اتصل بنا
 

السودان: هل بدأ 'العدّ التنازلي' لنهاية الحرب؟

نيسان ـ نشر في 2025-03-22 الساعة 10:55

x
نيسان ـ أعلن الجيش السوداني، أمس الجمعة، سيطرته على القصر الرئاسي في الخرطوم، في انتصار رمزي مهم في معركته مع قوات «الدعم السريع» شبه العسكرية، وذلك بعد أربعة أيام من الاشتباكات العنيفة، التي شملت قصفا مدفعيا مكثفا وإنزالات برية وتسلل وحدات من القوات الخاصة للجيش، واجهتها مقاومة شرسة من قوات «الدعم السريع» بالمتفجرات والقناصة والمسيّرات (التي قتلت إحداها، أمس، ثلاثة صحافيين) لتنتهي المعارك بالسيطرة على القصر والمنشآت المجاورة.
يمكن اعتبار هذا الانتصار نقطة تحوّل جديدة في الصراع على السلطة في السودان الذي بدأت الإطاحة بحكم عمر البشير عام 2019 بعد انتفاضة شعبية عارمة مرحلته الأولى، مما أدى إلى توازن قوى هشّ بين الحكومة المدنية الناشئة التي رأسها عبد الله حمدوك، والعسكر الذين جمعتهم أيضا شراكة تنافسية، عبر «مجلس السيادة» الذي رأسه عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش النظامي، ومحمد حمدان دقلو (المعروف بحميدتي) قائد «الدعم السريع» ونائب البرهان في المجلس.
انتهى التوازن الهشّ الأول بين المدنيين والعسكر بإطاحة البرهان وحميدتي بحكومة حمدوك في تشرين أول/أكتوبر 2021، مع انتهاء المرحلة الانتقالية، المدعومة دوليا، والتي كان يجب أن تنقل السلطة كاملة إلى القوى المدنية، وبدأت بعد ذلك الخلافات والتوترات بين الشريكين السابقين وصولا إلى اندلاع المعارك في 15 نيسان/إبريل 2023 الماضي.
تسببت طاحونة القتل الدائرة منذ ذلك الوقت بمصرع عشرات آلاف المدنيين، وأدت إلى موجات من العنف العرقي وتسببت في أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم ودفعت مناطق عديدة إلى المجاعة كما أدت لأشكال من جرائم الحرب والانتهاكات والاغتصابات الجماعية المروّعة (التي كان الدعم السريع» الدور الأكبر فيها).
فتح الصراع العسكريّ، على السلطة وثروات البلاد، وخصوصا الذهب، المجال لتدخّلات القوى الإقليمية والدولية، وشمل ذلك الإمارات وتشاد وكينيا، التي تدعم «الدعم السريع» والسعودية، التي حاولت، مع الولايات المتحدة، رعاية اتفاق بين الطرفين (آب/أغسطس 2024) وكذلك مصر، التي تؤيد الجيش النظامي، كما دخلت إيران وروسيا (الطامحة في قاعدة بحرية على البحر الأحمر) على خط دعم الجيش بالأسلحة والمسيّرات.
تمركزت «الدعم السريع» منذ الأيام الأولى للمعارك في أحياء في العاصمة، كما أنها تسيطر على ولاية الجزيرة جنوبي الخرطوم، وتمكنت بحلول نهاية عام 2023 من إحكام سيطرتها على دارفور، فيما تقدم الجيش عام 2024 في أم درمان، إحدى المدن الثلاث التي تشكل العاصمة، لكن «الدعم» تقدمت لاحقا في ولايات سنار والنيل الأبيض والقضارف، وأسقطت مدينة المالحة مما يشدد الضغط على مدينة الفاشر مما يجعل تقدّمه في الوسط (العاصمة والجزيرة) مهددا.
تمثّل استعادة القصر الرئاسي، بهذا المعنى، انتصارا رمزيا يمكن للجيش استخدامه لتوسيع تقدمه ليتمكن من تحرير باقي الأحياء والوزارات في الخرطوم، إضافة إلى المطار الذي ما زال تحت سيطرة «الدعم السريع» لكنّ احتمال سقوط الفاشر بعد المالحة، إذا حصل، سيهدد أماكن سيطرة الجيش النظامي ومراكز إمداد قواته في الولايات التي لم تصلها الحرب، مما يهدد تقدمه الحالي في الوسط والعاصمة.
للأسباب الآنفة، ورغم التطوّرات الأخيرة، فإن إعلان بدء «العد التنازلي» للحرب، يبدو مبكرا، وفي ظل الانتكاسات المتكررة لكل محاولات التسوية التي رعتها دول عديدة، برزت مؤخرا تسريبات عن مفاوضات سرية بين الطرفين، مما يعكس، لو تأكدت، «توازن ضعف» بين طرفين، فضّلا تدمير السودان وإهلاك شعبه عبر الصراع الدموي، على العودة إلى ثكناتهم وتسليم السلطة للقوى المدنية.

نيسان ـ نشر في 2025-03-22 الساعة 10:55

الكلمات الأكثر بحثاً