نساء غزة والأردن: النسوية المقاومة وتحطيم الهيمنات امام صمت النسوية الغربية و العربية التابعة
فراس عوض
كاتب
نيسان ـ نشر في 2025-03-28 الساعة 19:40
نيسان ـ الحوار المتمدن
في عمق الحروب التي لا تنتهي في غزة، تقف النساء كرموز للألم والصمود، لكنهن، في الوقت ذاته، يعانين من معركة لا تتعلق فقط بالاحتلال، بل بمعركة أكثر تعقيدًا في عالم مليء بالتفاوتات العنصرية والجنسانية والطبقية. فبينما تتهاوى الأبراج وتتحطم البيوت وتغرق الشوارع بالدماء، تحمل النساء عبئًا إضافيًا من اللامبالاة والتجاهل من القوى الغربية التي تدعي الدفاع عن حقوق النساء في جميع أنحاء العالم. لكن نساء غزة، اللائي يُنكر حقهن في الحياة، يعانين من شقاء مضاعف، شقاء لا يتعلق فقط بالقصف والدمار بل بالاحتقار الذي يطالهن من قبل العالم الذي يُفترض أن يقف إلى جانبهن.
في الحرب الأخيرة، تعرضت النساء الفلسطينيات في غزة لتجارب قاسية من التعذيب على يد جنود الاحتلال، وكان من بين هذه القوات مجندات إسرائيليات، وهو أمر يفتح جرحًا عميقًا في مسألة العنف الجنساني، حيث تصبح النساء مجرّد أدوات في آلة القتل التي تديرها السلطة الاستعمارية. تتعامل بعض المجندات مع النساء الفلسطينيات ليس فقط كأعداء بل كأدوات للاستخفاف والاعتداء، و يجسّد هذا العنف غير المبرر الصورة المريرة التي تتخذها النسوية في سياق ما بعد الاستعمار: كيف أن النساء اللواتي يُفترض أن يكن حاميات حقوق الجنس الآخر في العالم، يتحولن في لحظات كثيرة إلى أدوات للممارسة الاستعمارية والقمع.
ما يزيد من ألم هذا الواقع هو ما يراه العالم الغربي و غالبية النسوية العربية القابعة تحت عباءة الرأسمالية والاستعمار، الذين يعجزون عن التعاطف الحقيقي مع معاناة نساء غزة، النسويات الغربيات والنسويات المتصهينات من العربيات اللاتي يدعين الدفاع عن حقوق النساء حول العالم، كثيرًا ما يظلمن في تبريراتهن الصمت عن معاناة نساء العالم الثالث المختلفات ثقافيا وعرقيا ، ففي الوقت الذي يُستعرض فيه قضايا حقوق النساء في المجتمع الغربي، تُترك معاناة نساء غزة تحت ركام القصف والدمار دون حتى أن تلتفت إليهن العيون الغربية التي تدعي أن العالم يجب أن يكون موحدًا في الدفاع عن حقوق النساء، بينما لا يزال العنف موجهًا إليهن من كافة الاتجاهات، بل ان النسوية الغربية جزء من السلطة الاستعمارية والتي بدورها تمارس متعمدة اضطهاد نساء الشرق ونساء العالم الثالث، ويتناسين معاناتهن وعذاباتهن، إن الراي العام النسوي في العديد من البلدان العربية، رغم أنهن يعشن في ظروف مشابهة لنساء فلسطين، يظل صامتًا أمام هذا القمع.
بل إن بعض النساء العربيات يذهبن إلى حد دعم مواقف الدول الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، في صمتٍ لافتٍ لم يكن متوقعًا من الحركة النسوية العربية، كما أن بعض التصريحات التي أدلت بها نساء عربيات من داخل المنظمات النسوية كانت في صالح الاحتلال الإسرائيلي، وتكاد لا تذكر معاناة نساء غزة الحقيقية، بل إنها تروج لخطاب يتماشى مع الأيديولوجيات الإمبريالية التي تديرها القوى العظمى.
