عودة الاستعمار وعودة المقاومة: هل يستمر التاريخ في تكرار نفسه؟
نيسان ـ نشر في 2025-03-29 الساعة 06:36
x
نيسان ـ بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، تم الإعلان عن "نهاية الاستعمار التقليدي"، لكن الحقيقة تشير إلى أن الاستعمار لم يختفِ بل أخذ أشكالًا جديدة. صحيح أن القوى الاستعمارية الأوروبية لم تعد تملك مستعمراتها القديمة بشكل مباشر، لكن العديد من الدول استمرت تحت هيمنة اقتصادية وسياسية لعدد من القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة، الصين، وروسيا. هذه الهيمنة لا تتم عبر الاحتلال العسكري المباشر كما في الماضي، بل من خلال شبكة معقدة من العلاقات الاقتصادية والسياسية حيث تتحكم القوى العظمى في الأسواق والموارد والمعرفة التقنية، مما يعزز قدرتها على التأثير في البلدان التي تُعتبر "دولًا تابعة".
الصراعات الراهنة مثل تلك التي تدور حول تايوان، أوكرانيا، والشرق الأوسط، تمثل بوضوح هذا النوع من الهيمنة الاقتصادية. فمثلاً، الصراع حول تايوان لا يقتصر على نزاع إقليمي، بل هو تجسيد لصراع بين القوى الرأسمالية الكبرى، حبث تسعى الصين لتوسيع نفوذها الاقتصادي في واحدة من أهم المناطق التجارية العالمية، بينما الولايات المتحدة، التي تسيطر على النظام المالي العالمي، تسعى للحفاظ على النظام الذي يضمن مصالحها الاقتصادية. أما في أوكرانيا، فإن النزاع يعكس التوسع الإمبريالي للولايات المتحدة وحلفائها على حساب روسيا، التي تصر على الدفاع عن مصالحها الاقتصادية والسياسية في شرق أوروبا. وفي الشرق الأوسط، نجد أن السيطرة على الموارد الطبيعية مثل النفط، والتحكم في الممرات التجارية الاستراتيجية، يعد حجر الزاوية في الصراع، حيث تلتقي مصالح الشركات الكبرى مع الدول العظمى.
في حين أن الاستعمار التقليدي كان يعتمد على الاحتلال العسكري واستغلال الموارد الطبيعية، فإن الاستعمار المعاصر يعتمد بشكل أساسي على الهيمنة الاقتصادية والعلاقات غير المتكافئة التي تفرزها العولمة، لا يدور الأمر اليوم حول استعمار عسكري مباشر، بل حول إعادة ترتيب النظام العالمي بما يخدم مصالح الطبقات السائدة في القوى الكبرى، من خلال؛ الهيمنة الاقتصادية عبر الشركات متعددة الجنسيات، السيطرة على الأسواق المالية، واستغلال العمالة الرخيصة في "دول العالم الثالث"، كلها تجسد هذا الشكل الجديد من الاستعمار، كما أن النظم الاقتصادية في هذه البلدان لا تخدم مصالح شعوبها بقدر ما تخدم الطبقات الحاكمة المحلية المتحالفة مع القوى الإمبريالية.
في مقابل هذا النظام العالمي الجديد، تستمر الحركات المقاومة في العديد من المناطق، مظهرة نضالًا مستمرًا ضد هيمنة النظام الرأسمالي العالمي، فحراكات الربيع العربي، والاحتجاجات في هونغ كونغ وإيران، تمثل نماذج لصراع الطبقات الشعبية ضد الأنظمة المتحالفة مع القوى الإمبريالية، على الرغم من أن هذه الحركات تعكس الرغبة بإنشاء منظومة أكثر عدالة من النظم القائمة على التبعية، فإنها غالبًا ما تواجه قمعًا عنيفًا من السلطات المحلية المدعومة من القوى الكبرى، مما يجعل مهمة الشعوب أكثر تعقيدًا.
