين الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، والمواطنين يلتزمون بالقوانين ويكونوا فاعلين في الحياة العامة.

ان المفهوم الحديث للدولة ( الوطن ) هو المكان الذي يحمي كرامة الانسان ، ويعطي ابناءه فرصا متكافئة في التعليم والصحة والعمل ولا يميز بين ابنائه باللون والجنس، كما يكفل لهم حرية التعبير وحرية المعتقدات دون ممارسة أي تمييز بينهم على هذه الأسس.

والوطن بالمفاهيم الحديثة هو المكان الذي يهيىء قنوات يشكل المواطنون عبرها هيئات سياسية تمكنهم من المشاركة في الحياة السياسية وفي صياغة القوانين المشتركة، في الدولة الحديثة (الوطن ) لا يحكم المواطنين عبر صيغ قانونية ثابتة جامدة لا تتغير، بل على الدولة أن تتأكد من أن القانون ليس مصاغا لحماية مصالح فئة معينة على حساب الآخرين. فان خطورة القوانين كما عبر جان جاك روسو، عنها هي في أنها صيغة لتحمي مصالح أصحاب الملكيات الخاصة على حساب من يعملون عندهم، المفهوم الحديث للدولة يتضمن آلية للتأكد من أن القوانين نفسها عادلة وتراعي مصالح جميع المواطنين.

الوطن بالمفاهيم الحديثة قائم على فكرة المشاركة ..اذ كيف ينتمي الانسان لمكان لا يشارك في صياغة قوانينه الناظمة وفي اختيار ممثليه ومصيره؟ وكيف ينتمي الانسان لمكان يغيب عنه قيم العدالة والمساواة؟

الوطن هو المكان الذي يطلق طاقاتك وابداعك. المكان الذي يحترمك، هذا هو المكان الذي تستطيع أن تنتمي له وتحبه. هذا هو المكان الذي يجعلك منتميا، وعندما تغيب هذه المعاني لا يكون وطنا، بل قهر مشترك للكثيرن، ويصبح مكانا تغلب فيه القيم الأنانية فلا ينتمي الانسان فيها الا الى ذاته أو عائلته أو قبيلته في أحسن الأحوال .. يصبح مكانا نقول فيه كلمات كثيرة عن الوطنية وحب الوطن ... في الشعر وفي الخطابات الرنانة، لكننا لا ننتمي له، اذ يصبح مكانا يسرقنا ونسرقه يظلمنا ونظلمه سكانه لديهم حالة ريبة وشك خفية من كل المعاني المتعلقة به .

ان الدول التي انجزت قيم ومعاني الوطن بالمعايير الحديثة، لا نجد فيها هذه القصائد والأشعار التي تمجد الوطن وتتغزل به، ولا الخطب الرنانة عن الوطن و الوطنية، اذ أصبح مواطنوها يعيشون هذه المعاني في الواقع المعاش، يعيشونها ويعرفونها واقعيا لهذا لا يتغنون بها، ولا ينظمون لها قصيدة، متى ستنتهي قصائدنا وأغانينا الوطنية؟ متى سنعيش الوطن بدل أن نغنيه في قصيدة؟

نيسان ـ نشر في 2015-12-10 الساعة 22:57

الكلمات الأكثر بحثاً