العنصرية ليست فقط في الفعل السياسي، بل في أيضا في الصمت المطبق الذي يخيم على النسوية الغربية واغلب العربية تجاه قضايا النساء في فلسطين بل وحتى الاوساط الاكاديمية النسوية في العالم، وفي اللحظة التي يُنظر فيها إلى نساء غزة على أنهن" محجبات "مضطهدات ""أخريات" "تقليديات ""متخلفات"،خارج المنظومة التحررية التي تروجها النسوية الغربية، يتجاهل العالم معاناتهن التي تتجاوز كل حد، يعاملن وكأنهن جزء من نمط تقليدي لا يواكب النموذج الغربي للنضال، في حين أنهن يقاومن الظلم والصمت بكل ما أوتين من قوة، بل أشد واصعب من مقاومة المجتمع الابوي.
الحديث عن فلسطين، وخاصة عن غزة، يعني في الكثير من الأحيان الحديث عن غياب العدالة الاجتماعية والحقوقية وتهديد للحرية العالمية، هذا الصمت النسوي، سواء كان من الغرب أو من الشرق، يعتبر خيانة فكرية وأخلاقية ضد النسوية نفسها، على الرغم من أن العديد من الناشطات النسويات في الغرب يقاتلن من أجل حقوق المرأة في كل أنحاء العالم، فإن هذا الموقف انتقائي بشكل عميق عندما يتعلق الأمر بنساء غزة البنيات المحجبات الكادحات!! ، اللواتي يعانين من الاحتلال والتدمير، متناسين معاناتهن من الذاكرة النسوية العالمية، وكأن حقوقهن ليست جزءًا من حقوق النساء عالميًا.
لكن إذا نظرنا إلى نموذج مقاومة نسوي آخر، مثل النضال النسوي الأردني، نجد أن هناك قفزة نوعية نحو التحرر الوطني والنسوي بعيدًا عن إملاءات الإمبريالية.
المناضلة الأردنية رولى الحروب هي واحدة من أبرز الأمثلة على المرأة الصلبة التي لم تنجح القوى الإمبريالية في تهديدها أو تحييدها، قد كانت دائمًا في الصفوف الأمامية، تبعث في الجماهير قوة جديدة وتُحَفِّز النساء للوقوف ضد التهديدات الكبيرة التي تحاول تفتيت الهوية الفلسطينية والعربية، إنها تجسيد لنسوية حقيقية تتجاوز الهويات السطحية، نسوية تتماشى مع مقاومة الاحتلال واستعادة الكرامة الإنسانية وتجسد بشكل حقيقي معنى نسوية ما بعد الاستعمار
ان النضال النسوي في الأردن لم يكن فقط معركتها ، كانت هناك نساء كثيرات في الحركة الإسلامية الأردنية وغيرهن من تبارات يسارية، مثل تلك التي نظمت الاعتصام ضد تصريحات رئيسة منظمة نسوية أردنية ضد المقاومة باتهامها لهم بقطع رؤوس الاطفال فردت عليها تلك التظاهرات والنسوة وتحديدا الاسلامية ، أولئك اللواتي قاومن كل أشكال الاستعمار الفكري والتأثيرات الغربية التي حاولت أن تتلاعب بالقيم الثقافية والسياسية في المنطقة و تتسلل للاوطان بعباءة حقوق الانسان ، كان الاعتصام الذي نظمته نساء غالبيتهن من الحركة الإسلامية ضد هذه التصريحات مثالًا حيًا على نسوية ما بعد الاستعمار التي ترفض الهيمنة الغربية وترفض أن تُستَغَل من قبل القوى المهيمنة، وتستبدل الإيديولوجيات المهيمنة بحقيقة معاناة النساء العربيات.