إلا أن مقاومة اليوم لم تعد محصورة في الأشكال التقليدية مثل الكفاح المسلح والثورات فحسب، بل تشمل أساليب جديدة كالتظاهرات الشعبية، النضال السلمي، والمقاومة الإلكترونية، بالإضافة إلى حركات المقاطعة، والحركات المطالبة بالاصلاح المتدرج، تُستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لتنظيم هذه الحركات وتحشيد الدعم الدولي ضد السياسات الاقتصادية الجائرة، كما أصبحت الهجمات السيبرانية وفضائح التلاعب بالمعلومات أدوات مهمة في التصدي للهيمنة الرقمية التي تفرضها القوى العظمى.
مع ذلك، تواجه هذه الحركات تحديات هائلة، فالتكنولوجيا المتطورة للمراقبة، التدخلات العسكرية المباشرة، والتحكم في الاقتصاد العالمي، هي بعض الأدوات التي يستخدمها النظام الرأسمالي لحماية مصالحه. كما أن التواطؤ بين النخب الحاكمة المحلية والقوى الإمبريالية يزيد من صعوبة كسر حلقة الاستغلال التي تقع فيها الشعوب المستضعفة.
وفي هذا السياق، لا يمكن اعتبار الصراعات الحالية بمفهوم "العودة إلى الاستعمار" بالمعنى التقليدي، بل هي استمرار لهيمنة الطبقات الرأسمالية العالمية التي تفرض سلطتها عبر آليات غير مباشرة، سواء في أوكرانيا أو الشرق الأوسط أو غيرها من المناطق، تكشف هذه الصراعات عن توسع النظام الرأسمالي المستمر، الذي يعتمد على السيطرة الاقتصادية والتكنولوجية بدلاً من الاحتلال العسكري المباشر.
ورغم هذه التحديات، تظل الحركات المقاومة قادرة على التنظيم وخل أشكال جديدة للنضال ضد القوى العظمى، ومع تطور أدوات هذه الحركات وتنويعها، تبقى مقاومة الشعوب تواجه التهديدات تلو التهديدات من القوة الاقتصادية والعسكرية لهذه القوى، لكن، وكما يعلمنا التاريخ، فإن الصراع الطبقي، سواء على المستوى المحلي أو العالمي، لا ينتهي، بل يعيد إنتاج نفسه بأشكال جديدة في ظل استمرار استغلال الطبقات الضعيفة.
الصراعات الراهنة مثل تلك التي تدور حول تايوان، أوكرانيا، والشرق الأوسط، تمثل بوضوح هذا النوع من الهيمنة الاقتصادية. فمثلاً، الصراع حول تايوان لا يقتصر على نزاع إقليمي، بل هو تجسيد لصراع بين القوى الرأسمالية الكبرى، حبث تسعى الصين لتوسيع نفوذها الاقتصادي في واحدة من أهم المناطق التجارية العالمية، بينما الولايات المتحدة، التي تسيطر على النظام المالي العالمي، تسعى للحفاظ على النظام الذي يضمن مصالحها الاقتصادية. أما في أوكرانيا، فإن النزاع يعكس التوسع الإمبريالي للولايات المتحدة وحلفائها على حساب روسيا، التي تصر على الدفاع عن مصالحها الاقتصادية والسياسية في شرق أوروبا. وفي الشرق الأوسط، نجد أن السيطرة على الموارد الطبيعية مثل النفط، والتحكم في الممرات التجارية الاستراتيجية، يعد حجر الزاوية في الصراع، حيث تلتقي مصالح الشركات الكبرى مع الدول العظمى.
