اتصل بنا
 

وهم النسوية المتطرفة..الطريق للوحدة

كاتب

نيسان ـ نشر في 2025-03-29 الساعة 01:57

نيسان ـ كان ذلك الوعد الذي حُفِر في قلب كل امرأةٍ تواقةٍ إلى التحرر، الوعد الذي يقول: "ستكونين أقوى بلا رجل، أسعد بلا أسرة، حرة بلا قيود." لكن كم من النساء تبعن هذا الوهم، ليجدن أنفسهن في نهاية المطاف في عتمة الوحدة، يسألن: "أين ذهبت تلك السعادة الموعودة؟"
في البداية، كانت الحكاية مغرية، صُورت الأسرة على أنها سجن، والأمومة قيد، والحب ضعف. قيل لها: "أنتِ لا تحتاجين إلى رجل، فالمجتمع ظلمكِ والأمومة عبءٌ يسرق عمركِ، وعملكِ هو مجدكِ الوحيد." فاندفعت المرأة خلف هذه الفكرة، تحمل راية الاستقلال، ترفض الحب لأنه يُقيد، والأسرة لأنها تُرهق، والرجل لأنه "عدوها التاريخي".
لكن، هل كان هذا حقًا الطريق نحو القوة؟ أم كان دربًا يُفضي إلى ضياع لا رجعة فيه؟
تمر السنوات، ويحين الوقت الذي تبدأ فيه النظرات في المرايا تتغير. تلك القوة التي تغنت بها أصبحت وهماً، لأن الحياة في نهاية المطاف ليست سباقًا على السلطة، بل بحثًا عن الأمان، والدفء، والانتماء. لكن أين الأسرة؟ أين الرجل الذي كان يمكن أن يكون شريكًا وسندًا؟ أين الطفل الذي كان يمكن أن يملأ البيت ضحكًا؟..تجد نفسها وحدها، تحمل حقيبة ممتلئة بالإنجازات، لكنها فارغة من المعنى الحقيقي للحياة. كم من امرأة نظرت إلى صورها القديمة وسألت نفسها: "ماذا جنيتُ من كل هذا؟".
لم تكن الخسارة فردية فقط، بل امتدت إلى المجتمع بأسره. المرأة التي قيل لها إنها لا تحتاج إلى الرجل، أصبحت ترى فيه خصمًا. والرجل الذي قيل له إنه مصدر القمع، بات خائفًا من الارتباط. لم تعد العلاقة بينهما قائمة على التكامل، بل على الصراع. أصبح الحب معركةً، والزواج ساحة شد وجذب، والأسرة مهددة بالانهيار قبل أن تبدأ. وفي هذا المناخ، نشأت أجيال تبحث عن الأمان في عالم يرفض فكرة الأسرة، لتصبح الطفولة ضحية، والبراءة مشوهة، والمجتمع كله في دوامة فقدان الهوية.
المرأة لم تُخلق لتكون محاربة في معركة وهمية ضد الرجل، بل خُلقت ليكون لها دورٌ نبيلٌ وعميق في بناء الحياة، مع رجل يحميها وتحميه، وأسرة تحتضنها. في نهاية الحكاية، بعد أن ينكشف الوهم، تعود المرأة إلى الحقيقة البسيطة، لكنها تدركها متأخرة: الحرية الحقيقية ليست في الهروب من الحب، بل في أن نعيشه بلا خوف.. ليست في رفض الرجل، بل في اختياره بإرادة صادقة.. ليست في محاربة الأسرة، بل في أن تكون لنا أسرة نعود إليها بعد كل معركة الحياة.
لكن، هل ستُدرك ذلك قبل فوات الأوان؟
وحين تدرك المرأة أنها خُدعت، يكون الوقت قد سرقها، وتكون الفرص قد تلاشت كحبات رمل تسربت من بين أصابعها دون أن تشعر. تنظر حولها فتجد نفسها وسط عالمٍ صاخب، لكنه فارغ، مليء بالإنجازات لكنها لا تجد من يشاركها فرحتها، محاطة بأضواء المدن لكنها لا تجد دفء البيت، غارقة في زحام العلاقات العابرة لكنها تفتقد الحب الحقيقي الذي يستند إليه القلب حين يرهقه الزمن.
تكتشف بعد فوات الأوان أن القوة لم تكن في التمرد على الفطرة، بل في التناغم معها، وأن الإنجاز الحقيقي ليس فقط في الألقاب والمسميات، بل في الحب الذي يملأ القلب، والطفل الذي يناديها "أمي"، والرجل الذي يقف بجانبها لا ضدها. كانت تبحث عن الحرية فوجدت الوحدة، كانت تطارد السعادة فوجدت الوهم، كانت تحلم بالاستقلال فاستيقظت على العزلة.
وتبدأ الأسئلة تطرق قلبها بقوة.. ماذا لو كنت قد اخترت الطريق الآخر؟ ماذا لو لم أصدق الأكاذيب؟ ماذا لو كنت أمًا بدلًا من أن أكون فردًا في مجتمع لا يبالي؟ لكن الأقدار لا تعيد نفسها، والزمن لا ينتظر أحدًا، هذه ليست مجرد قصة امرأة واحدة، بل قصةمئات آلاف النساء اللاتي خدعتهن الأيديولوجيات المتطرفة ، وجعلتهن يعتقدن أن السعادة في الهروب من الأسرة، والاستقلال في محاربة الرجل، والقوة في رفض الحب.
لكن الحقيقة كانت شيئًا آخر تمامًا...

نيسان ـ نشر في 2025-03-29 الساعة 01:57


رأي: فراس عوض كاتب

الكلمات الأكثر بحثاً