النضال النسوي العربي والاردني يجب أن يكون مرتبطًا بالحرية والتحرر الوطني، ونسوية ما بعد الاستعمار هي الإطار الذي يعكس هذه الرؤية، ففي النهاية، لا يمك
في عمق الحروب التي لا تنتهي في غزة، تقف النساء كرموز للألم والصمود، لكنهن، في الوقت ذاته، يعانين من معركة لا تتعلق فقط بالاحتلال، بل بمعركة أكثر تعقيدًا في عالم مليء بالتفاوتات العنصرية والجنسانية والطبقية. فبينما تتهاوى الأبراج وتتحطم البيوت وتغرق الشوارع بالدماء، تحمل النساء عبئًا إضافيًا من اللامبالاة والتجاهل من القوى الغربية التي تدعي الدفاع عن حقوق النساء في جميع أنحاء العالم. لكن نساء غزة، اللائي يُنكر حقهن في الحياة، يعانين من شقاء مضاعف، شقاء لا يتعلق فقط بالقصف والدمار بل بالاحتقار الذي يطالهن من قبل العالم الذي يُفترض أن يقف إلى جانبهن.
في الحرب الأخيرة، تعرضت النساء الفلسطينيات في غزة لتجارب قاسية من التعذيب على يد جنود الاحتلال، وكان من بين هذه القوات مجندات إسرائيليات، وهو أمر يفتح جرحًا عميقًا في مسألة العنف الجنساني، حيث تصبح النساء مجرّد أدوات في آلة القتل التي تديرها السلطة الاستعمارية. تتعامل بعض المجندات مع النساء الفلسطينيات ليس فقط كأعداء بل كأدوات للاستخفاف والاعتداء، و يجسّد هذا العنف غير المبرر الصورة المريرة التي تتخذها النسوية في سياق ما بعد الاستعمار: كيف أن النساء اللواتي يُفترض أن يكن حاميات حقوق الجنس الآخر في العالم، يتحولن في لحظات كثيرة إلى أدوات للممارسة الاستعمارية والقمع.
ما يزيد من ألم هذا الواقع هو ما يراه العالم الغربي و غالبية النسوية العربية القابعة تحت عباءة الرأسمالية والاستعمار، الذين يعجزون عن التعاطف الحقيقي مع معاناة نساء غزة، النسويات الغربيات والنسويات المتصهينات من العربيات اللاتي يدعين الدفاع عن حقوق النساء حول العالم، كثيرًا ما يظلمن في تبريراتهن الصمت عن معاناة نساء العالم الثالث المختلفات ثقافيا وعرقيا ، ففي الوقت الذي يُستعرض فيه قضايا حقوق النساء في المجتمع الغربي، تُترك معاناة نساء غزة تحت ركام القصف والدمار دون حتى أن تلتفت إليهن العيون الغربية التي تدعي أن العالم يجب أن يكون موحدًا في الدفاع عن حقوق النساء، بينما لا يزال العنف موجهًا إليهن من كافة الاتجاهات، بل ان النسوية الغربية جزء من السلطة الاستعمارية والتي بدورها تمارس متعمدة اضطهاد نساء الشرق ونساء العالم الثالث، ويتناسين معاناتهن وعذاباتهن، إن الراي العام النسوي في العديد من البلدان العربية، رغم أنهن يعشن في ظروف مشابهة لنساء فلسطين، يظل صامتًا أمام هذا القمع.
بل إن بعض النساء العربيات يذهبن إلى حد دعم مواقف الدول الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، في صمتٍ لافتٍ لم يكن متوقعًا من الحركة النسوية العربية، كما أن بعض التصريحات التي أدلت بها نساء عربيات من داخل المنظمات النسوية كانت في صالح الاحتلال الإسرائيلي، وتكاد لا تذكر معاناة نساء غزة الحقيقية، بل إنها تروج لخطاب يتماشى مع الأيديولوجيات الإمبريالية التي تديرها القوى العظمى.