في حين أن الاستعمار التقليدي كان يعتمد على الاحتلال العسكري واستغلال الموارد الطبيعية، فإن الاستعمار المعاصر يعتمد بشكل أساسي على الهيمنة الاقتصادية والعلاقات غير المتكافئة التي تفرزها العولمة، لا يدور الأمر اليوم حول استعمار عسكري مباشر، بل حول إعادة ترتيب النظام العالمي بما يخدم مصالح الطبقات السائدة في القوى الكبرى، من خلال؛ الهيمنة الاقتصادية عبر الشركات متعددة الجنسيات، السيطرة على الأسواق المالية، واستغلال العمالة الرخيصة في "دول العالم الثالث"، كلها تجسد هذا الشكل الجديد من الاستعمار، كما أن النظم الاقتصادية في هذه البلدان لا تخدم مصالح شعوبها بقدر ما تخدم الطبقات الحاكمة المحلية المتحالفة مع القوى الإمبريالية.
في مقابل هذا النظام العالمي الجديد، تستمر الحركات المقاومة في العديد من المناطق، مظهرة نضالًا مستمرًا ضد هيمنة النظام الرأسمالي العالمي، فحراكات الربيع العربي، والاحتجاجات في هونغ كونغ وإيران، تمثل نماذج لصراع الطبقات الشعبية ضد الأنظمة المتحالفة مع القوى الإمبريالية، على الرغم من أن هذه الحركات تعكس الرغبة بإنشاء منظومة أكثر عدالة من النظم القائمة على التبعية، فإنها غالبًا ما تواجه قمعًا عنيفًا من السلطات المحلية المدعومة من القوى الكبرى، مما يجعل مهمة الشعوب أكثر تعقيدًا.
إلا أن مقاومة اليوم لم تعد محصورة في الأشكال التقليدية مثل الكفاح المسلح والثورات فحسب، بل تشمل أساليب جديدة كالتظاهرات الشعبية، النضال السلمي، والمقاومة الإلكترونية، بالإضافة إلى حركات المقاطعة، والحركات المطالبة بالاصلاح المتدرج، تُستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لتنظيم هذه الحركات وتحشيد الدعم الدولي ضد السياسات الاقتصادية الجائرة، كما أصبحت الهجمات السيبرانية وفضائح التلاعب بالمعلومات أدوات مهمة في التصدي للهيمنة الرقمية التي تفرضها القوى العظمى.
مع ذلك، تواجه هذه الحركات تحديات هائلة، فالتكنولوجيا المتطورة للمراقبة، التدخلات العسكرية المباشرة، والتحكم في الاقتصاد العالمي، هي بعض الأدوات التي يستخدمها النظام الرأسمالي لحماية مصالحه. كما أن التواطؤ بين النخب الحاكمة المحلية والقوى الإمبريالية يزيد من صعوبة كسر حلقة الاستغلال التي تقع فيها الشعوب المستضعفة.
وفي هذا السياق، لا يمكن اعتبار الصراعات الحالية بمفهوم "العودة إلى الاستعمار" بالمعنى التقليدي، بل هي استمرار لهيمنة الطبقات الرأسمالية العالمية التي تفرض سلطتها عبر آليات غير مباشرة، سواء في أوكرانيا أو الشرق الأوسط أو غيرها من المناطق، تكشف هذه الصراعات عن توسع النظام الرأسمالي المستمر، الذي يعتمد على السيطرة الاقتصادية والتكنولوجية بدلاً من الاحتلال العسكري المباشر.
ورغم هذه التحديات، تظل الحركات المقاومة قادرة على التنظيم وخل أشكال جديدة للنضال ضد القوى العظمى، ومع تطور أدوات هذه الحركات وتنويعها، تبقى مقاومة الشعوب تواجه التهديدات تلو التهديدات من القوة الاقتصادية والعسكرية لهذه القوى، لكن، وكما يعلمنا التاريخ، فإن الصراع الطبقي، سواء على المستوى المحلي أو العالمي، لا ينتهي، بل يعيد إنتاج نفسه بأشكال جديدة في ظل استمرار استغلال الطبقات الضعيفة.