اتصل بنا
 

حماس برا برا .. مظاهرات غزة المضادة

نيسان ـ نشر في 2025-03-26

x
نيسان ـ كتب المحرر السياسي:
أظهرت بعض القنوات الفضائية مسيرات محدودة في غزة تطالب بوقف الحرب، وبدت تلك المشاهد في إطار التحريض ضد الحركات المقاومة للعدوان الإسرائيلي على القطاع. وقد تداول الكثير من المعادين لفكرة المقاومة هذه المشاهد والأخبار فرحين بها، وأعادوا نشرها أو توسعوا في تحليل هذه الانعطافة في الموقف الشعبي، حسب وجهة نظرهم، من دون أن يتوقفوا للتدقيق في الأمر أو حتى ينظروا إليه من زاوية أخرى، خارج خندق التحريض ضد حركة حماس.
لكن الأمر يستحق بعض التدقيق، فليس هناك شعب في العالم يؤيد عن بكرة أبيه حروب بلاده ضد الآخرين، بغض النظر عن مدى شرعية تلك الحروب.
ففي كل البلدان تنشأ معارضة ضد الحرب، وهذا أمر متكرر يحدث في جميع الدول. لكن الأهم هنا أن تلك الجهات التي فرحت بهذه المشاهد يجب أن تدرك أن هذه الاحتجاجات تشير إلى أن ليس جميع سكان القطاع مقاتلين، وبالتالي لا يجوز أن تُشن ضدهم حرب إبادة شاملة.
نعم، هذا يعني أن هذه الاحتجاجات تدين أول ما تدين: حرب الإبادة الوحشية التي تنفذها القوات الإسرائيلية ضد القطاع، وبدعم معلن من الولايات المتحدة الأمريكية، التي نصبت نفسها حارسًا للقيم الإنسانية. فما ذنب الجرحى والمرضى في المستشفيات لتتطاير أشلاؤهم تحت تجارب أمريكا لأسلحتها الفتاكة في غزة؟ وما ذنب من لجأوا إلى المدارس والمساجد، أو من هربوا إلى العراء ولاذوا بخيامهم؟
ولكن لمن الشكوى؟ ومراكز القرار العالمية باتت تحت هيمنة عصابات التوحش والإجرام!
يجب أن نكون واضحين بأن هذه الاحتجاجات ليست ضد المقاومة أو حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه، بل هي ضد العنف غير المبرر الذي يعاني منه المدنيون في غزة. فحتى أولئك المسالمين يواجهون مأساة إنسانية حقيقية، حيث تتعرض حياة الأبرياء من النساء والأطفال والمسنين للخطر. فدعواتهم لوقف الحرب قد تكون تعبيرًا عن إحساس باليأس أو خوف من المزيد من الدماء، وليس بالضرورة رفضًا للمقاومة المشروعة. ولذلك، من الضروري أن نضع الأمور في سياقها الصحيح، فنحن بحاجة اليوم، إلى تحرك دولي جاد، يوقف آلة الحرب الإسرائيلية، ويوفر حلولًا سلمية تحفظ كرامة الإنسان وأمنه في غزة.
في السياق ذاته، يجب أن نتساءل عن دور المجتمع الدولي في إنهاء هذه المأساة المستمرة. فالقضية الفلسطينية ليست فقط قضية إنسانية بل أيضًا قضية سياسية معقدة، إذ أن قرار المجتمع الدولي تجاه هذه القضية لا يزال محكومًا بمصالح سياسية ضيقة. الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية تتحمل مسؤولية كبيرة في الضغط من أجل وقف التصعيد، ولكن في ظل حالة الانقسامات والاستقطابات السياسية العالمية، لا يبدو أن هناك إرادة حقيقية لوضع حد لهذا العنف المفرط. من الضروري أن تترجم الأصوات المناهضة للحرب، في كل العالم، إلى تحركات دبلوماسية حقيقية تؤدي إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.

نيسان ـ نشر في 2025-03-26

الكلمات الأكثر بحثاً