العنصرية ليست فقط في الفعل السياسي، بل في أيضا في الصمت المطبق الذي يخيم على النسوية الغربية واغلب العربية تجاه قضايا النساء في فلسطين بل وحتى الاوساط الاكاديمية النسوية في العالم، وفي اللحظة التي يُنظر فيها إلى نساء غزة على أنهن" محجبات "مضطهدات ""أخريات" "تقليديات ""متخلفات"،خارج المنظومة التحررية التي تروجها النسوية الغربية، يتجاهل العالم معاناتهن التي تتجاوز كل حد، يعاملن وكأنهن جزء من نمط تقليدي لا يواكب النموذج الغربي للنضال، في حين أنهن يقاومن الظلم والصمت بكل ما أوتين من قوة، بل أشد واصعب من مقاومة المجتمع الابوي.
الحديث عن فلسطين، وخاصة عن غزة، يعني في الكثير من الأحيان الحديث عن غياب العدالة الاجتماعية والحقوقية وتهديد للحرية العالمية، هذا الصمت النسوي، سواء كان من الغرب أو من الشرق، يعتبر خيانة فكرية وأخلاقية ضد النسوية نفسها، على الرغم من أن العديد من الناشطات النسويات في الغرب يقاتلن من أجل حقوق المرأة في كل أنحاء العالم، فإن هذا الموقف انتقائي بشكل عميق عندما يتعلق الأمر بنساء غزة البنيات المحجبات الكادحات!! ، اللواتي يعانين من الاحتلال والتدمير، متناسين معاناتهن من الذاكرة النسوية العالمية، وكأن حقوقهن ليست جزءًا من حقوق النساء عالميًا.
لكن إذا نظرنا إلى نموذج مقاومة نسوي آخر، مثل النضال النسوي الأردني، نجد أن هناك قفزة نوعية نحو التحرر الوطني والنسوي بعيدًا عن إملاءات الإمبريالية.
المناضلة الأردنية رولى الحروب هي واحدة من أبرز الأمثلة على المرأة الصلبة التي لم تنجح القوى الإمبريالية في تهديدها أو تحييدها، قد كانت دائمًا في الصفوف الأمامية، تبعث في الجماهير قوة جديدة وتُحَفِّز النساء للوقوف ضد التهديدات الكبيرة التي تحاول تفتيت الهوية الفلسطينية والعربية، إنها تجسيد لنسوية حقيقية تتجاوز الهويات السطحية، نسوية تتماشى مع مقاومة الاحتلال واستعادة الكرامة الإنسانية وتجسد بشكل حقيقي معنى نسوية ما بعد الاستعمار
ان النضال النسوي في الأردن لم يكن فقط معركتها ، كانت هناك نساء كثيرات في الحركة الإسلامية الأردنية وغيرهن من تبارات يسارية، مثل تلك التي نظمت الاعتصام ضد تصريحات رئيسة منظمة نسوية أردنية ضد المقاومة باتهامها لهم بقطع رؤوس الاطفال فردت عليها تلك التظاهرات والنسوة وتحديدا الاسلامية ، أولئك اللواتي قاومن كل أشكال الاستعمار الفكري والتأثيرات الغربية التي حاولت أن تتلاعب بالقيم الثقافية والسياسية في المنطقة و تتسلل للاوطان بعباءة حقوق الانسان ، كان الاعتصام الذي نظمته نساء غالبيتهن من الحركة الإسلامية ضد هذه التصريحات مثالًا حيًا على نسوية ما بعد الاستعمار التي ترفض الهيمنة الغربية وترفض أن تُستَغَل من قبل القوى المهيمنة، وتستبدل الإيديولوجيات المهيمنة بحقيقة معاناة النساء العربيات.
النضال النسوي العربي والاردني يجب أن يكون مرتبطًا بالحرية والتحرر الوطني، ونسوية ما بعد الاستعمار هي الإطار الذي يعكس هذه الرؤية، ففي النهاية، لا يمك
نيسان ـ نشر في 2025-03-28 الساعة 19:40
رأي: فراس عوض كاتب